تحدثت مجلة "إيكونوميست" البريطانية عن النظام القضائي
المصري. وتساءلت، في عددها الأخير، هل أصبح هذا النظام مجموعة من التناقضات؟
وتقول المجلة إن الأرقام تحكي جزءا من القصة. ففي 29 تشرين الثاني/ نوفمبر برأ القاضي الرئيس السابق حسني
مبارك، وسبعة من قادة الأمن من تهم قتل 239 متظاهرا، قتلوا أثناء الاحتجاجات، التي قادت للإطاحة بمبارك. وجاءت البراءة لسلسلة من قائمة المسؤولين المبتهجين، ممن تجنبت المحاكم توجيه اللوم لهم بمقتل 2.000 مدني منذ ثورة كانون الثاني/ يناير 2011.
ويشير التقرير إلى أنه بعد أيام من التبرئة حكم قاض آخر على 188 شخصا بالإعدام بتهمة قتل 14 من رجال الشرطة، ما يرفع عدد من حكم عليهم بالإعدام إلى 1.000 شخص ممن اتهموا بجرائم سياسية هذا العام (مع أن الكثير من الأحكام خففت).
وتبين المجلة أنه رغم أنه لم ينفذ أي حكم بالإعدام ويمكن تقديم استئناف في الحالتين، فالجريمتان ليستا متساويتين؛ فالأربعة عشر شرطيا قتلوا على يد المتظاهرين وبقذائف صاروخية ورشاشات ومناجل عندما تمت مداهمة مركز شرطة في قرية. وبالمقارنة فمن الصعوبة بمكان تحديد التسلسل الإداري والجهة المسؤولة عن قتل المتظاهرين، وربط المسؤولين بالقتل الأوسع الذي ارتكبته قوات الشرطة.
ويجد التقرير أن التفاوت في الأحكام يوضح المشهد أكثر من الأرقام؛ ففي عدد من الحالات التي تتعلق بمسؤولي الحكومة قام القضاة برفض أو تجاهل أدلة مقنعة ومدينة لهم، فيما قامت نيابة الدولة بتقديم حالة قانونية واهية. فلا يزال مبارك في السجن؛ لأنه قام بتحويل أموال الدولة، 20 مليون دولار منها، لتحسين القصور الرئاسية الخاصة. أما وزير داخليته، الذي أشرف على نظام واسع من التعذيب وغيره من الممارسات التي ارتكبتها الشرطة، حكم عليه في قضية تحايل تتعلق برخص سيارات شرطة.
ويلفت التقرير إلى أنه في الوقت نفسه يقبع في السجون مئات من مؤيدي الإخوان المسلمين، الجماعة المحظورة بعد انقلاب تموز/ يوليو 2013، وينتظرون منذ أكثر من عام المحاكمة. كما حكم على عدد من الناشطين العلمانيين؛ بسبب تظاهرهم السلمي. والقاضي الذي حكم على 188 بالإعدام هو نفسه الذي أصدر أحكام السجن ضد صحافيي قناة الجزيرة القطرية، حيث لاحظ المراقبون غياب الأدلة القوية التي تدينهم بجرائم.
وتختم المجلة تقريرها بالإشارة إلى أنه بالنسبة للكثير من المصريين فهذا العدل مصمم لمعاقبة من يتجرأ على تحدي الدولة، وتعزيز الحصانة التي يتمتع بها المسؤولون في عهد مبارك. فقد ذهب قاضي الرئيس السابق أبعد من هذا عندما أثنى في تقريره المكون من 2.400 صفحة على قوى الأمن، وحمّل مسؤولية قتل المتظاهرين في عام 2011 لمؤامرة صهيونية وإخوانية "الإخوان المسلمين".