تعد
بريطانيا ضمن أكثر من خمسين دولة أسهمت في دعم أساليب
التعذيب التي مارستها
الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه"، ومن المنتظر الكشف عنها في وقت لاحق من هذا اليوم في تقرير من 6.200 صفحة.
وتقول صحيفة "الغارديان" البريطانية إن معركة تدور بين مدير الاستخبارات الأميركية جون برينان والكونغرس، حول التقرير الذي يعد منذ 6 سنوات، ويكشف عن الأساليب المقززة التي استخدمتها الاستخبارات الأميركية، في ما يعرف بالحرب على الإرهاب من أجل انتزاع اعترافات من معتقلي تنظيم القاعدة.
وتشير الصحيفة إلى أن الكونغرس سينشر ملخصا للتقرير، لا يتجاوز الـ 4.80 صفحة، وفيه يكشف عن شبكة
السجون السرية، التي أدارت فيها الولايات المتحدة حربها السرية على الإرهاب، وهي السجون التي عرفت بالسجون السوداء، التي أسهمت فيها دول عربية ومن شرق أوروبا، ونقل إليها المعتقلون الذين مورست عليهم أساليب تعذيب ممنوعة في القانون الأميركي.
وتبين "الغارديان" أنه تحسبا للتقرير أعلنت الولايات المتحدة حالة التأهب العام حول سفاراتها في العالم؛ تحسبا لردود فعل غاضبة، فيما يعارض مسؤولون أميركيون نشر التقرير في وقت تخوض فيه الولايات المتحدة حربا ضد تنظيم الدولة الإسلامية في كل من العراق وسوريا.
وتجد الصحيفة أن بريطانيا من الدول التي سيهمها ما يحتوي عليه التقرير، حيث سيكشف التحقيق الكثير من الحقائق المقلقة عما يعرف بالترحيل القسري للسجناء، الذي طبقته الولايات المتحدة في مرحلة ما بعد هجمات 11 / 9.
وتوضح أنه بعد ستة أعوام من فحص الأدلة الذي قامت به لجنة الاستخبارات في الكونغرس، فستقوم اليوم بنشر ملخص يصور الطريقة التي أساءت فيها المخابرات الأميركية معاملة السجناء من القاعدة في سجون سرية، توزعت على أوروبا وآسيا والشرق الأوسط.
وتوصل تقرير غير رسمي، نشر العام الماضي، إلى مشاركة 54 دولة منها 25 أوروبية في برنامج التحقيق السري.
ويلفت تقرير الصحيفة إلى أن لجنة الأمن في الكونغرس اتفقت مع "سي آي إيه" على حذف عدد من المعلومات. واستطاعت رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي دايان فينشتاين الحصول على نصر من خلال الحفاظ على المعلومات المتعلقة بنشاطات الحلفاء في ممارسات التعذيب والتحقيق، كما هي في التقرير. وفي الوقت الذي سيتم فيه تقديم تفاصيل عن النشاطات التي قامت بها هذه الدول، إلا أنه من المتوقع أن تظل هويتها مجهولة.
وتقول "الغارديان" إن بريطانيا التي رفضت فتح تحقيق رسمي في الدور الذي لعبته وكالاتها الأمنية في الحرب الدولية على الإرهاب، التي شملت الخطف والتعذيب ، لديها الكثير من أسباب القلق من ناحية المواد التي حققت فيها اللجنة عن الدور البريطاني.
وتضيف أنه في عام 2004 شاركت بريطانيا في عمليتي نقل قسري إلى جانب المخابرات الأميركية، لنقل ليبيين اختطفا مع زوجتيهما وأبنائهما وكانت أعمارهم تتراوح ما بين 6- 12 عاما، حيث نقلوا قسرا إلى سجون العقيد معمر القذافي. وتقول واحدة من الزوجتين، التي كانت حاملا في حينه إنه تم ربطها بالشريط اللاصق من رأسها إلى قدميها على حمالة ولمدة 17 ساعة.
وتؤكد الصحيفة أن المحققين البريطانيين شاركوا في التحقيق مع معتقلين اعتقلوا في سجن غوانتانامو وقاعدة باغرام الجوية، على الرغم من معرفتهم أن هؤلاء السجناء تعرضوا لمعاملة سيئة. وقدمت بريطانيا مساعدات لوجيستية لعمليات النقل القسري، حيث توقفت الطائرات التي كانت تحمل المعتقلين في المطارات البريطانية للتزود بالوقود. وتم نقل معتقلين على الأقل إلى جزيرة ديغيو غارسيا، التي تعد أرضا بريطانية.
وتذكر الصحيفة أن الدور البريطاني في برنامج الترحيل القسري لا يزال غير واضح. ففي العام الماضي قامت الحكومة البريطانية بوقف تحقيق رسمي، ولكن ليس قبل أن يتساءل قاض عن 27 قضية تتعلق بالدور البريطاني في عمليات النقل الإجباري وإساءة معاملة المعتقلين.
وتتابع أنه في عام 2007 توصلت لجنة برلمانية إلى عدم تواطؤ بريطانيا في عمليات النقل الإجباري، وهو تحقيق ناقضه قرار صدر عن المحكمة العليا في العام التالي.
ويظهر التقرير أنه في الوقت نفسه هناك تحقيق تقوم به الشرطة البريطانية حول عمليات الترحيل لليبيا، والتي عرفت باسم "عملية ليد"، ويقوم المحققون بدراسة الأدلة.
وتشير الصحيفة إلى أنه أثناء قيام لجنة الاستخبارات في الكونغرس بإعداد تقريرها التقى السفير البريطاني في واشنطن سير بيتر ويستماكوت بلقاء فينشتاين وغيرها من أعضاء اللجنة أكثر من إحدى عشرة مرة، وخلال عامين عقد سلفه عددا من اللقاءات المماثلة مع المسؤولين في اللجنة، ولم تكشف وزارة الخارجية البريطانية عما جرى في اللقاءات.
وكان وزير الخارجية السابق ويليام هيغ قد تحدث في تموز/ يوليو الماضي عن قلق الحكومة البريطانية من محتويات التقرير. وتوقع هيغ من لجنة التحقيق مراقبة ما يطلق عليها "مبادئ التحكم"، التي تسمح لبريطانيا التأكد من عدم نشر مواد مررتها المخابرات البريطانية للأميركيين، بحسب الصحيفة.
وتبرز الصحيفة أنه في رسالة أرسلها هيغ لمؤسسة "ريبريف"، التي تتابع شؤون السجناء البريطانيين في الخارج، قال: "لم تحاول الحكومة البريطانية التأثير على تقرير لجنة الكونغرس". مضيفا "قمنا بتقديم طلبات كي نتأكد من اتباع الإجراءات المعروفة في حالة يتم فيها الكشف عن المواد التي قدمتها بريطانيا للجنة الكونغرس".
وتفيد "الغارديان" أنه ليست بريطانيا الدولة الوحيدة التي تنتظر صدور التقرير. ففي الأسبوع الماضي حذر جون كيري، وزير الخارجية الأميركية فينشتاين من نشر التقرير، وأنه قد يؤدي لعنف يعرض حياة الأميركيين للخطر، خاصة من في يد الجماعات الإرهابية، وذلك في مكالمة هاتفية قام بها بعد لقائه مع وزير الخارجية البولندي الجديد.
وتكشف الصحيفة أنه في تموز/يوليو توصلت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى أن الحكومة البولندية سمحت للمخابرات الأميركية بفتح سجن سري "كيجيكوتي" في شمال البلاد، الذي احتجز وعذب فيه أشخاص اشتبه بعلاقتهم بالإرهاب.
وتختم الصحيفة بالإشارة إلى أنه كشفت مرافعات المحكمة عن تورط كل من إيطاليا والسويد ومقدونيا ببرنامج ترحيل المعتقلين، فيما تواجه كل من رومانيا وليتوانيا اتهامات أمام المحكمة الأوروبية.