من يراه يعمل حارسا في مستودع للسيارات في مدينة
تطوان المغربية (شمالا)، لا يتخيل أنه يجيد ثلاث لغات بخلاف العربية، أو أنه نشر ثلاثة
كتب بلغات مختلفة، وهو في طريقه لنشر الرابع.
محمد الفيلالي يعرف نفسه في كتابه "سلام" قائلا: "لا أكاد أعول أسرتي، لكني أعيش بأية حال، آسى لحال أولئك الذين لا يحصلون على أقل حاجاتهم، أعمل كحارس في مستودع سيارات بتطوان كل يوم منذ عام 1999 كعبد لأجل أجرة زهيدة، أحيانا أقابل سياحا من جنسيات مختلفة، علي أن أعترف أن معظمهم يتسم بأدب حسن.. لكن أحيانا هناك استثناءات وهذا ليس سببا لأقول إن الغربيين كلهم متعجرفون".
الفيلالي يضيف: "أتكلم ثلاث لغات أجنبية: الإسبانية، والفرنسية والإنجليزية. هذا يساعدني في التعبير عن نفسي أحسن من المرشدين المزيفين الذين يلقاهم السائح في الشارع. بعض السياح سألوني عن الأمن في البلد فأكدت لهم بأن بلدي آمن من كثير من البلدان الغربية، لذا لا داعي لديهم للقلق، سألوني عن الإرهاب فقلت لهم إن العنف لا علاقة له بالإسلام الذي يحمل أصلا معنى السلام وتحية المسلمين اليومية سلام".
ينحدر الفيلالي (46 عاما) من مدينة مرتيل الساحلية، أقصى شمال المغرب، ويكتب القصة القصيرة والشعر، إلى جانب عمله كحارس في مستودع سيارات بمدينة تطوان، المجاورة لمدينته.
وقال الفيلالي: "لم أكمل دراستي الجامعية، حيث درست الأدب الفرنسي لمدة عامين، قبل أن أترك التعليم ساخطا لأن أوضاعه كانت سيئة".
رغم كونه لم يتمم دراسته الجامعية، فقد ألف الفيلالي سبعة كتب، نشر ثلاثة منها بالفعل، بينما سينشر الرابع قريبا.
وأضاف الفيلالي: "نشرت حتى الآن ثلاثة كتب هي: "دخيل غير منتظر" وهي رواية باللغة الإسبانية عام 2009، و"سلام" عام 2010 و"أمنيه" عام 2013 وكلتاهما مجموعتان قصصيتان نشرتا بأربع لغات، العربية والإنجليزية والإسبانية والفرنسية، يمكنك الاطلاع عليها في موقعي ومدوناتي. وقريبا إن شاء الله سأنشر كتابي الرابع، وأرجو أن أكون عند حسن ظن الناس بي ما حييت وأن أترك أثرا حسنا بعد رحيلي.
وقال الفيلالي "لم أقتنع حتى اليوم بالمقررات التعليمية، والدليل هو المستوى المؤسف الذي هبط إليه التعليم عندنا. ولكي أعوض النقص لجأت منذ الصغر إلى تعلم اللغات الأجنبية المتداولة أكثر، وهي الإسبانية والفرنسية والإنجليزية لأتعلم ما ينفعني".
وتابع: "قضيت جل وقتي بين القراءة والرياضة لأملأ وقت الفراغ. عشقت شاطئ مرتيل ومدينة تطوان العتيقة، وبدأت أكتب الشعر في بداية مراهقتي بالفرنسية. حينما بلغت 18 عاما ملت لكتابة القصة القصيرة، كنت أسلي نفسي بهذه الطريقة، قطعت جسر المراهقة الخطير إلى بر الأمان، عندها عرفت قيمة الكتابة الحقيقية".
ومضى قائلا: "إنها أمانة، عليك أن تخدم الناس بما تكتبه ويكون ضميرك قائدك، حينما تكتب ما يشغل بالك فإنك تتخلص من حمل يثقل كاهلك، لكن وأنت تصحح ما كتبت وتعمل جاهدا لتحسين كتابك عندها يبدأ التعب الحقيقي".
وعن عمله كحارس في مستودع سيارات، قال الفيلالي: "في عام 1999، وبعد وفاة والدتي بأسبوعين عرض علي جار لي العمل في مستودع السيارات الذي يملكه والده بتطوان، كانت لي علاقة طيبة بهذه الأسرة الكريمة التي لا أنكر فضلها علي، وما زلت أعمل في هذه المهنة حتى اليوم، وخوفي من بؤس البطالة جعلني أتمسك بهذا العمل منذ ذلك الحين إلى الآن بلا راحة".
وأضاف "عملي في مستودع للسيارات ساعدني كثيرا في حياتي الشخصية، كونت أسرة، بعدما كنت وحيدا، وعرفني على أناس كثيرين من جميع أنحاء العالم".
وعن أسرته قال الفيلالي "تزوجت منذ 10 سنوات ولدي طفلة في الثامنة من عمرها وطفل عمره أقل من عام، وحياتي الزوجية مستقرة، أعطي كل ما أستطيع لأسرتي كما فعل والدي".
ويملك محمد الفيلالي مدونة إلكترونية يقوم من خلالها بالتعريف بنفسه وبمؤلفاته ومدينته أيضا، كما أنه يعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي كـ تويتر وفيسبوك ويوتيوب وغيرها، وينشر كتبه إلكترونيا، والتي تحمل قصصا من واقع اجتماعي صعب. لكن رغم الحزن الذي يشعر به القارئ من خلالها، فهناك بالمقابل بصيص من الأمل في كل حكاية.