كتب رسول توسون: أحزاب المعارضة سعيدة بخسارة حزب
العدالة والتنمية أكثر من سعادتها بالتقدّم الذي حقّقته.
فنسبة أصوات حزب الشعب الجمهوري لم ترتفع، بل على العكس انخفضت. ولكنه سعيد جدا كأنه حقّق انتصارا.
ولم ترتفع نسبة التصويت لحزب الحركة القومية إلا ثلاث درجات، والفرق بينه وبين حزب العدالة والتنمية يصل إلى 25 ولكنه أيضا سعيد جدا.
أما حزب الشعوب الديمقراطي، فكل نسبة التصويت التي حصل عليها في هذه
الانتخابات التي كان يخشى أن لا يتجاوز الحد الأدنى فيها لم تتجاوز الـ 13%. وبينه وبين حزب العدالة 28 درجة ولكنهم سعداء.
وجميعهم سعداء فقط بالتراجع الذي حدث في حزب العدالة والتنمية.
...
أما بالنسبة لحزب العدالة والتنمية فهم حزينون، ورغم أنهم حصلوا على نسبة تصويت عالية هي 41% فإنهم منزعجون.
وسبب الحزن هو النسبة التي فرحت بها المعارضة والتي لن تمكّن حزب العدالة والتنمية من الحكم بمفرده.
وهم محقّون بحزنهم، فبعد كل خدماتهم وإصلاحاتهم منعوا الآن من الحكم بمفردهم.
فهل جحد الشعب فضلهم أم أنه تخلّى عنهم؟
لم يفعل الشعب شيئا من هذا.
فالشعب لم يجحد ولم يتخل عن حزب العدالة. على العكس، فهو منحهم نسبة مرتفعة من الأصوات لا تحلم بها المعارضة. فلم تَضِع خدماتهم التي قدّموها للشعب ولم يَضِع دعاؤهم.
لقد قال الشعب لحزب العدالة: "ما زلت أنت الحزب المناسب لإدارة هذا الوطن بنظري"..
ولكن ؟!
...
"ولكن عليك أن تنتبه أكثر"
"انتبه لعلاقتك بالجماعات فقد يخدعونك كما فعلوا مع الكيان الموازي"..
"إشرح مسيرة السلام بشكل جيد كي يدعمك الشعب ولا يعطي صوته لغيرك"..
"ثم انتبه للذين يتحدثون باسمك ويدّعون أنهم يدافعون عنك، فقد يكون الشعب لا يعجبه هؤلاء الذين يتحدثون باسمك"..
"وكن أكثر حذرا من الذين يعذّبون الشعب وهم يستخدمون اسمك"..
"ادفع التهم الموجهة إليك من قبل المعارضة وأقنع الشعب بك".
...
لقد حذّر الناخبون حزب العدالة والتنمية فقط.
فإن أخذ هذه التحذيرات بعين الاعتبار وقام بمحاسبة نفسه ورأى الشعب هذا وأحس به فسيعود هو المؤهَّل الوحيد لإدارة الدولة بمفرده.
لقد وجّه الشعب تحذيرا دقيقا جدا.
قاس بعض الشيء ولكن قسوته ستساعد حزب العدالة على أن يعود أقوى مما كان عليه في السابق.
فالأزمات قد تبدو طويلة جدا وإن كانت يوما واحدا، ولكن بالنسبة للحكومات فهي تبدو قصيرة وإن استمرّت لسنوات.
وأنا أرى أن على حزب العدالة والتنمية أن يستمر في موقفه من التحالف وأن يُثبت للشعب صدق رغبته في الإصلاح.
ولكن لا ينبغي له أن يصر كثيرا على البقاء في
السلطة.
فمن يدري ربما إن تمكّنت المعارضة من الحكم فسيساعد هذا حزب العدالة إلى العودة إلى السلطة من جديد.
وعسى أن نكره شيئا وهو خير لنا.
فالتحالف الذي حدث من قبل بين أحزاب الوطن والحركة القومية وحزب اليسار الديمقراطي مكّن حزب العدالة والتنمية من البقاء في السلطة بعد هذا 13 سنة.
(عن صحيفة ستار التركية، مترجم خصيصا لـ"عربي21"، 17 حزيران/ يونيو 2015)