يسعى المسؤولون
العراقيون إلى إقامة عدد من النشاطات والفعاليات المختلفة، مع توجيه دعوات الى وفود من مختلف دول العالم للحضور إلى
بغداد، من أجل اثبات نظرية "العاصمة المؤمّنة تماماً" من أي "تهديد إرهابي"، غير أن آخر هذه الفعاليات أثبت فشل هذا التوجه، حين فشل مهرجان بغداد السينمائي في استقطاب أي شخص أو وفد أجنبي.
وأكد مصدر في مكتب وزير الثقافة المنتهية ولايته، سعدون الدليمي، أن توجيهات شفهية صادرة من مجلس الوزراء العراقي حثت على تنظيم أكبر قدر من
المهرجانات، مع الحرص على توجيه الدعوات للشخصيات الأجنبية على وجه الخصوص لإثبات فكرة "العاصمة المؤمنة تماماً" من تهديدات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وتابع المصدر الذي رفض ذكر اسمه كونه غير مخول بالتصريحات الإعلامية، أن التوجيهات تقضي باستحداث فعاليات جديدة وتسريع مواعيد إقامة الفعاليات التقليدية التي تقام سنوياً، ومنها مهرجان بغداد السينمائي ومعرض بغداد الدولي المخصص للشركات الصناعية والتجارية الدولية، مع الحرص على استقطاب أكبر عدد من الوفود الأجنبية.
وأضاف في تصريح خاص لـ"عربي 21"؛ أن خيبة أمل كبيرة تسود الفريق المكلف بالإشراف على مهرجان بغداد السينمائي بعد فشله في استقطاب أي وفد أو شخص أجنبي للحضور الى العاصمة العراقية، بالرغم من أن حملة الدعاية التي سبقت المهرجان قد تحدثت عن أن أكثر من 45 دولة عربية وأجنبية ستشارك ضمن فعالياته. وكشف المصدر عن خلافات كبيرة تدور بين مجلس الوزراء الذي موّل المهرجان و"المؤسسة العراقية لتنمية السينما والثقافة" التي أشرفت على التنظيم والإدارة.
إلى ذلك، ذكر مخرج عراقي شاب يعيش في العاصمة الهولندية؛ أن جميع العاملين في المهرجان السنمائي كانوا أشخاصا بعيدين جدا عن التخصص، وعملوا بشكل مستعجل وبدعاية وهمية، منوهاً الى أن الكتيب التعريفي زعم أن المهرجان يضم 750 فيلماً مختلفا، وهو رقم لم يصل إليه أي مهرجان في العالم، وهو دليل واضح على "الكذب والفساد" الذي مارسه القائمون عليه، حسب تقديره.
من جهته، قال المخرج أحمد الهاشمي في تصريح لـ"عربي21"؛ إن المهرجان كان يمثل نوعا من الدعاية السياسية، وأن شركات
العلاقات العامة سعت لاستقطاب وفود أجنبية أو حتى شخصيات غير معروفة عبر وعود بالتكفل بجميع مصاريف السفر ومنحهم مكافئات وهدايا، ولكن الأمر فشل تماماً بسبب تحذيرات أغلب السفارات الأجنبية في العاصمة العراقية لمواطنيها من خطورة السفر إلى بغداد.
واعتبر الهاشمي أن القطاع الثقافي هو واحد من أكبر مجالات الفساد المالي والإداري في الدولة العراقية، وذلك عبر الإنفاق الباذخ على الفعاليات "الوهمية" حسب وصفه، مشيراً على سبيل المثال إلى أن مهرجان "بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013" كلف الخزينة العراقية مبلغ 500 مليون دولار ذهب معظمه إلى فعاليات وهمية وأخرى لم تر النور، ومنها أحد الأفلام السينمائية الذي أنتج بميزانية مليار و250 مليون دينار عراقي ولم يتم عرضه إلى الآن.
من جهته، أكد إيهاب الأعرجي، مدير شركة علاقات عامة عاملة في بغداد، أن أغلب الوزارات العراقية الراغبة في عمل مهرجان أو فعالية تلجأ إليهم لتأمين أكبر قدر من الوفود والشخصيات الأجنبية بالدرجة الأولى، وبعدها من دول الخليج، بغرض إنجاح فعالياتهم إعلامياً، مستدركاً بأن الموضوع بات يشكل صعوبة بالغة مع امتناع أغلب الجهات عن الحضور إلى بغداد.
وأوضح الأعرجي في تصريح خاص أن "الجهات الأجنبية التي نتعامل معهم تشترط أن يكون المهرجان أو الفعالية في إقليم كردستان من أجل تلبية دعوة الحضور"، مشيراً بسخرية إلى أن إحدى المؤسسات العراقية طالبته بتأمين أي شخصيات أجنبية من أجل إكمال "الديكور البشري" لمؤتمر علمي أعلنت انه سيكون بحضور عالمي ودعت إليه وزير التعليم العالي والبحث العلمي.