"نحن
الفلسطينيين نعشق الطبيعة والجبال، ولكننا لم نتعلم يوما هذه
الرياضة، لم أتردد بالانضمام إلى فريق المتسلقين، فأنا أعشق الرياضة البعيدة عن القاعات والأندية المغلقة".
وهي منهمكة في ضبط حبال التسلق والتأكد من اتصالها بشكل محكم، تروي الفتاة العشرينية بيسان سمامرة كيف بدأت علاقتها برياضة التسلق، قبل أن تطلع إلى إحدى القمم الصخرية بارتفاع 200 متر في بلدة "عين قينيا" غربي رام الله، قائلة لمراسل الأناضول: "أحببت هذه الرياضة التي تشعرني بالسعادة، وأعتزم مواصلة ممارستها".
تنظر سمامرة إلى مدربها ذي الملامح الغربية بامتنان قائلة: "رغم طبيعة فلسطين التي تناسب هذه الرياضة جدا فإنه لم يكن لدينا فريق أو من يمارس هذه الرياضة من قبل، حتى بدأنا مؤخرا مع السيد هاريس".
وأسس المتسلق الأمريكي ويل هاريس منذ عدة أشهر بالشراكة مع زميل أمريكي آخر ناديا رياضيا لتعلم رياضة التسلق في مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، حيث يقول هاريس: "عندما قدمت إلى رام الله لم أكن أعلم أن فلسطين تفتقر إلى هذه الرياضة، ولذلك قمت بإنشاء نادي صغير، وعبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، دعوت الشباب للتدرب فيه".
ويضيف أن "الفكرة لاقت إقبالا كبيرا، والشباب والفتيات يتسابقون للتعلم، أشعر بأن لديهم محبة ورغبة في الاستمرار، ولذا فإني أسعى لتكوين فريق فلسطيني لتسلق الصخور".
يقلب المدرب الأمريكي ناظريه في الطبيعة الجبلية حوله، والتي تنعكس أشعة الشمس على قممها بشكل أخاذ، قائلاً: "هنا الناس يحبون الجبال، يعشقون التنزه، ولديهم انسجام كبير مع الطبيعة، وهذا ما ساعد في إنجاح فكرتي".
ولم يتردد هاريس في الإفصاح عن المقابل الذي يتلقاه نظير دوره كمدرب، فيقول: "أعشق التسلق، لكنه أيضا عملي الذي أتقاضى عليه أجرا، ولكنني حريص أن يكون في متناولي أكبر قدر ممكن من الراغبين في تعلم التسلق، ولذا فإن التكلفة هي 14 دولارا فقط عن كل متدرب في الجولة الواحدة، وتضم الجولة 12 متدربا كحد أقصى".
وعن كيفية التواصل مع المتدربين رغم اختلاف اللغة يقول: "تعلمت العربية خلال عملي في المملكة الأردنية، لكن هذه الرياضة هناك فقط للطبقة الغنية، هنا نشارك الشباب بأسعار زهيدة، لدعمنا من جهات فلسطينية وأخرى أمريكية"، مفضلا عدم تسمية هذه الجهات الداعمة.
وبدوره، يقول فادي الزغير (19 عاما)، الذي جاء من القدس، وهو يستعد لتسق أحد المرتفعات: "في البداية لم ترق لي الفكرة، ولكن بعد تجربتها بت أستمتع بها جدا.. هذه ليست المرة الأولى التي أتسلق فيها ولن تكون الأخيرة"، مضيفا أن "البداية كانت صعبة ولكن التحدي جميل".
ويطمح الزغير في أن ينقل تلك الرياضة بعد إتقانها إلى مدينة القدس وضواحيها.
ويوافقه رفيقه إبراهيم نجران (19 عاما) بقوله: "رياضة غير اعتيادية، أن تتسلق الصخور لا لشيء سوى للمتعة والتحدي، ورغم أنني لم أقتنع بها يوما، فإنني بت أعشقها، فهي تخلق شعورا لم تكن تحس به من قبل، هو أنك قادر على قهر المستحيل".
وينظم هاريس وصديقه جولات للتسلق أسبوعيا، ويطمحان لإنشاء قاعة مغلقة متخصصة في تلك الرياضة، نظرا لزيادة الطلب عليها، بحسب هاريس، الذي يلفت إلى أن "كل متدرب يحتاج إلى اجتياز مادة نظرية قبل التوجه إلى الطبيعة وبدء الممارسة العملية، بالإضافة إلى أن التسلق رياضة تعتمد على قوة عضلات الساقين والذراعين، والذهن المتيقظ لكل خطوة".
وعادة ما يتجه الفريق إلى مرتفعات عين قينيا وعين يبرود قرب رام الله، لطبيعتهما المناسبتين لتلك الرياضة، بالنسبة للمبتدئين، إذ لا تتجاوز الارتفاعات فيهما الـ200 متر، ولكن لدى الفريق خطط مستقبلية للتسلق بجبال منطقة أريحا في الأغوار شرقي الضفة، حيث تمتاز بارتقاعات شاهقة، على حد قولهم.