رصد الكاتب الإسرائيلي آشر شختر تغيرا في المزاج الأوروبي، إزاء تعاملها مع
المسلمين في ما يتعلق بتسهيلات هجرتهم من الشرق الأوسط إلى أوروبا بسبب الأزمات القائمة فيها، خاصة في أعقاب الهجوم الأخير في باريس.
وقال شختر بمقالته في صحيفة "هآرتس"، إن المهاجرين المسلمين أصبحوا يشكلون تهديدا لدول أوروبا على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأكد الكاتب أن أوروبا ـ بعد حادث شارلي إيبدو ـ بصدد تغيير سياساتها المتعلقة بقبول المهاجرين واستيعابهم، وخاصة المسلمين منهم.
وشدد شختر على أن تزايد مستويات
هجرة المسلمين سيدفع أوروبا إلى التطرف وانتصار أحزاب اليمين المتطرف فيها.
ونوه إلى أن السياسات الأوروبية تجاه طالبي اللجوء تغيرت في السنوات الأخيرة على خلفية الموجة المتزايدة لكره الإسلام وزيادة قوة الأحزاب اليمينية المتطرفة التي نقشت على رايتها كراهية الأجانب، والتي تضغط على السياسيين المعتدلين وتدفعهم إلى التعامل مع مخاوفها ومخاوف ناخبيهم.
وإضافة إلى ذلك قال الكاتب، إن الاقتصاد الأوروبي يعاني من المشكلات ويصعب على الدول الأوروبية قبول طالبي اللجوء كما عملت في السنوات العشر السابقة للأزمة.
ونوه الكاتب إلى أن بلغاريا، الرازحة تحت عبء اللاجئين السوريين المتدفقين إليها منذ سنوات عبر تركيا، اضطرت خلال هذا الأسبوع إلى إعادة قبول أكثر من ثلاثة آلاف لاجئ غادروا أراضيها وحاولوا دخول دول أوروبية أخرى.
وقال الكاتب إن دول أوروبا في السنوات الأخيرة شددت من سياسات الهجرة إليها، إلى درجة أن منظمات حقوق الإنسان بدأت تنعت سياسات الهجرة لهذه الدول بـ"حصن أوروبا"، وهو مصطلح استخدمه النازيون في وصف دول أوروبا المحتلة التي بنت على شواطئها جدارا بديلا لمنع دخول دول الحلفاء.
وأضاف أنه في شهر تموز، نشرت منظمة حقوق الإنسان "إمنستي إنترناشيونال" تقريرا تحت عنوان "الثمن الإنساني للحصن الأوروبي" انتقدت من خلاله الرد الأوروبي على موجة اللاجئين التي تحاول الوصول إلى أوروبا ومحاولات منعهم من الدخول.
وبحسب كاتب التقرير، فإن المنظمة تدعي أن دول أوروبا استثمرت في السنوات الأخيرة في بناء الجدران وتكنولوجيا المتابعة وقوات الشرطة ومنشآت الاعتقال، من أجل بناء حصن غير قابل للاختراق ومعد لإبقاء المهاجرين في الخارج.
وأكد أن نجاح تلك الخطوات في كبح دخول طالبي اللجوء هو أمر مشكوك فيه كما تقول "إمنستي". والثمن الإنساني مقابل ذلك لم يتم أخذه بعين الاعتبار.
ونوه إلى أنه إذا كانت دول مثل إسبانيا قد قبلت بسياسات هجرة ليبرالية أدت إلى موجة هجرة كبيرة في سنوات ما قبل الأزمة الاقتصادية، فإنها اليوم تخشى من أن يتسبب ذلك بعبء إضافي على أنظمة الربح الخاصة بها.
وأشار إلى أنّ بريطانيا مثلا رفضت في تشرين الأول/ أكتوبر، دعم مهمات إنقاذ طالبي اللجوء في البحر المتوسط بدعوى أن عدم إنقاذهم يشكل عاملَ ردعٍ جيدا لهم، وقد تم تبني هذه السياسة من قبل دول أوروبية أخرى سمتها منظمات حقوق الإنسان سياسات "دعوهم يغرقوا".
واستدرك بالقول، إن المشكلة الكبيرة لرئيس حكومة بريطانيا دافيد كاميرون هي ليست طالبي اللجوء من سوريا وأفريقيا، بل شيء آخر وهو طالبو اللجوء من أوروبا نفسها.
فهو معني بإصلاح سياسات الهجرة للاتحاد الأوروبي قبل إجراء استطلاع للرأي العام الذي وعد به البريطانيين في 2017، في ما يتعلق بمواصلة عضويتها في الاتحاد الأوروبي الذي يشكل عام الضغط على الاتحاد الأوروبي لتغيير ميثاقه الأساسي الذي يحترم حرية التعبير، ليكون بإمكانه كبح جماح هجرة البولونيين والإسبان واليونانيين إلى بريطانيا. وأحد التغيرات في هذه السياسة هو برنامج يمنع المهاجرين الذين حصلوا على لجوء في أوروبا من المخصصات، قبل المكوث فيها أربع سنوات على الأقل، وفقا للكاتب.
وحسب استطلاع أجرته "دير شبيغل" في الشهر الماضي، فإن ثلث الألمان يؤمنون بأن ألمانيا تعيش حالة أسلمة وأن ثلثي المستطلعة آراؤهم يعتقدون أن الحكومة لا تقوم بما يكفي لتهدئة هذه المخاوف، وفقا للكاتب.
ونوه إلى أن ألمانيا هي ثاني أكبر هدف للهجرة في العالم بعد الولايات المتحدة، وقد قبلت عددا كبيرا من طلبات اللجوء في 2014 لنحو 200 ألف شخص أغلبهم من العراق وسوريا، وذلك يفوق أي دولة في أوروبا. وفي 2015 يتوقع أن يتزايد هذا العدد بشكل كبير.
واستدرك بالقول، إن تزايد قوة اليمين المتطرف بعيدة عن أن تكون مشكلة في ألمانيا بمعان مختلفة. فالهزة الأرضية التي تسببها الهجرة الحالية هي في بدايتها. وفي بريطانيا كانت المنظمة الانفصالية كارهة الأجانب هي المنتصرة الكبرى في انتخابات البرلمان الأوروبي قبل أكثر من سنة.
وفي السويد، نجد الشخصية ذاتها الأكثر تحملا، يظهر فيها حزب السويديين الديمقراطيين الذي يتحول إلى الحزب الثالث في حجمه في البرلمان.
وفي السويد، تم إحراق ثلاثة مساجد في الأسابيع الأخيرة. وقائد السويد الديمقراطي، يامي أكسون، لم يصف الإسلام بأنه الخطر الأكبر على السويد منذ الحرب العالمية الثانية فقط، بل بأنه خطر على دولة الرفاه القائمة في السويد كذلك.
وفي فرنسا التي هزها الهجوم على مكاتب المجلة، فإن من المتوقع أن تدخل كلمة "لا" (في وجه المهاجرين المسلمين) إلى قصر الإليزيه في 2017، على حد تعبير الكاتب.