أول غيث الاتفاق
النووي بين
إيران والغرب التحذير الذي أطلقه وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون مكافحة الإرهاب والمخابرات المالية آدم زوبين، من أن أي مصرف إيراني يشمله قرار تخفيف العقوبات الذي فُرض بموجب الاتفاق، سيعاقب بإعادة تطبيق العقوبات عليه إذا اتضح أنه يؤيد "
حزب الله" أو "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي يترأسه اللواء قاسم
سليماني.
من هنا كان لافتا قول اللواء سليماني هذا الأسبوع خلال الجمعية العمومية الـ21 لقادة الحرس ومسؤوليه "إن أمريكا بتحالفاتها التي أوجدتها، سعت إلى شطب حزب الله من الساحة اللبنانية، إلا أنها لم تمتلك القدرة على احتواء حزب الله... بل على العكس من ذلك فقد أصبح حزب الله أكثر قوة".
بالتأكيد، أن اللواء سليماني مصيب في تقدير قوة الحزب في لبنان، لكنه أغفل الحديث كليا عن دوره ودور الحزب في سوريا والعراق واليمن، وهي ساحات منيَ فيها سليماني شخصيا بهزائم أدت الى وضعه جانبا على مستوى القرار في طهران.
أما في سوريا فقد اختفى اسم "حزب الله" من المشهد العام، إذ لم يرد هذا الاسم في المقابلة المطوّلة التي أجرتها قبل أيام وسائل الإعلام الروسية مع رئيس النظام بشار الأسد. حتى إن إيران التي تمثل حبل السرّة بالنسبة للحزب، تعرّضت للتهميش بعد تسلّم روسيا دفة الأحداث في سوريا.
فعندما سئل الأسد في هذه المقابلة: كيف تقيّمون المبادرات الإيرانية الأخيرة والمتعلقة بتسوية الوضع في سوريا، أجاب: "حاليا لا توجد مبادرة إيرانية، إنما توجد أفكار...". وتزامن إنكار الأسد وجود مبادرة إيرانية مع إعلان مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون العربية والإفريقية، حسين أمير عبد اللهيان، من طهران "أن المبادرة الإيرانية لحل الأزمة السورية، سيتم تفعيلها عقب إجراء مشاورات مع المسؤولين الروس خلال الأيام القادمة" كما أوردت صحيفة "كيهان" الإيرانية.
من سوء طالع "حزب الله" أن يأتي تراجع اسمه إلى الظل السوري وسط محنة قاسية يمرّ بها في الحرب السورية، وخصوصا في معارك الزبداني التي تكبد فيها حتى الآن بعد أسابيع من التورط فيها أكثر من مئة قتيل، مما أثار تكهنات بأن الدخول الروسي بقوة على خط التطورات في سوريا سببه خشية موسكو من أن يفلت الزمام، إذا ما استمر الاتكال على الحزب ومن خلفه إيران لتوفير درع حماية كي لا يسقط الأسد.
من الواضح أن "حزب الله" يجنح هذه الأيام إلى الاعتدال في لبنان، وهو اعتدال يشبه سلوك الحزب في ثمانينيات القرن الماضي عندما أعدمت القوات السورية رميا بالرصاص عددا من عناصر الحزب في ثكنة "فتح الله" ببيروت؛ كمقدمة لإمساك دمشق بزمام الأمن في العاصمة اللبنانية، فآثر الحزب الانضباط. واليوم، وفي زمن الاتفاق النووي، يبدو أن المشهد يتكرر، ولكن هذه المرة مع دخول روسيا إلى سوريا للقيام بما قامت به سوريا في لبنان قبل 40 عاما.
(نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية)