نشرت صحيفة البايس الإسبانية تقريرا حول الخطاب السنوي الذي أدلى به الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين؛ أمام الطبقة السياسية والشعب الروسي، وقالت إن بوتين حاول استعمال خطاب حربي لشحن المشاعر القومية للروس، وصرف أنظارهم عن المشكلات الداخلية التي فشل في معالجتها، من خلال التركيز على الأزمة مع
تركيا والحرب على
الإرهاب.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الحرب على الإرهاب في سوريا، والتوتر في العلاقة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، طغت على خطاب بوتين الذي يلقيه كل سنة حول حالة الأمة الروسية، أمام أعضاء مجلسي السلطة التشريعية والنخبة السياسية في البلاد.
وأضافت أن الرئيس الروسي لم يقدم أية حلول للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي تفاقمت وتكدست، بسبب تدخل
روسيا في سوريا، والعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل الغرب، وانخفاض أسعار النفط، وتأزم علاقاتها الخارجية بسبب تدخلها السلبي في الأزمة الأوكرانية، حيث تعاني الطبقة الوسطى من تدني قدرتها الشرائية، ويشهد الروبل انخفاضا قياسيا مقارنة باليورو، في ظل تواصل فضائح الفساد التي طالت مقربين من بوتين.
وذكرت الصحيفة أن بوتين استهل حديثه الذي دام ساعة كاملة؛ بدقيقة صمت على أرواح الجنود الروس الذين قتلوا في سوريا، وتوجيه "عبارات الشكر والامتنان للقوات الروسية التي تخوض حربا ضد الإرهاب". وقد لاحظ المتابعون أن بوتين أعاد كلمة "إرهاب" عدة مرات في خطابه، دون تحديد أو توضيح للمجموعة أو الأطراف التي يقصدها بهذه العبارة.
وقالت الصحيفة إن خطاب هذا العام الذي تم إلقاؤه في قاعة القديس جورج في مبنى الكرملين، شهد حضور بعض الطيارين الروس الذين يشاركون في العمليات في سوريا، وإلينا وإيرينا بيشكوفا، أرملتا الطيارين اللذين قتلا في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حيث قتل أحدهما عندما أسقطت تركيا طائرة سوخوي 24 روسية اخترقت أجواءها، فيما قتل الآخر عندما أصيبت مروحيته التي كانت عن تبحث عن طياري الطائرة الأولى.
وذكرت الصحيفة أن بوتين عاد خصيصا من جزيرة القرم لإلقاء هذا الخطاب، بعد أن قام هنالك بافتتاح خط جديد لإنتاج الطاقة الكهربائية تحت الماء في مضيق كيرش، قامت بتشييده شركة صينية بهدف تغطية جزء من النقص الحاد في الطاقة الكهربائية الذي ترك شبه الجزيرة غارقة في الظلام، بعد أن قطعت عنها أوكرانيا الكهرباء بشكل فجائي، ما أدى إلى اندلاع احتجاجات في مدينة سيباستوبول، ليفاقم ذلك من المشكلات التي يواجهها بوتين في هذه الفترة.
وأضافت الصحيفة أن بوتين، الذي فضّل توجيه اهتمام الرأي العام الروسي للمشكلات الخارجية، يواجه مشكلات داخلية كبيرة متعلقة بالصعوبات الاقتصادية والفساد، حيث تلاحق الاتهامات في هذه الفترة المدعي العام يوري شايكا، المتورط في في تلقي رشى له ولضباط في الشرطة من أجل التلاعب بملفات بعض المجرمين.
ولم تقم السلطات الروسية حتى الآن بإصدار أي تعليق على هذه الاتهامات، أوعلى الاحتجاجات التي نقلها المخرج أليكسي نافالني، في فيلمه التي يتناول فساد عائلة المدعي العام شايكا، رغم أن الفيلم شوهد لأكثر من 1.3 مرة من قبل الشعب الروسي، بعد ثلاثة أيام فقط من نشره على الإنترنت.
لوتون الفرنسية:
من جهتها، ذكرت صحيفة لوتون الفرنسية؛ أن بوتين أكد في خطابه أمام الكرملين على ضرورة بناء حلف قوي في مواجهة
تنظيم الدولة في سوريا، دون أن يحدد الأطراف التي يمكن التحالف معها. كما اعتبر الرئيس الروسي أن بلاده تلعب دورا هاما في محاربة تنظيم الدولة، الذي شبهه، على حد تعبيره، ألمانيا النازية.
وذكرت الصحيفة أن النقاش في الجلسة الأخيرة للكرملين استبعد مواضيع جوهرية في السياسة الخارجية لفلاديمير بوتين، حيث تم تجاهل القضية الأوكرانية مثلا، وتوسع حلف الناتو والدرع الصاروخية الأمريكية في أوروبا، بينما اكتفى بوتين بالإشارة إلى الدول الغربية عندما ذكر أن روسيا تعرف "من يريد التخلص من الأنظمة المزعجة.. عن طريق زرع الفوضى".
وأضافت الصحيفة أن حساسية الوضع السوري ساهمت في إحداث تغيير ايجابي في السياسة الروسية، حيث أقر إيغور يورغان، مدير معهد الدراسات المعاصرة، أن سوريا تعتبر سببا وجيها "لتترك روسيا خلافاتها جانبا وتجلس للتفاوض مع الغرب حول بناء حلف دولي في مواجهة الإرهاب".
وأشارت الصحيفة إلى أن بقية النقاشات في جلسة المساءلة في الكرملين تعلقت بالسياسة الداخلية لروسيا، وتضمنت هذه النقاشات توصيات للحكومة الروسية وإشادة ببعض خياراتها الاقتصادية. وفي الإطار ذاته، قال المحلل السياسي، ستانيسلاف بلكوفوسكي "إن بوتين قائد عالمي في محاربة الإرهاب.. بينما لا تزال المشكلات الاقتصادية والسياسية الداخلية تثير القلق".
وذكرت الصحيفة أنه لا زال من المبكر الحديث عن أزمة في روسيا، إلا أن انكماش الاقتصاد الروسي بأربعة في المئة هذه السنة، بالإضافة إلى تفشي الفساد والمحسوبية، تعتبر مؤشرات خطيرة، ما دفع ببوتين إلى دعوة النائب العام للاستماع إلى مشاغل المجتمع الروسي، إلا أن النائب العام الروسي، لوري تشايكا، متورط في حد ذاته في عمليات فساد، حيث أوضح تقرير نشره زعيم المعارضة الروسي، ألكسي نافلني، تورط ابني النائب العام في قضايا فساد وعلاقات مشبوهة مع عصابات روسية.
وفي الختام قالت الصحيفة إن فلاديمير بوتين تغاضى في خطابه السنوي عن هذه الاتهامات، وفضل تجاهل الصراع الاجتماعي القائم بين الشعب والدولة بسبب المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وتفشي الفساد.