إليكم
حكاية تعود وقائعها إلى عام 2007، وكان مسرحها مسجد في عاصمة عربية، حيث دخل البعض حاملين جثمانا للصلاة عليه، واصطف المصلون لأداء صلاة الجنازة، ولكن صوتا هادرا لفت انتباه الجميع: المتوفى مدين لي بـ (5000)، ولا ينبغي دفنه أو حتى الصلاة عليه قبل إبراء ذمته، وبكل طيبة أهل البلد تناوب المصلون كي يقنعوا الرجل الدائن بإعفاء المتوفى من الدين بإعلان إسقاطه، ولكنه رفض.
قالوا له إنهم يتعهدون جميعا بتوفير المبلغ صبيحة اليوم التالي، وناشدوه إعلان التنازل عن الدين، حتى يتسنى إكرام الميت بدفنه، ولكن الرجل كان في بجاحة المطربة سميرة سعيد، التي غنت على رؤوس الأشهاد: مش حتنازل أبداً مهما يكون.. أبداً، (لم تتحل سميرة هذه بعزة النفس كما رفيقتها المطربة لطيفة التي قالت للحبيب: حوالي كتير، يعني ألف من يتمناني، وبإمكاني أن اختار منهم من أريد حبيبا للقلب.
وبينما الناس يتوسلون للدائن أن يمهلهم حتى الغد لسداد دين على رقبة ميت لا يعرفونه، انتبهوا إلى أن شابين يبكيان بحرقة، وعلموا منهما أنهما ابنا "المرحوم"، ولكن الرجل غليظ القلب تمسك بموقفه، فأدرك المصلون أنه لا طائل من وراء "استرحام" شخص كهذا، وبكل شهامة تدافع الناس داخل المسجد وخارجه للجود بالموجود، وخلال أقل من نصف ساعة كانوا قد جمعوا المبلغ المطلوب، وأعطوه لمن طالب به، وبعدها أدوا صلاة الجنازة، ثم تلفتوا لتقديم التعازي لابني المتوفى، واكتشفوا أنهما فص ملح وداب، ووقعوا في حيص بيص: أين أولاد المرحوم الذين كانوا يبكون عليه؟
وبكل الشهامة أيضا قرر المصلون حمل الجثمان إلى مستشفى، ثم إبلاغ الشرطة بالأمر، خشية أن يكون المتوفى قد لقي حتفه نتيجة فعل إجرامي، وتقدم شابان لرفع الجثمان، ولكنه كان ثقيلا، فهب لمساعدتهما أربعة آخرون، ولكن الجثمان ظل ثقيلا حتى على ستة رجال.
شيء عجيب! هذا ابن آدم أم فيل؟ ثم تجرأ أحدهم ورفع الغطاء عن "وجه" المتوفى، وفوجئ بأن الجثة بكاملها عبارة عن أكوام من الطوب ملفوفة بعناية، وأن "الدين" وحزن نجلي "المرحوم" كان عملية احتيال متقنة من قبل أشخاص حقيرين، استخدموا بيت الله ليتلاعبوا بعواطف وكرم خصال عامة المواطنين كي يحصلوا على مبلغ تافه كتفاهتهم.
في ألمانيا، سطا لص على بيت، ووجد بداخله جليسة أطفال، فأرغمها على السكوت مستخدما مسدسا، فتقدم الطفلان اللذان كانت تجالسهما، وعرضا عليه بعض القطع النقدية المعدنية التي كانت معهما، وطلبا منه ألا يؤذيهما، فخرج اللص دون أن يلمس شيئا من محتويات البيت، ولم يصل الأمر إلى الشرطة، بل حكى الوالدان الواقعة للصحف إعرابا عن احترامهما لـ"آدمية" اللص.
وفي أستراليا، عثر لص على سيارة مفتوحة النوافذ، وكانت غنيمته هاتفاً جوالا ومحفظة نقود، وعندما فتح اللص الهاتف الجوال، وجد فيه صوراً جنسية فاضحة، تنم عن ممارسة صاحب الهاتف لعمليات تحرش واعتداء كثيرة بأطفال، فما كان منه إلا أن توجه إلى الشرطة، معترفا بسرقة هذا الجوال، وموضحا أنه يتحمل عاقبة السرقة، مقابل إلقاء القبض على ذلك السافل، فكان أن نال اللص الثناء من القاضي، ودخل رجل يبلغ من العمر 46 سنة السجن لدهر طويل بعد أن أثبتت التحريات أنه فعلا مارس الفاحشة مع أطفال.
والآن إلى حكاية ميلينا سالزار، وهي سيدة رقيقة الحال، تعمل نادلة في مطعم صغير في مدينة صغيرة في ولاية تكساس الأمريكية، وكان من زبائن المطعم عجوز اقترب من سن ال90، اسمه والتر سوردس، ورغم أنه كعادة من هم في سنه كان كثير الشكوى بسبب وبدون سبب، إلا أن ملينا كانت دائما على استعداد لتقديم أفضل الخدمات له، والاعتذار حتى عن التقصير (الوهمي)، وظل الرجل زبونا للمطعم لسنوات، وملينا تخصه بالاهتمام. ثم انقطع الرجل عن المطعم، وذات يوم دخل على ملينا رجل في منتصف العمر، وقال لها إنه محامٍ، وقدم لها مستندات: والتر سوردس توفي، وترك لك 50 ألف دولار نقدا وسيارة بويك.. هنا تذكرت الحديث الشريف عن أن البسمة والكلمة الطيبة صدقة.. ومن يفعل الخير لا يعدم جوازيه.
وفي كل إنسان
بذرة خير، ونحن لسنا شعب الله المختار، ففينا المحتال، وفينا الفاضل النبيل، ويسري الحال والمقال ذاتهما على سائر الشعوب.