كتب ديفيد غاردنر في صحيفة "فايننشال تايمز" قائلا، إن التوصل إلى اتفاق
نووي مع
إيران لن يحل مشكلات المنطقة؛ مشيرا إلى أن الطريقة الشرسة التي تظهر فيها إيران قوتها، تظهر أنها غير مبالية بانهيار دول في المنطقة بسبب النزاعات الطائفية.
ويقول غاردنر إن الموعد النهائي يقترب بالنسبة للولايات المتحدة والدول الخمس الأخرى كي تتوصل إلى حل مع إيران يحد من برنامجها النووي، مقابل تخفيف نظام العقوبات عنها. فالتوصل إلى هذا الاتفاق لن يكون فقط بمثابة اللحظة التاريخية المهمة لأوباما، مثل لحظة الصين- نيكسون، ولكنه دليل على نجاعة الدبلوماسية في الوقوف أمام التهديدات الدولية. ومع ذلك فإن التفكير وراء هذا كان طموحا أكثر.
ويشير التقرير إلى أن أوباما، الذي يريد أن يخرج الولايات المتحدة من رمال
الشرق الأوسط المتحركة، رعى فكرة مصالحة إيران مع المنطق الجيوسياسي للمنطقة، حيث سيتبع الصفقة التخفيف من التوتر بين
السعودية وإيران، ما سيقلل من النزاع بين السنة والشيعة والحروب بالوكالة، التي تخوضها كل دولة في المنطقة.
وتفيد الصحيفة بأن المعركة الطائفية قد احتدمت، فمنذ اتفاق الإطار، الذي وقع في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، تمزق معظم الشرق الأوسط إلى قطع. مشيرة إلى أن
تنظيم الدولة في العراق والشام، الذي كان أصلا فرعا لتنظيم القاعدة في العراق، الذي نشأ بعد الغزو الأمريكي عام 2003، أعاد تجميع نفسه في سوريا، واندفع بقوة إلى العراق، معلنا عن خلافة جهادية في مناطق شاسعة من المناطق السنية في كلا البلدين متحكما بالسنة.
ويبين الكاتب أنه من خلال الحرس الثوري الإيراني تقوم إيران بدعم نظام الأسد في سوريا للعودة إلى خطوط الدفاع من دمشق حتى ساحل البحر المتوسط. وفي بغداد تعتمد الحكومة هناك على المليشيات التي دربها الحرس الثوري، بدلا من الاعتماد على الجيش العراقي الموجود بشكل عام على الورق، وفي حسابات السياسيين المصرفية، الذين سرقوا المال الذي ضخته الولايات المتحدة من أجل إنشائه.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه في اتجاه آخر فإن السعودية تقوم بحملة جوية لقصف اليمن منذ ثلاثة أشهر؛ لمنع تقدم المقاتلين الحوثيين الشيعة، في منافسة للسيطرة على دولة فاشلة. أما الأكراد في شمال العراق، وهم المقاتلون الفاعلون ضد تنظيم الدولة على أراضيهم، فقد استفادوا من الغطاء الجوي الأمريكي لتعزيز وتوسيع مناطقهم.
ويرى غاردنر أن السعودية وإيران مسؤولتان عن الانزلاق الشيطاني لعمق المذبحة الطائفية، ولكن بطرق مختلفة. لافتا إلى أنه بناء على ذلك، فإن الاتفاق النووي لو تم توقيعه فلن يكون إلا عرضا جانبيا.
وتجد الصحيفة أن الدولة الدينية الإيرانية والحكم الملكي المطلق في السعودية متشابهان، ولكن إيران لا تصدر الطائفية بشكل نشط، فيما تنشر السعودية التعصب الوهابي، ويقدم الإيرانيون أنفسهم على أنهم ستار ضد الجهادية السنية المتطرفة لحماية الأقليات.
ويستدرك التقرير بأن إيران فعلت الكثير من الأضرار، فمن خلال استعراضها الشرس للقوة، بدت وكأنها غير مبالية بالانهيار الطائفي للدول، حيث تتفاخر بمحورها الشيعي من بغداد إلى بيروت. وقد استفادت من التصدعات التي ظهرت، خاصة بعد غزو العراق.
ويعتقد الكاتب أن إيران جيدة في هذه اللعبة، وتعمل من خلال مليشيات منضبطة مثل حزب الله. ولكن الرياض تعتمد على البترودولار وشريان من الجهاديين، الذين ضختهم إلى أفغانستان والبوسنة في الماضي، والعراق وسوريا اليوم.
وترى الصحيفة أنه حتى يحدث تغير، فإنه يجب على إيران أخذ السلطة من الحرس الثوري، كما يجب على السعودية الحد من قوة المؤسسة الدينية
الوهابية، التي تقدم الشرعية للدولة السعودية.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن المهمة في إيران قد تكون سهلة، فالحرس الثوري هو سلاح ضد تنظيم الدولة على الجبهات. مستدركة بأن الوهابية هي فكرة متجذرة في السعودية، والبترودولار في أنحاء العالم السني كله. وهي أيضا جبهات قتال، على شكل تنظيم الدولة، الذي ينافس في كونه المطرقة القوية ضد المشركين والزنادقة الشيعة.