إلى جانب قساوة الجوع، والأوضاع المعيشية، وآثار
الحصار الذي يفرضه تنظيم الدولة على
ناحية البغدادي في
العراق، يواجه الأهالي تهديدا جديدا بات يلوح في الأفق، هو انتشار فيروس يجهل الأطباء تشخيصه حتى الآن، ويتسبب بشلل شبه تام مع ارتفاع درجات الحرارة.
لم يكن أبو فرات، وهو من منطقة المجمع السكني غربي البغدادي، يعرف أن السبب الذي أدى إلى شلل كامل بأعصاب ابنه عثمان (14 سنة)، هو الإصابة بفيروس مجهول، لكنه يرى أن سبب إصابة ابنه بلا شك هو الإهمال الصحي، وقلة اللقاحات الوبائية، في وقت تنتشر فيه
الأوبئة مثل النار في الهشيم.
ويروي أبو فرات لـ"عربي21" أنه لاحظ قبل أسبوع علامات التعب ظاهرة على وجه ابنه، فضلا عن ارتفاع في درجة حرارة جسده بشكل غير طبيعي. كما أن حركته أصبحت بطيئة، ومع الأيام أصيب الطفل بالشلل التام. وهو يعاني أيضا من اصفرار في عينيه، وإعياء شديد.
وقد قام أبو فرات بنقل ابنه إلى المستشفى، وبعد كشف الأطباء عليه تبين أنه مصاب بفيرورس غير معروف.
من جانبه، قال الطبيب عبد الستار الألوسي، أحد الأطباء الأخصائيين في مستشفى ناحية البغدادي العام، لـ"عربي21"، إن هذا المرض هو نتيجة فيروس مجهول بدأ بالاتنشار بسرعة فائقة بين سكان ناحية البغدادي، لا سيما الأطفال والنساء وكبار السن، مضيفا: "لا يبدو أن المرض بصدد الانحسار، وهذا غير مطمئن".
وسجلت إحصائيات المستشفى خلال اليومين الماضيين إصابة 300 شخص بهذا المرض. وأكد الطبيب أن غالبية المصابين حالتهم الصحية حرجة للغاية، وتحتاج إلى عناية مركزية ومراقبة، لكنه حذر من إصابة جميع سكان البغدادي بالمرض.
ويضيف الطبيب، شارحا أعراض المرض، بأنه "شعور يصاحب الشخص المصاب بارتفاع في درجة حرارته بشكل مخيف، إضافة إلى الإقياء، وفقدان الوعي، وآلام في أنحاء الجسم والمفاصل".
وأضاف: "لكن حتى الآن لم تتم معالجة المرضى؛ لعدم وجود كوادر طبية متخصصة ومختبرات حديثة للكشف عن المرض، وما هي أسبابه وطرق علاجه".
ووفق الطبيب الألوسي، فإن أعراض الفايروس تشبه إلى حد ما أعراض الأشخاص المصابين بالتيفوئيد الناجم عن تلوث المياه، مشيرا إلى أن انتشار المرض من الممكن أن يكون بسبب الحصار وانقطاع المياه اللذين دفعا السكان للجوء للآبار الارتوازية والأنهار الملوثة غير الصالحة للشرب.
وتوقع الطبيب أن ينتشر المرض في أكثر من مكان خارج ناحية البغدادي خلال الأيام المقبلة، معللا ذلك بعدم أخذ وزارة الصحة على محمل الجد الأضرار الناجمة عن هذا المرض، ونقل حاملي الإصابات إلى مشاف لا تتوفر فيها غرف خاصة لحجر المرضى؛ لتجنيب الاختلاط والحد من انتشاره.
لكن جلال اللهيبي، وهو أحد المصابين بالمرض، يقول إنه مضى على رقوده في المستشفى يوم كامل، وهو يعاني من صداع قوي، ولا يستطع تحريك ساقيه ويديه، وإنه أشبه بالمشلول.
وأشار إلى أن المرض انتقل إليه عن طريق أحد الأشخاص المصابين من أقاربه، عندما كان يحاول إسعافه إلى المشفى، لكن جلال صُدم بعد ساعات بتعرضه للأعراض ذاتها.
ويضيف أنه لم يتمكن من الحصول على بعض الأدوية المسكنة للآلام، وهي مجموعة إبر وحبوب خاصة، وقال: "الأطباء عاجزون عن تقديم المساعدة، ونصحوني بالذهاب إلى مشافي بغداد لتلقي العلاج هناك؛ لتوفر الأدوية اللازمة، ووجود أجهزة مختبرية متطورة لتحديد نوع الفايروس"، كما قال في حديثه لـ"عربي21".