تقول مجلة "فورين بوليسي" إنه قبل أحد عشر عاما وعندما كانت الولايات المتحدة تخطط لغزو
العراق والإطاحة بصدام حسين، تحدث الجنرال ديفيد بترايوس للصحافيين قائلا: "أخبروني كيف سينتهي هذا كله؟"، وبعد أن أنفقت الولايات المتحدة مليارات الدولارات هناك، يعود الجنود الأمريكيون مرة أخرى وبأعداد كبيرة إلى العراق، ولكن السؤال لا يزال يتردد صداه.
ويشير التقرير إلى أن قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما لسحب القوات الأمريكية من العراق عام 2011، جاء بعد فشله في توقيع اتفاقية أمنية مع الحكومة العراقية، التي ألغيت عندما قرر الرئيس إرسال 3100 جندي لتدريب الجيش العراقي، حتى يكون قادرا على مواجهة
الدولة الإسلامية. ولكن حتى لو استطاع الجيش العراقي هزيمة الدولة ومنع انهيار العراق وتقسيمه بناء على الخطوط الطائفية فأمريكا بحاجة لحضور طويل فيه.
ونقلت "فورين بوليسي" عن جيمس جيفري السفير الأمريكي السابق قوله: "لا يمكنك تحقيق هدف استقرار العراق وهزيمة الدولة الإسلامية بشكل دائم دون حضور أمريكي طويل الأمد"، متسائلا: "هل يدعم
السنة والأكراد حكومة في بغداد يسيطر عليها
الشيعة، وبطريقة غير مباشرة إيران.. حتى وإن كان للأمريكيين حضور؟".
ودعا جيفري إلى إنشاء قوة حفظ سلام، تقودها الأمم المتحدة، وتلقى دعما عسكريا من الولايات المتحدة، ما يعني قوة أمريكية متواضعة تبقى في العراق وتنسحب بشكل تدريجي عندما تتم هزيمة الدولة الإسلامية، وفق المجلة.
ويلفت التقرير إلى وجود ألفي جندي أمريكي يقومون بتدريب القوات العراقية لقتال الدولة الإسلامية على الأرض، رغم قيام الطائرات الأمريكية بعشرات الغارات، التي أدت لتحقيق نجاح عندما أوقفت تقدم قوات الدولة الإسلامية.
وتبين المجلة أنه لن يتم البدء بعملية عسكرية واسعة قبل عدة أشهر، لكن الخبراء الأمريكيين يقولون إن على واشنطن تجنب ارتكاب الأخطاء التي ارتكبتها بالانسحاب عام 2011، وهو ما سمح لإيران بالتسيد والتفرد بالهيمنة على العراق وتهميش السنة، وهو ما قاد لولادة الدولة الإسلامية، ومن هنا فإن على الولايات المتحدة التخطيط لما بعد هزيمة الدولة الإسلامية، أو احتواء خطرها بطريقة كافية.
ويفيد التقرير بأن من الخيارات التي تجد قبولا ودعما بين المخططين الاستراتيجيين إرسال قوة حفظ سلام دولية من أجل الحفاظ على المناطق السنية والكردية والشيعية، ومنع تشرذم العراق بناء على التقسيم الطائفي والعرقي.
وتوضح المجلة أن الرئيس أوباما منح القوات الأمريكية دورا كبيرا لقتال الدولة الإسلامية إلى جانب قوات البيشمركة والقوات السنية، وقدم لهاتين القوتين "بعض الضمانات من أننا سنظل هنا ولأمد طويل"، بحسب جيفري، الذي قال إنه لو استعد السنة والأكراد لقتال الدولة الإسلامية فإنهم "قد تغريهم الأمور السابقة نفسها، فالأكراد سيندفعون للعمل من أجل الاستقلال، فيما يتبنى السنة جماعة جهادية أخرى".
ويذكر التقرير أنه يوجد الآن 2140 جنديا في العراق، فيما سيصل الباقي في الأسابيع المقبلة، بحسب المتحدث باسم البنتاغون، ليصبح العدد 3100 جندي ومستشار. ومن بين هؤلاء 800 لحماية السفارة الأمريكية في بغداد والمسؤولين الأمريكيين العاملين في العراق، أما الباقون فسيقومون بتدريب القوات العراقية. وتتمركز قوة صغيرة من وحدات المارينز (20 جنديا) في قاعدة الأسد الجوية في محافظة الأنبار.
وتشير المجلة إلى أن العشائر العراقية، التي تحاول الولايات المتحدة إغراءها بقتال الدولة الإسلامية، ساهمت في ما عرف بالصحوات، التي أسهمت بهزيمة القاعدة في عام 2007- 2008، ولكن حكومة نوري المالكي الطائفية لاحقتهم ومنعت عنهم الرواتب، وكانت سياسات المالكي سببا في ظهور الدولة الإسلامية.
وتعرض المجلة لرأي أنتوني كوردسمان، الباحث في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، الذي يقول إنه حتى لو هزم أو أضعف تنظيم الدولة الإسلامية، فالنتيجة ستظل محدودة "إلا إذا عملت الولايات المتحدة مع بقية الفصائل العراقية وحلفائها لبناء إطار يتعاون من خلاله السنة والشيعة والأكراد"، مضيفا أن "هذا ليس واضحا".
ويعتقد جيفري أن تعايش الجماعات المختلفة ضروري من أجل منع "حركة إسلامية قومية من بناء موطئ قدم لها"، حيث كتب في مقال له الشهر الماضي أن العراق، وإن سمح للأكراد في الشمال بنوع من الحكم الذاتي، إلا أن السماح للسنة بالشيء ذاته يحتاج إلى تغير في الثقافة الداخلية وضمانات دولية وقوة مراقبة دولية.
ويكشف التقرير أن وزارة الخارجية قالت إن الحديث عن قوة دولية ليس مطروحا في الوقت الحالي. وتشارك في التحالف الدولي عدد من الدول العربية، منها السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة والأردن ومصر.
وتخلص المجلة إلى أنه رغم نظرة الدول العربية السنية للدولة الإسلامية بأنها تهديد لها، إلا أنها لا تثق بالحكومة التي يتسيدها الشيعة في بغداد وتتأثر بإيران، حسب ما يقول كوردسمان.