كان مشهد قائد الانقلاب في بداية الأسبوع، وهو يجلس مرتبكاً على كرسي بداخل قصر الرئاسة، يتلفت يميناً ويساراً ويهذي بجمل غير مكتملة، قام بعدها المخرج بقطعها، جديراً بمصر بعد الانقلاب.
المشهد تم إخراجه بشكل أرادوا له أن يكون مبهراً، فخرج كعادتهم مثيراً للسخرية، الكلمات والجلسة والحركات وطريقة التصوير ونبرة الصوت، كل شيء كان يبعث على السخرية، وخصوصاً عندما تحدث عما أسماه بحروب الجيل الرابع، ولم يكن ينقص المشهد سوى أن يتحدث عن تزغيط البط.
كل ذلك المشهد المتلعثم، وحتى قصف ليبيا بالطيران لم يكن غرضه سوى التغطية على فضيحة التسريبات التي أذاعتها قناة مكملين، وهي تسريبات لا شك أنها جعلت حتى أشد مؤيدي الانقلاب من المرتزقة أصحاب المصالح، يتوارون داخل مقاعدهم خجلاً من المحتوى اللصوصي الوضيع، واللغة السوقية المستخدمة بين أفراد العصابة.
لا شك أننا أمام حالة لم تتكرر في التاريخ، شخص يقوم بانقلاب على رئيس منتخب اختاره الشعب، يزهق الأرواح من أجل الحفاظ على رقبته، ولكن الفضائح لا تتوقف يوماً عن السقوط على رأسه، فيخرج ليعتذر أمام الملايين في مشهد بدا شديد الرخص!!
التسريبات من الواضح أنها كانت موجعة للدرجة التي عجز معها أحد الشخصيات
الإماراتية عن النفي عندما استضافته قناة مؤيدة للانقلاب، وبدلاً من أن ينفي طالب باتخاذ الاحتياطات الأمنية لمنع تكرار التسريبات.
يمكنك أن تلحظ حالة الارتباك المشوب بالقلق التي تنتاب قزم الانقلاب نفسه، والتي عبرت عن نفسها في عدة تصرفات عصبية متوترة، ففي البداية خرج إعلامه لينفي التسريبات، بينما انبرى آخرون للقول بأن الجمل ممنتجة، ثم خرج هو شخصياً ليعتذر علناً عن التسريبات، ويبدو أنها فكرته الشخصية، فهو لم يتخلص بعد من نفسية (حامل الشنطة) التي رافقته طوال حياته.
الأكثر مدعاة للسخرية هو تلك الأغنية التي لا أشك لحظة أنه شارك في اختيار عنوانها، وهو عنوان شبيه بـ (مسافة السكة)، (عندهم فلوس زي الرز)، (حباية ونص من الإمارات) ... إلخ.
الهاجس الأكبر المسيطر على العصابة الآن هو انقطاع إمدادات (الرز) من
الخليج، وهو ما أظنه سيحدث، أو على الأقل سيتم ترشيد الصدقة الواردة من الخليج إلى حد بعيد، ولن تنساب الأموال عليهم كما كانت في السابق دون رقيب، بالإضافة إلى أثر ذلك على مؤتمر التسول المزمع عقده في مارس، الذي سيفشل في الغالب لعدم وجود رؤية اقتصادية، وهو ما سيخنق العصابة على أي حال.
وهو ما دفع (نبطشي الفرح) إلى الإسراع بإخراج تلك الأغنية من أجل الاعتذار والتسول، أملاً في استمرار تدفق الصدقات الخليجية.
أي إن الأغنية تقول، (ما تصدقوش التسريبات وبلاش تقطعوا الرز)
الأغنية فضلاً عن تفاهة محتواها، تبين كم هي رخيصة ذمم مؤيدي الانقلاب، وكم هي رخيصة عصابة الانقلاب ذاتها، والأمر كله أشبه بمتسول يحاول استرضاء من يتصدق عليه.
أعتقد أن النقود لن تتدفق عليهم كالسابق، وأن مؤتمر عربيات الخضار ومشروعات البليلة، الذي يطلقون عليه المؤتمر الاقتصادي، لن ينجح؛ فالعصابة ليس لديها رؤية تقدمها سوى التسول وطلب المزيد من الصدقات، وأعتقد أن دول الخليج بخلاف الإمارات، سوف تكون أكثر حذراً في التصدق على عصابة الانقلاب.
الأغنية والتسريبات واعتذار قزم الانقلاب، هي حالة من الرخص والدونية والظلام والتسول والوضاعة، هي أمور تلخص الحال المثير للاشمئزاز الذي وصلت إليه
مصر بعد الانقلاب. وعلى المصريين أن يدركوا أن الانقلاب عار لحق بمصر يجب تطهيرها منه.
وأنا على يقين أننا سنتخلص من ذلك العار قريباً إن شاء الله.