كشفت صحيفة "ميل أون صاندي" البريطانية عن رسالة إلكترونية سرية، توضح "عقد الدم" الذي وقعه رئيس الوزراء السابق توني
بلير، مع الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو
بوش، حول
العراق.
ويشير التقرير إلى أن مذكرة نشرها البيت الأبيض لأول مرة، تظهر أن بلير تعهد بالمشاركة في غزو العراق قبل عام من إعلانه.
وتبين الصحيفة أن المذكرة تناقض مزاعم رئيس الوزراء في حينه، بأنه يبحث عن حل دبلوماسي للأزمة، حيث قال للناخب البريطاني: "لا نبحث عن حل عسكري للأزمة".
ويكشف التقرير عن أن المذكرة تظهر أن بلير وافق على أداء دور "المروج" للغزو، وإقناع الرأي العام المتشكك بالعملية العسكرية، بأن الرئيس العراقي السابق
صدام حسين يملك أسلحة دمار شامل. ومقابل خدماته، سيعمل بوش على تقديم
بريطانيا بأنها ليست تابعا، ولكنها شريك على قدم المساواة مع الولايات المتحدة.
وتذكر الصحيفة أن وزير الخارجية في حينه كولن باول هو من كتب المذكرة، وأنها مؤرخة في يوم 28 آذار/ مارس 2002، أي قبل أسبوع من اجتماع بلير مع بوش في منتجع كروفورد في ولاية تكساس.
ويلفت التقرير إلى أن باول أخبر بوش في الرسالة أن بلير "سيكون معنا في العملية العسكرية"، و"ستتبع بريطانيا قيادتنا".
وتعلق الصحيفة بأن المذكرة تستدعي من سير جون تشيلكوت، إعادة فتح ملف التحقيق في حرب العراق؛ لأنه لم يشاهدها من قبل.
وعثرت "ميل أون صاندي" على المذكرة ضمن الرسائل الإلكترونية المحفوظة في برنامج سري كانت تستخدمه وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.
وينقل التقرير عن وزير الظل السابق في حزب المحافظين ديفيد ديفيس قوله: "إن الرسالة تثبت ما كنا نعرفه في السابق بأن بلير وافق على أداء دور الواجهة للسياسة الخارجية الأمريكية، قبل أن يتخذ مجلس العموم أو الحكومة قرارا"، بشأن العراق. وأضاف أن بلير كان "سعيدا لأن يبيض سياسة بوش حول العراق، ويرهن السياسة الخارجية البريطانية لدولة أخرى، دون أن يكون له أي تأثير عليها. ومقابل ماذا؟ من أجل أن يتظاهر بوش بأن بلير لاعب على الساحة الدولية، ومن أجل إثارة إعجاب الناخبين في بريطانيا".
وتورد الصحيفة أن المذكرة تظهر، ودون شك، أن بلير كان منذ البداية مستعدا لحرب العراق، وتظهر كيف خطط الأمريكيون لأن يقوم بلير بدور مهم لتعزيز موقعه في بريطانيا.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته
"عربي21"، بأن المتحدث باسم بلير أكد أن ما جاء في مذكرة باول متطابق مع ما دعا إليه بلير. مستدركا بأن المذكرة المعنونة بـ"مذكرة سرية للرئيس" تكشف الغطاء عن الطريقة التي خطط لها بوش وبلير للحرب ضد العراق، خلف الأبواب المغلقة في منتجع كروفورد.
وبحسب الصحيفة، فقد كتب باول أن بلير سيقدم للرئيس "الخطوط الاستراتيجية والتكتيكية والعامة، التي يعتقد أنها تقوي الدعم الدولي لقضيتنا"، وأضاف أن بلير "لديه المهارات الجيدة لتقديم قضية موثوقة، فيما يتعلق بالتهديدات العراقية الحالية للمجتمع الدولي".
وينوه التقرير إلى أن بلير قد قدم في أيلول/ سبتمبر ملفه، الذي أدعى فيه أن صدام حسين لديه القدرة على ضرب بريطانيا في 45 دقيقة. وبحسب مذكرة باول، فإنه لدى بلير القدرة على متابعة الملف في الأمم المتحدة، وسيؤكد لمجلس الأمن "أننا فكرنا في العملية بشكل كامل"، أي ما بعد الغزو. ويقول نقاد العملية إن نقص التخطيط لما بعد العملية أدى إلى موت مئات الآلاف من العراقيين، وأسهم بولادة تنظيم الدولة في العراق وسوريا.
وتذكر الصحيفة أن باول أشار إلى أن بلير يعاني من مشكلات محلية؛ بسبب أسلوبه "الرئاسي" المتغطرس في الحكم، وهو أمر لا يعد جيدا في بريطانيا، وأنه "مؤيد لأمريكا".
ويوضح التقرير أن باول كشف عن خلاف داخل حكومة بلير، وأن جزءا من وزارة الخارجية، التي يقودها جاك سترو ووزارة الدفاع في ظل جيف هون، ترى أن الرأي العام ليس مقتنعا بالعمل العسكري. ولهذا يقول باول إن بلير "سيقف معنا في القضايا الكبرى، لكنه يريد تخفيف آثار هذا على الصعيد المحلي البريطاني".
وتختم "ميل أون صاندي" تقريرها بالإشارة إلى أن بوش عمل جهده لإرضاء غرور بلير، حيث كان أول زعيم أجنبي يدعى إلى منتجع كروفورد، وأقام قريبا من سكن بوش، وأخذ الأخير بلير في رحلة على شاحنة صغيرة ليريه جمال المنتجع، ودعاه إلى حضور اجتماع مع قادة "سي آي إيه".