تفاصيل اختطاف الشبان
الفلسطينيين الأربعة تقول إن وراء العملية جهازا استخباراتيا وسياديا في الوقت نفسه، وهي طريقة تهدف لزعزعة الأمن والاستقرار، وخلط الأوراق، وزيادة التضييق على غزة، وحركة
حماس بشكل خاص. مجريات عملية الخطف تظهر أنها وقعت تحت عين وبصر وتواطؤ الجهات الأمنية المصرية، وصمتهم وتجاهلهم يحمل اعترافا ضمنيا عن العملية.
الإيحاء أن قوات إرهابية متطرفة قامت بذلك لم تنطلي على أحد، فلا مصلحة لأي جهة في إيذاء حماس كما لا يوجد تشابك بين المقاومة وأهالي قطاع غزة من جهة، وأهالي
سيناء من جهة أخرى، كما تفتقد المجموعات المسلحة للقدرات الاستخباراتية الدقيقة، بعكس ما حدث مع الشبان الأربعة، الذي تم تحديدهم بالاسم وعبر كشوفات، وهذا لا يقدر عليه إلا من يستلم كشوفات المسافرين ولدى جهاز استخباراتي فاعل ومرتبط مع أجهزة أخرى.
طالب الأمن المصري حركة حماس بالتدخل ومساعدته في محاربة بيت المقدس، وقالوا لقيادات الحركة نحن نعلم أن حماس بريئة من جميع التهم التي ألصقها بها الإعلام والقضاء، ولكن نحتاج لخبراتكم وجهودكم في ضبط الأمن، ونريد مساعدتكم في محاربة بيت المقدس وتنظيم الدولة، ومقابل ذلك يتم فتح المعبر وتسوية الخلافات وتخفيف الحصار.
المطلب المصري يتعارض كليا مع سياسة حماس الواضحة بعدم التدخل في مشاكل الدول العربية، كما أنه انجرار لفخ الاضطرابات الإقليمية الملتهبة، وغرق بتفاصيلها، وتحريف للبوصلة عن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، لهذا قامت برفض العرض المصري، والتزمت فقط بضبط حدود قطاع غزة.
لا يُستبعد تورط إسرائيل في جريمة الخطف، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في ضوء الحرب المفتوحة مع كتائب القسام، فمن راقب الإعلام العبري وجد اهتماما ملحوظا منذ اللحظة الأولى ونشر بعد التفاصيل غير الموثقة عن هوية الضحايا مع مباهاة خفيفة، وحتى وإن كان الاحتلال خلف العملية، فإنه لا يعفي النظام المصري من تحمل المسؤولية فالاختطاف حدث في الأرض المصرية وبمنطقة سيطرته.
صمت الفصائل الفلسطينية المريب حول عملية اختطاف الشبان، بالإضافة لصمت السلطة والرئاسة، وتجاهلهم للحدث يكشف عقم هذه المنظومة المهترئة، ويعزز أن الجهات الأمنية بمصر هي من قام بذلك، وإلا لخرجت عشرات البيانات لتدين وتشجب، ولهذا فإن حياة هؤلاء الأربعة ومصيرهم يتحمله النظام المصري، وأعتقد أن حكمة النظام ستقوده ليعترف ويقر قريبا بذلك، ويسوي الأمور قبل تضاعف نتائجها.
أحسنت كتائب القسام صنعا بتبني الشبان المختطفين الأربعة، وتعتبر خطوة متقدمة، وهو لعب على المكشوف ورفع لأهمية الحدث، ورسالة للخاطفين أن الأمر ليس مزحة أو عمل يمكنه أن يمضي دون تبعات خطيرة، والتهديد بأنه لن يمر مرور الكرام دليل جدية من القسام أن هذا الملف متفجر وله ردات فعل قد تكون خطيرة ومفاجئة، وقول القسام أن الملف بكافة تفاصيله بين يدي قيادة الكتائب يعني أن بوابة التعامل معه ستكون وفق معطيات عسكرية أكثر منها سياسية.
أعتقد أن استمرار اختطاف الشبان الأربعة سيهدد وقف إطلاق النار وسيضعه على المحك، وقد تنفجر الأوضاع بشكل أكبر بكثير من أي توقع .
غزة تغلي كالمرجل ولا يعرف أحد كيف شكل وحجم وتوجه هذه التداعيات.