نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية، تقريرا حول ما وصلت إليه آخر التطورات في
اليمن، وحول المآلات التي يمكن أن تنتهي إليها
المعارك الدائرة هناك.
وقال التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن اليمن يشهد تطورات تنبئ بوقوع تغييرات جذرية في مسار الصراع الدائر في البلاد، "فبعد إعلان
الحوثيين عن سيطرتهم على مدينة
عدن ثاني أكبر مدينة يمنية، وعلى مينائها الذي يُعد الميناء اليمني الوحيد المطل على بحر العرب؛ تمكنت قوات المقاومة الشعبية وقوات التحالف التي تقودها
السعودية، من تحرير الأقاليم الخمسة المكونة للجنوب اليمني".
وأضافت أن عودة نائب الرئيس ورئيس الحكومة خالد بحاح لليمن؛ تحمل هدفا واضحا، رغم بقاء الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في الرياض إلى حد الآن، وهو توحيد الجهود، وتنظيم المقاومة الشعبية، استعدادا لدحر
الحوثيين من تعز، ثالث أكبر مدينة في البلاد، ومن ثم الانتقال إلى العاصمة
صنعاء عبر عملية برية ستكون بالتنسيق والاشتراك مع قوات التحالف المتواجدة في مدينة مأرب الواقعة وسط البلاد.
وأوضحت أن استعادة الجنوب اليمني لم تكن مهمة مستحيلة، وذلك بفضل العداء الذي يكنه سكان المنطقة الجنوبية لقبيلة الحوثي الشيعية، مرجحة أن تواجه المقاومة الشعبية وقوات التحالف كثيرا من الصعوبات عند محاولة استعادة العاصمة صنعاء، حيث قام الحوثيون بتركيز ثقلهم هناك، وأحكموا سيطرتهم على مفاصل العاصمة.
وقالت الصحيفة إن كلا الطرفين يرفضان دعوات وقف إطلاق النار، وذلك بالرغم من جهود الوساطة التي يبذلها السلطان قابوس، حاكم سلطنة عمان، وبالرغم مما أعلنه المبعوث الموريتاني للأمم المتحدة في اليمن، إسماعيل أحمد ولد الشيخ، حول موافقة الحوثيين وقوات المقاومة الشعبية على الالتقاء في سلطنة عمان.
وللتأكيد على فكرة عدم وجود رغبة حقيقية في الذهاب للمفاوضات؛ أشارت الصحيفة إلى إعلان منصور هادي مؤخرا، عن إطلاق عملية عسكرية برية لاستعادة منطقة مأرب الغنية بالنفط، والواقعة شمال غرب العاصمة صنعاء، "مؤكدا بذلك إصراره على عدم استئناف المفاوضات مع الحوثيين، إلا بعد انسحابهم من المناطق التي سيطروا عليها منذ شباط/ فبراير 2015، وإعادتهم للأسلحة التي استولوا عليها".
من جهة أخرى؛ شددت الصحيفة على أهمية انتقال التحالف من مرحلة الاقتصار على الطلعات الجوية، إلى مرحلة إرسال وحدات مقاتلة على الأرض، مشيرة إلى أن السعودية أرسلت قوات من النخبة إلى اليمن، وأرسلت قطر حوالي ألف جندي، وأرسلت مصر 800 جندي، بالإضافة إلى إعلان أمير البحرين في وقت سابق، عن مشاركة نجليه في عمليات تحرير اليمن ضمن البعثة البحرينية.
وبحسب "لوبوان"؛ فإنها تتمثل الخطة المستقبلية لقوات التحالف، في إرسال قوات من الجنوب نحو تعز، بينما تتقدم قوات أخرى للتحالف مدعومة بالدبابات وقاذفات الصواريخ نحو مأرب، قادمة من الحدود السعودية، لتصبح مأرب نقطة تجمع الجيوش استعدادا للتوجه نحو صنعاء في مرحلة قادمة.
وفي تعليقها على مشاركة دول بعيدة نسبيا عن المنطقة، مثل المغرب وباكستان في العملية؛ قالت الصحيفة إن الصراع القبلي الذي نشب في اليمن، أيقظ كل المطامع والتناقضات الكامنة في منطقة الشرق الأوسط.
وأضافت أن الصراع في اليمن يبدو في بعده الأول مرتبطا بصفة كلية بالسعودية، إذ تنظر السعودية لليمن على أنها حديقتها الخلفية، لدرجة أن ملفها لم يسند لوزير الخارجية، وإنما لولي العهد الذي يتابع الملف اليمني بصفة مباشرة.
ورأت أن الحوثيين استغلوا انشغال السعودية ودول المنطقة بمجريات أحداث الربيع العربي؛ للانفراد بالرئيس منصور هادي، ما مكنهم من إسقاط حكمه بسهولة، والسيطرة على معظم أرجاء البلاد.
واعتبرت أن الصراع اليمني ديني في بعده الثاني، حيث ينتمي السعوديون إلى العالم السني، وكذلك معظم الدول المشاركة في التحالف، في حين ينتمي الحوثيون إلى المذهب الشيعي الزيدي.
وبينت أن البعد الثالث لهذا الصراع؛ هو البعد الجيوسياسي، "فالسعودية حاربت الحوثيين عدة مرات لأنها تعتبرهم الذراع المسلح لإيران في المنطقة، وتتهم
إيران بتقوية شوكة الحوثيين في المنطقة لاستخدامهم لفرض سيطرتها على كامل الجزيرة العربية".
وقالت الصحيفة إن تقارير عدة أشارت منذ عام 2000، إلى أن الحوثيين يتلقون دعما عسكريا إيرانيا عبر إريتريا، مضيفة أن الدعم العسكري الإيراني للحوثيين تضاعف في الربيع الماضي، عندما أقامت إيران جسرا جويا بين إيران وصنعاء.
ولفتت إلى أن الرياض ترى أن إيران تريد محاصرتها عبر تقوية شوكة الحوثيين في اليمن، وتدعيم وجود
الشيعة في سدة الحكم ببغداد، مشيرة إلى أن "الخطر على سلامة الجزيرة العربية، في حال عدم تحرك السعودية، سيكون أكبر مما هو عليه الآن، خاصة بعد أن عقدت إيران اتفاقها النووي مع أمريكا والمجتمع الدولي".
وذهبت إلى أن الوضع ما زال مضطربا ومشوشا، وأن الحديث عن انهزام الحوثيين بات أمرا سابقا لأوانه؛ لأنهم يحتمون بالجبال المتواجدة على تخوم صنعاء ويخزنون عتادهم هناك.
وأشارت صحيفة لوبوان إلى أن الوضع الأمني في جنوب البلاد يُعد باعثا للقلق، بسبب غياب الدولة، وبسبب الفراغ الذي تركه رحيل الحوثيين عن الجنوب، والذي يسعى تنظيم القاعدة لملئه، لافتة إلى أن ملاحقة أمريكا والسعودية لعناصر القاعدة في الجنوب؛ ستكون أصعب بكثير من مواجهة جماعة الحوثي وأتباعه.