كتبت جويس كرم: أسبوع صاخب شهدته المفاوضات بين الغرب وإيران حول برنامجها النووي أثار فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ضجيجا في قاعة الكونغرس قد يكون أفاده انتخابيا من دون أن يقطع الطريق على اتفاق وشيك، بحسب الأوساط الأميركية.
ومع انتظار ما ستؤول إليه جولة المفاوضات الأحد المقبل في مدينة لوزان السويسرية، وهي الأخيرة قبل انقضاء مهلة 24 آذار (مارس)، تتقاطع المؤشرات على أن الغرب يريد إطار اتفاق قبل المهلة وآخر شامل في نهاية حزيران (يونيو). إلا أن كرة الاتفاق وفرصه هي مرة أخرى في الملعب الإيراني وبانتظار رد المرشد علي خامنئي على الاقتراحات التي حملها وزير خارجيته جواد ظريف من المفاوضين.
فواشنطن، على حد قول الرئيس الأميركي باراك أوباما لشبكة "سي بي أس"، تستعجل حسم المفاوضات لجهة "التوصل إلى اتفاق ذي قيود وبراهين يمنع ايران من تطوير السلاح النووي"، والذي لم يتلق البيت الأبيض إجابة عنه بعد.
أوباما يستعجل الاتفاق بسبب تقديم الغرب الحد الأقصى من التنازلات في الملف النووي الذي سترتفع كلفته السياسية في حال عدم إبرام اطار اتفاق قريبا. ومن بين هذه التنازلات تقصير مدة الاتفاق على تجميد الأنشطة النووية من 25 إلى 15 ثم إلى عشر سنوات، وهي فترة قصيرة قد تعيد المجتمع الدولي إلى المربع الأول في عقدة النووي في 2025، أو تفتح النافذة لإيران عندها بتطوير السلاح النووي. ويتناقض نص الاتفاق مع القرارات الدولية كافة حول التخصيب، إذ سيسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم بدلا من نقله إلى روسيا وخفض نسبته إلى مستوى الخمسة في المئة.
ويبقى الخلاف على رفع العقوبات الدولية والأميركية والأوروبية على ايران والذي يريده خامنئي سريعا، بينما يصر الغرب على جدولتها انسجاما مع مدى استجابة ايران بنود الاتفاق. ويبدو أن الرئيس الأميركي يدرك أن الثقل السياسي لتسويق الاتفاق سيرتفع بعد فترة الصيف والدخول فعليا في موسم الانتخابات الأميركية وبدء المناظرات الجمهورية في آب (أغسطس) المقبل، ومن هنا تشكل جولات التفاوض الحالية الفرصة الأخيرة للبيت الأبيض لإنجاز سياسي من هذا النوع.
إلا أن تحرك الكونغرس وقيام 47 نائبا جمهوريا بمراسلة القيادة الإيرانية لإبلاغها بأن رفع العقوبات لن يتم في المدى الطويل إلا بموافقة الكونغرس، يضع العصي في دواليب البيت الأبيض. فأوباما غير قادر إلا بشكل موقت على تجاوز الكونغرس في رفع العقوبات ولفترة لا تتعدى ستة أشهر. ويعني ذلك إما اكتفاء أوباما برفع العقوبات الدولية أو توقيع قرارات رئاسية توقف تطبيق عقوبات الكونغرس وتنقل الملف إلى الرئيس الأميركي المقبل الذي قد يطيح الاتفاق من أساسه في حال كانت بنيته مرفوضة من الحزبين. ويعارض وجهان رئيسيان من الحزبين يتوقع خوضهما سباق الرئاسة، وهما هيلاري كلينتون وجيب بوش، السماح لإيران بمواصلة التخصيب.
وعليه، ستكون الأسابيع الثلاثة المقبلة مصيرية بالنسبة إلى المفاوضات الإيرانية مع الغرب، في ظل رهان أوباما على موافقة خامنئي، وبسبب الشروط المعدلة للاتفاق، وكون عدم الوصول إليه سيعني مزيدا من العقوبات والتشدد بدل فتح نوافذ الاستثمارات التي تنتظرها الشركات الأميركية ومعها الأوروبية.