تعارض الغالبية العظمى من كوادر وجمهور
تيار المستقبل في
لبنان قرار رئيسه سعد
الحريري استمرار الحوار المفتوح مع
حزب الله، والذي استضاف رئيس
حركة أمل نبيه بري جولته الأخيرة الأربعاء الماضي في مقر إقامته الرسمي في منطقة عين التينة ببيروت بصفته رئيسا لمجلس النواب.
ويعتبر المعترضون أن حزبا يسخر كل موارده البشرية والعسكرية لخدمة المشروع الإيراني على امتداد المنطقة، ومحاربة الاعتدال العربي بزعامة المملكة العربية السعودية، فضلا عن تعطيله المؤسسات الدستورية داخل لبنان من انتخاب رئيس جديد للجمهورية إلى أبسط الإجراءات الإدارية والأمنية، لا يمكن الجلوس معه على طاولة واحدة، يبدو تيار المستقبل في تظهير صورتها النهائية كمن يؤتى به إلى بيت الطاعة. بينما ينطلق القلة من أنصار الحوار من مصطلحات ليست بعيدة عن بيت الطاعة، ويقولون إن الطلاق حين يحدث بين زوجين فإن الأبناء هم من سيتصدعون، والأبناء هنا جميع المواطنين اللبنانيين بلا استثناء واللاجئين الفلسطينيين والسوريين.
ورغم معرفتها الأكيدة أن خيارها "العقلاني" ليس شعبويا، فإن قيادة فريق "المستقبل" إلى الحوار وفي محاولة منها لإشعار جمهورها بمكاسب اللقاء، بادرت بعد انتهاء جلسة الأربعاء إلى تأكيد أنها كانت مثمرة أكثر من أي وقت مضى، وأن الطرفين جددا تمسكهما بحكومة "تمّام سلام" وإنقاذها من الشلل الذي تغرق فيه، والبدء فعليا بمعالجة قضايا الناس بدءا من أزمة النفايات وصولا إلى استئناف التشريع داخل البرلمان، فضلا عن تفعيل العمل الأمني في كل المناطق.
وفي إثارة النقطة الأخيرة محاولة لتهدئة شارع "المستقبل" الذي يتهم الحكومة، (مع أنه جزء أساسي منها وهو الممسك بحقيبة الأمن والداخلية فيها) بتطبيق الخطط الأمنية فقط في مناطقه بطرابلس، وصيدا بعيدا عن المربعات الأمنية لحزب الله، حيث يؤكد المحاورون أن الحزب أبدى إيجابية تامة في تنفيذ خطة لإلقاء القبض على مطلوبين للعدالة من داخل إطار البيئة الحاضنة له في محافظة البقاع.
لطالما اتَّخذت في السابق خطواتُ الفريقين السعودي الامتداد (المستقبل) والإيراني الولاء (حزب الله) بعدا إقليميا وكأنهما يحرَّكان نسبيا من الرياض وطهران كمثل الروبوتات، إلا أن قرار مواصلة جلسات الحوار رغم عواصف المنطقة والحرب غير المباشرة المستعرة بين السعودية وإيران، يأتي محليا بامتياز ودون معارضة المراجع الإقليمية، وبتشجيع واضح من عواصم أوروبية لا سيما باريس، التي تنصح سفارتها في بيروت زائريها من الشخصيات السياسية بالعمل بأقصى الطاقات الممكنة على تهدئة الأوضاع في لبنان، وعلى الصعد كافة خاصة الأمنية منها؛ لأن بيروت غير حاضرة على طاولات "الكبار" وهي ليست على جدول أي اجتماع دولي معني بتسويات الشرق الأوسط الجديد.
هكذا تكون طاولة حوار حزب الله – المستقبل إذن أشبه بطاولة انتظار للحلول الإقليمية والدولية، وهو لقاء الضرورة بين الطرفين الأوسع تمثيلا في لبنان والعاكسَين للصراع المذهبي الشيعي السني في الخليج والعراق وسوريا الذي تختلف أشكاله بين بلد وآخر، فلماذا لا يتخذ شكل طاولة حوار في لبنان الواصل إلى حافة الانهيار.
حسنا فعلت قيادة تيار المستقبل بتمسكها بالحوار رغم عدم شعبويته، فالسيناريوهات البديلة مرعبة للجميع وليس لطرف دون آخر، ثم إن التجارب أثبتب أن أيديولوجية حزب الله لا تتعارض مع البراغماتية وأنه قادر على إنتاج الحلول الصغيرة التي لا تُعتبر من اختصاص الولي الفقيه.
وتذكرنا سياسة الرئيس سعد الحريري الحالية مع حزب الله بالسياسة الواقعية التي انتهجها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي ورفضَها "المستقبل" بالمطلق في حينه متهما الميقاتي بالتفريط بحقوق الطائفة السنية.