سلطت أشمل معلومات وراثية تم جمعها حتى الآن عن (
الماموث الوبري) الضوء على أسباب اندثاره، وكشفت النقاب عن أنه كابد كارثتين أسهمتا في تناقص إعداده قبل الاضمحلال النهائي لآخر مجموعة منه ووقوعها في براثن التزاوج الداخلي، على إحدى جزر المحيط المتجمد الشمالي.
وأماط
العلماء الخميس الماضي اللثام عن أول طاقمين وراثيين (جينومين) كاملين لهذا الكائن العملاق القريب الصلة بالفيلة الذي يمثل أيقونة العصر الجليدي أوضحا أن (الماموث الوبري) مر بظروف قاسية فقد خلالها قدرا كبيرا من تنوعه الوراثي قبل أن ينقرض منذ نحو أربعة آلاف عام.
وتم استخلاص
الحمض النووي في حالة جيدة الحفظ من كائنين من (الماموث الوبري): الأول من بقايا لأحد صغاره عمرها 45 ألف عام عثر عليها في سيبيريا، والثاني من إحدى أسنانه وعمرها 4300 سنة ووجدت في بقايا حفرية من آخر مجموعة منه كانت تعيش منعزلة على جزيرة رانجل النائية، قبالة اليابسة في روسيا، وتم رصد التزاوج الداخلي في هذا الكائن الثاني.
وقال لاف دالين عالم الوراثة بالمتحف السويدي للتاريخ الطبيعي "احتفظ كائن جزيرة رانجل - وهو واحد من آخر مجموعة متبقية من (الماموث الوبري) في العالم- بتنوع وراثي أقل كثيرا بالمقارنة بالكائن الآخر الأقدم كثيرا في العمر".
وظهرت نتائج هذه الدراسة في دورية (كارانت بيولوجي).
وأضاف "السبب في هذا الاختلاف هو ان جينوم كائن جزيرة رانجل كان يحتوي على عدد كبير من القطاعات التي لا تتضمن أي تنوع وراثي، وهو نمط سائد في العشائر المحدودة للغاية حين يحدث التزاوج بين أقارب من الأباعد".
وظهر (الماموث الوبري) -الذي يماثل في حجمه الفيلة الحديثة لكن جسمه كان يغطيه وبر بني طويل وكثيف وخرطوم ضخم- لأول مرة منذ 700 ألف سنة في سيبيريا وانتشرت عشائره لتصل إلى المناطق الشمالية من أوراسيا وأمريكا الشمالية.
ولا يزال الجدل الشديد يدور بشأن ما إذا كان سبب
انقراضه هو زيادة درجة حرارة المناخ أو صيده على أيدي البشر.
وقالت ألفيتيريا بالكوبولو عالمة الوراثة بكلية الطب بجامعة هارفارد إن الجينوم الخاص بالكائنين أوضح تعرض (الماموث الوبري) لكارثتين أسهمتا في تراجع أعداده الأولى منذ نحو 280 ألف عام والتي أفلت منها هذا الحيوان والثانية منذ 12 ألف عام قرب نهاية العصر الجليدي والتي لم ينج منها.
وقال دالين إنه بعد الكارثة الثانية نجا ما يقدر بنحو 300 إلى ألف من (الماموث الوبري) وظلت مجموعة محدودة منه على قيد الحياة على جزيرة رانجل لمدة نحو ستة آلاف عام بعد نفوق معظم الأعداد على اليابسة.
وأضاف أن التزاوج الداخلي بين أقرب أقارب (الماموث الوبري) ربما يكون ألحق الضرر بتنوعه الوراثي ما أدى إلى اندثاره.
وأقر الباحثون بان وجود جينومين كاملين لكائن (الماموث الوبري) قد يساعد في جهود يبذلها زملاؤهم لبعث الماموث إلى الحياة من جديد من خلال الاستنساخ واستيلاد جنين هذا المخلوق معمليا مع الاستعانة بالفيلة كأم بديلة.
وقالت بالكوبولو "قبل الإجابة عما إذا كان ذلك يمكن حدوثه في المستقبل القريب فثمة قضايا أخلاقية مهمة يجب أن نضعها في الاعتبار أولا".
وقالت "كم ماموث يلزم (استنساخه) للإبقاء على مجموعة منه قابلة للحياة؟ أليس من الأفضل لنا ترشيد استخدام هذه الموارد للحفاظ على الأنواع الحالية من الكائنات مع المحافظة على أماكن معيشتها؟"