نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، تقريرا حول الدعوات المتتالية للمستوطنين
الإسرائيليين، الذين استغلوا الاحتجاجات
الفلسطينية الأخيرة، من أجل الحصول على حماية أكبر، وزيادة أنشطة بناء المستوطنات.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن مقتل "أيتام" و"نعمة" هانكين، اللذين يعيشان مع أربعة أطفال في مستوطنة نيريا غربي رام الله، بعد أن تعرضت سيارتهما في طريق العودة إلى إطلاق نار في 2 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري؛ دفع المستوطنين للمطالبة ببناء مزيد من المستوطنات، وبتحقيق الأمن لهم.
ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم مستوطنة نيريا، نيرال سولومون، قوله: "في ذلك المساء؛ كان هناك احتقان كبير لدى الشباب، إلى درجة أنهم كانوا مستعدين للاحتجاج للتعبير عن غضبهم".
وأشارت إلى أنه في اليوم التالي، قام رئيس المجلس الإقليمي في "السامرة" يوسي داغان، بنصب خيمة أمام مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، احتجاجا على هذا الهجوم، ليبدأ ممثلو وسكان المستوطنات بالتوافد على هذه الخيمة.
وأضافت أن الإعلام ينقل أخبار عمليات الطعن بالسكاكين بشكل مستمر منذ 10 أيام، وأن هذا الأمر أصبح يشكل خطورة كبيرة بالنسبة للمستوطنين، مما جعلهم يحاولون التأثير على الحكومة، مشيرة إلى قول رئيس مجلس "يشع" (منظمة تضم ممثلي المستوطنين) آفي روه: "نعتقد أن هناك نافذة تاريخية لتغيير الوضع، وتوسيع السيادة الإسرائيلية في كل منطقة يهودا والسامرة (التسمية الإسرائيلية للضفة الغربية)، فإنشاء دولة عربية جديدة لا معنى له، وخاصة في ظل ما يحدث في المنطقة".
ونقلت الصحيفة تصريح المتحدث باسم مستوطنة نيريا، نيرال سولومون، الذي قال إن "رئيس الوزراء يريد أن يرقى إلى مستوى الوعود الانتخابية، ولكننا نشعر بالإحباط"، مضيفا: "تحظى هذه المستوطنة بشعبية كبيرة، لكننا نفتقر للمساحة الكافية حتى نتمكن من استيعاب سكان جدد، أو نقوم بعمليات توسيع لمنازلنا، فمنذ قدوم إدارة أوباما؛ تم تجميد عمليات البناء، دون أن يساهم هذا في تحقيق السلام".
وذكرت الصحيفة أن المستوطنين يطالبون بإنشاء مستوطنة جديدة في المكان الذي قتلت فيه عائلة هانكين، وخاصة مع إدراكهم بأن النواب والوزراء يقفون إلى جانبهم، ومنهم عدد من أعضاء الحكومة؛ أعلنوا مؤخرا عن رفضهم لحل الدولتين.
وأشارت إلى أن الأغلبية البرلمانية بمقعد واحد، مثلت عائقا أمام نتنياهو، وجعلته في وضع حرج أمام مطالب هؤلاء المتطرفين، وخاصة بعد ادعائه بأنه سيحد من الأعمال الانتقامية التي يقوم بها "الإرهاب اليهودي"، وذلك بعد أن استنكر عملية حرق منزل فلسطيني في قرية دوما بالقرب من نابلس، يوم 31 تموز/ يوليو، مما تسبب في وفاة طفل فلسطيني يبلغ من العمر 18 شهرا، بالإضافة إلى والديه.
ولفتت الصحيفة إلى وجود موضوعين للنقاش بين نتنياهو والمستوطنين؛ "أما بالنسبة للموضوع الأول؛ فهو المتعلق بالأمن"، مبينة أنه "تم الاتفاق على تعزيز المراقبة على الطرق السريعة، حيث تكثر عمليات رشق سيارات المستوطنين بالحجارة من قبل الفلسطينيين، الذين تم تغليظ العقوبات في حقهم".
ونقلت "لوموند" عن رئيس المجلس الإقليمي في مستوطنة غوش عتصيون، ديفيد بيرال، قوله: "تساعد الكاميرات في التعرف على المجرم، ولكنها لا تمنع من وقوع الجريمة، ومن الضروري تحرّك الحكومة، فنحن نريد أن يدخل الجيش في المدن والقرى، ويعثر على الإرهابيين ويطردهم وأُسَرهم من إسرائيل، نحو البلدان العربية، أو إلى أوروبا، وخاصة بعد أن أصبحت هذه الأخيرة راغبة في استقبال العديد من السوريين".
وبيّنت الصحيفة أن نقطة النقاش الثانية بين نتنياهو والمستوطنين؛ تتعلق باستئناف مشاريع البناء الكبرى في المستوطنات، فوفقا لممثلي المستوطنين؛ يرفض نتنياهو أي مبادرة فورية متعلقة بهذا الموضوع، متعذرا بالضغوط الأمريكية التي يتعرض لها.
ولفتت إلى إدعاء صحيفة "هآرتس" اليسارية الإسرائيلية، الأحد الماضي، أن فرنسا عرضت يوم 30 أيلول/ سبتمبر في نيويورك، مشروع قرار للأمم المتحدة يدين
الاستيطان، "علما بأنه في عام 2011، رفض مجلس الأمن نصا حول هذا الشأن بسبب الفيتو الأمريكي"، مشيرة إلى أنه "وفقا للصحافة الإسرائيلية؛ فقد هددت واشنطن نتنياهو بعدم استخدام حق النقض؛ إذا استؤنفت مشاريع البناء"، بينما نفت "الخارجية الأمريكية" ذلك.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن "المستوطنين يمثلون أقلية، إلا أن نفوذهم السياسي أصبح أكبر بكثير من عددهم، وأيديولوجيتهم باتت مؤثرة في المشهد السياسي، وخصوصا مع غياب اليسار الإسرائيلي، الذي كان من المفترض أن يقدم بديلا صلبا، وهو ما جعل الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، يقول إن بناء المستوطنات حق وطني وتاريخي".
وأشارت إلى أن المنظمة الإسرائيلية غير الحكومية "السلام الآن"، أوضحت أنه في عام 2012 كان هناك 341 ألف مستوطن بالضفة الغربية، وفي عام 2014 أصبح تعدادهم 370 ألفا، بالإضافة إلى ألفين في القدس الشرقية، "أما بالنسبة للإنشاءات؛ فقد تم إطلاق بناء 2874 وحدة سكنية في عام 2013، وبلغ هذا العدد 1503 في عام 2014، و983 خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2015".
وختمت الصحيفة بالنقل عن رئيس مكتب العلاقات الخارجية لـ"السلام الآن" أنات بن نون، قوله إن "من الخطأ تماما القول بأن كل شيء توقف، فلم تتوقف عمليات البناء في البؤر الاستيطانية غير القانونية، ولا في الكتل الاستيطانية الكبيرة".