أعلنت رئاسة الأركان التركية يوم الاثنين في بيان، عن استشهاد 16 عسكريا وإصابة ستة آخرين بجروح جراء هجوم إرهابي استهدف مدرعتين للجيش يوم الأحد في منطقة "داغليجا" التابعة لقضاء "يوكسك أوفا" بمحافظة "هكاري" جنوب شرق
تركيا. وكان الهجوم الإرهابي قد تم بتفجير عبوات ناسفة مصنوعة يدويا زرعها عناصر حزب
العمال الكردستاني على جانب الطريق، قبل مرور المدرعتين.
وبعد هجوم داغليجا، فجّر عناصر حزب العمال الكردستاني، يوم الثلاثاء، عبوات ناسفة كانت مزروعة على طريق بقرية "حسن خان" التابعة لقضاء "أراليك" في محافظة "إيغدير" شرق البلاد، لدى مرور سيارة تقل رجال الشرطة، ما أسفر عن استشهاد 13 شرطيا وإصابة آخر بجروح.
هذه الهجمات العنيفة التي قام بها حزب العمال الكردستاني أخرج الأتراك في مختلف أنحاء البلاد إلى الشوارع في مظاهرات عفوية ومسيرات غاضبة للتنديد بالهجمات الإرهابية، وعلَّق المواطنون الأتراك على بيوتهم ومحلاتهم وشوارعهم وسياراتهم، الأعلام التركية تعبيرا عن تضامنهم مع أسر الشهداء واستنكارا للإرهاب الدموي الذي يستهدف بلادهم.
وسط هذه الهجمات التي تهز تركيا والغضب الشعبي الذي يجتاح البلاد، تبذل بعض وسائل الإعلام التركية، مثل وسائل الإعلام التابعة لمجموعة "دوغان" الإعلامية وجماعة "غولن" بالتحديد، قصارى جهدها لتبرئة حزب العمال الكردستاني من مسؤولية الهجمات الإرهابية وتحاول أن توجِّه الغضب الشعبي نحو رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، من خلال تقارير كاذبة واستخدام جميع أساليب التدليس والمغالطة.
صحيفة "زمان" التابعة لجماعة "غولن" نشرت في الرابع من الشهر الجاري تقريرا على صفحتها الأولى تحت عنوان عريض، يفيد بأن رسالة وجدت في جيب شرطي استشهد بانفجار عبوة ناسفة زرعها عناصر حزب العمال الكردستاني، وأن الشرطي المذكور يوصي في تلك الرسالة بأن لا يحضر جنازته رئيس الجمهورية ولا رئيس الوزراء ولا أحد من الوزراء، ويقول: "أسأل الله أن يذيقهم من الآلام والأحزان أضعاف ما ذاقت البلاد بسببهم".
عائلة الشهيد نفت وجود مثل هذه الرسالة وأكدت أنها مزورة، واستنكر والد الشهيد بشدة استغلال ما حل بهم وتوظيفه لتصفية الحسابات، وأشار إلى أن أي واحد بإمكانه أن يزور مثل هذه الرسالة وينشرها في مواقع التواصل الاجتماعي، مشددا على أنه سيرفع دعوى قضائية ضد هؤلاء الذين زوّروا الرسالة على لسان ابنه الشهيد ونشروها في وسائل الإعلام. وعلى الرغم من نفي العائلة، فقد واصل بعض المعارضين لحزب
العدالة والتنمية ولرئيس الجمهورية نشر هذه الشائعة دون أن يخجلوا.
وفي مثال آخر لما تقوم به وسائل إعلام معارضة لتضليل الرأي العام التركي ولفت الأنظار عن جرائم حزب العمال الكردستاني، نشرت صحيفة "حرِّيت" التابعة لمجموعة "دوغان" الإعلامية، بعد الهجوم الإرهابي الذي أسفر عن استشهاد 16 عسكريا في منطقة "داغليجا"، تقريرا على موقعها الإلكتروني، بعنوان "تعليق أردوغان على هجوم داغليجا: لو حصل (حزب العدالة والتنمية) على 400 مقعدا لما حدث كل هذا". وأثار هذا العنوان غضب مؤيدي رئيس الجمهورية، ولم يكن أردوغان قد تفوه بهذا التصريح على الإطلاق. وبعد توالي الردود الغاضبة، فقد اضطرت الصحيفة إلى حذف التقرير والعنوان من موقعها الإلكتروني، واعترفت بعد ذلك بأن صياغة العنوان المثير كانت خاطئة، إلا أن الصحيفة نجحت في لحظة حساسة في إثارة هذا الموضوع، وبدأ الناس يتحدثون عن تعليق أردوغان وينشغلون به بدلا من أن يستنكروا إرهاب حزب العمال الكردستاني.
لم يكن ما قامت به صحيفة "حرِّيت" خطأ عابرا، بل كان نشر العنوان المذكور يهدف إلى دفع القارئ ليقول إن كل الهجمات الإرهابية وسقوط الشهداء والجرحى بسبب تعنت رئيس الجمهورية ورغبته في تغيير الدستور، بدليل أن الصحيفة كررت "الخطأ" نفسه في تغريدات نشرت في حسابها بموقع "تويتر" وقالت فيها إن أردوغان يتحدث عن الأحداث والتطورات دون التطرق إلى الهجوم الإرهابي، مع أنه كان يتحدث آنذاك على الهواء مباشرة، ويعبر عن حزنه الشديد ويترحم على الشهداء ويسأل الله الشفاء العاجل للمصابين.
وسائل الإعلام المعارضة التابعة لمجموعة "دوغان" الإعلامية وجماعة كولن، تحرص بشكل لافت على تفادي ذكر اسم حزب العمال الكردستاني في تقاريرها عن الهجمات الإرهابية، وكأن تلك الهجمات يقوم بها رجال أتوا من خارج الدنيا أو تلك العبوات الناسفة نبتت هناك مثل الأعشاب. وبالتالي، يتساءل المراقبون: "هل يلقي حزب العمال الكردستاني سلاحه وينهي هجماته في الوقت الذي تقوم فيه وسائل إعلام تركية بتبرئته من كل جريمة يرتكبها وتحمِّل أردوغان مسؤولية الهجمات الإرهابية؟".