اجتمع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بوزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" بباريس على هامش ذكرى الحرب العالمية عند قوس النصر، وهذا الاجتماع يأتي في سلسلة تحركات هامة تدور استعدادا للاتفاق "
الإيراني - الأمريكي".
ويعد اجتماع #كامب_ديفيد المرتقب، الذي سيجمع الرئيس الأمريكي باراك أوباما وملوك وأمراء دول الخليج أهم مرحلة تسبق الاتفاق الإيراني، حيث يسعى الخليج وواشنطن لعقد اتفاق أمني وعسكري وسياسي جديد؛ يرسم حدود العلاقة ما بين أمريكا وحلفائها العرب ما بعد التوافق "الأمريكي/الفارسي" في الملف النووي، المزمع عقد اتفاقه النهائي بحلول حزيران/ يونيو القادم ، حيث يتوج نهاية فعلية لصراع ديبلوماسي واقتصادي استمر لعقود بين الدولة الفارسية وواشنطن.
ولهذا يعادل اتفاق #كامب_ديفيد الجديد في أثره السياسي وحجمه #كامب_ديفيد المصرية في حال نجح، حيث سيضع المنطقة أمام صيغة سياسية وجيوسياسية جديدة كليا، فأمريكا وفق ما يطلبه الخليج منها عليها أن تلتزم التزاما "مكتوبا" بأمن وسلامة الخليج وإنشاء نظام صاروخي لإحداث توازن "نيران" في المنطقة، كما يستهدف رفع كفاءة جيوش المنطقة عبر برامج تدريب أمريكية لمواجهة أي تحد عسكري ولإحداث توازن.
في المقابل، تسعى واشنطن هي الأخرى لطمأنة الخليج، لكن ليس وفق ما يريد الخليج من ضمانات كبيرة، ففي النهاية الخليج هو من يحتاج إلى واشنطن الآن أكثر مما تحتاجه، ويبدو أن واشنطن هي الأخرى ستربط أي ضمانات للخليج بإعادة هيكلة سياسات الخليج ككل في إطار "أمريكي" جديد .. إعادة تعريف العلاقات من جديد في إطار الزواج الثالث لواشنطن في المنطقة.. (إسرائيل- الخليج- إيران).
وأما بالنسبة لما ستطلبه أمريكا، فسيتعلق بداعش تحديدا وبالحرب على الإرهاب والموقف من الإسلاميين ومن السياقات الإعلامية والعمل في ليبيا وسوريا، وتصر واشنطن على أن ترسم سياقا واضحا للمنطقة تخلص منه إلى تمثيل أفضل لمصالحها عبر معادلات التوازن بين الخليج وإيران.
وبناء عليه فإن "الإسلاميين" والجهاديين بالأخص هم الشغل الشاغل لواشنطن، وأي اتفاق أمريكي لن يتم إلا بوضع برنامج خليجي لمحاربة داعش، وسياقات التطرف كما تسميها، لأن واشنطن لا تطمح إلى "معادلات" مصالح كما كان في السابق، بل تطمح إلى سياسات "التوكيل".. "الفرنشايز"، وهو بمثابة أن تؤمن دول الخليج بما تؤمن به واشنطن كعدو، وتسعى لمحاربته وفي حال حدوث ذلك يمكن مد خطوط التقارب أو الهدنة مع إيران.
تدرك واشنطن أن ما يملكه الخليج من احتياطياته ليس بالكثير وما هو مرتقب ومأمول لبقاء أنظمته السياسية ليس بالكثير أيضا، ربما 50 عاما أو أقل.. ليست في عمر التحولات التاريخية شيئا، وإن عمر الحضارة الفارسية ومقوماتها أكبر من حيث البقاء، كما أنها على تماس مباشر بالحلف "الروسي- الصيني"، وبالتالي لا يمكن الدخول في صراع محموم مع إيران في حال أمكن تفاديه وتحويله إلى تحالف في ملفات مشتركة.
وخلاصة القول، إن الخليج يقبع بين المطرقة والسندان، باحثًا عن هوية أو مشروع، ولا يبدو في الأفق مشروع حقيقي؛ اللهم إلا رد الفعل على مشروع حقيقي إيراني ديني يعمل منذ 30 سنة، وتحول من ثورة إلى إمبريالية دينية تضرب أطنابها في الجغرافيا المحيطة، من ساحل المتوسط مرورا بالهلال الخصيب، وليس انتهاء بأفغانستان وباكستان وأسيا الوسطى!
ويبقى التساؤل؛ هل ينجح اتفاق
كامب ديفيد في انتزاع مكاسب حقيقية للخليج؟ أم سنكون أمام مهرجان خطابي أمريكي يجيد خطاب العرب كما يجيد سحب البساط من تحت أرجلهم؟.