نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا لآرمن روزين، قال فيه إن
تنظيم الدولة قد يكون أثبت تمكنه من القيام بهجمات معقدة في أنحاء العالم في 2015، ولكن في صميم "
الخلافة" في العراق وسوريا، فإن التنظيم عانى من تراجع مهم على الأقل، وهو خسارة جزء مهم من دخله من
النفط، بحسب تقرير النفط العراقي.
ويشير التقرير إلى أنه دون هذا المصدر الرئيسي للدخل وللعملة الصعبة، فإن التنظيم يخسر إمكانياته في الحفاظ على شكليات الخدمات الحكومية، والنشاطات داخل ما يسميه التنظيم "الخلافة"، ما يؤثر على تمكنه من الحفاظ على الأراضي التي يسيطر عليها، مع تكثيف الجهود الدولية ضد التنظيم.
ويذكر روزين أن رواية تقرير نفط العراق في 28 كانون الأول/ ديسمبر، تعد الأكثر تفصيلا حول البنية النفطية للتنظيم والمتوفرة للعامة. وهي قائمة على مقابلات مع أكثر من عشرة أشخاص، يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، بما في ذلك عمال في قطاع النفط. مشيرا إلى أن الرواية تحتوي على معلومات من وثائق حجمها 7 تيرابايت تم الاستيلاء عليها من مقر مسؤول التنظيم عن النفظ في سوريا أبي سياف، عندما قامت قوات خاصة أمريكية باغتياله في شهر أيار/ مايو.
وتبين الصحيفة أن الرواية تظهر صورة مختلطة لمصادر نفظ التنظيم، بعد 16 شهرا من بدء الحملة الجوية التي تقودها أمريكا ضد التنظيم.
ويلفت التقرير إلى أن أمريكا كانت بطيئة في استيعاب الأهمية الاستراتيجية لاستهداف البنية التحتية النفطية لتنظيم الدولة، حيث كانت تنظر لمنصات النفط والمصافي وشاحنات النفط، على أنها "أهداف
اقتصادية أقل أهمية في ميدان المعركة من الأهداف العسكرية"، بحسب تقرير نفط العراق.
وينوه الكاتب إلى أنه حتى مع خسارة التنظيم لحقول النفط كلها في العراق تقريبا، فإنه لا يزال يسيطر على محطة تصفية تقليدية في الريف في القيارة بالقرب من الموصل.
وتجد الصحيفة أنه باستمرار سيطرة التنظيم على عدد من حقول النفط في سوريا، واستخدام أساليب الخنادق المفتوحة الأقل فعالية في تصفية النفط، فقد حافط التنظيم على أسعار الوقود في المناطق التي يسيطر عليها، بعد التذبذب على مدى السنة ونصف الماضية.
وتورد "إندبندنت" أن التقرير يحتوي على دليل يشير إلى أن أيام ازدهار المبيعات النفطية لتنظيم الدولة، التي كانت تصل فيه العائدات إلى 40 مليون دولار في الشهر من صادرات النفظ، لم تعد موجودة. مبينة أن التقرير يلفت إلى أن تصدير نفط التنظيم كان عملية مركزية، وفيها وسطاء مثل سائقي شاحنات النقل، الذين كانوا يدفعون 10 إلى 20 دولارا ثمن البرميل مباشرة في مكان الشراء.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن التنظيم يقوم باسترجاع ما يبدو أنه تخفيض على سعر النفط، من خلال ضرائب النقل، ويصل النفط إلى السوق التركية من خلال سائقي الشاحنات أو المسؤولين في التنظيم، عن طريق دفع رشاوى للمسؤولين في تركيا أو كردستان العراق.
ويكشف روزين عن أن حوالي 1600 عامل، معظمهم تم توظيفهم من أنحاء العالم، كانوا يعملون في قطاع النفط التابع للتنظيم، ولم يجد الأخير صعوبة في إيجاد الكفاءات عالميا؛ بسبب وضع صناعة النفط المتدهور في العالم، وتم استدراج الموظفين بعرض رواتب مغرية، في وقت كان يتم فيه الاستغناء عن خدمات الكثير من العاملين في هذا القطاع، مستدركا بأن هذه الأيام انتهت.
وبحسب الصحيفة، فقد قام الطيران الأمريكي بتدمير المئات من شاحنات نقل النفط، ما أثر على إمكانيات التنظيم في تصفية النفط. كما أن انخفاض سعر النفط جعل من التهريب تجارة خاسرة، خاصة مع قلة المعروض في مناطق التنظيم.
ويقول التقرير: "إن التنظيم لا يستطيع أن ينتج ما يكفي من النفط لسد الحاجة في المناطق التي يسيطر عليها، بدليل الأسعارالمتقلبة والعالية؛ فلم يتبق هناك شيء تقريبا للتصدير. وأسعار النفط الخام منخفضة إلى درجة أنه حتى لو كان من السهل على المهربين عبور الحدود، فإن تكاليف التهريب، من وقود ووقت ورشاوى، ستقضي على أي أرباح".
ويورد الكاتب أنه يمكن اعتبار هذه التجارة منتهية، كما يقلل من شأن تقارير صحافية، تزعم بأن تمويل التنظيم "يتم من طرق كانت مهجورة بشكل كبير لأكثر من عام".
وتبين الصحيفة أنه ليس من الواضح كيف سيكون أثر غياب تصدير النفط على التنظيم في السنة المقبلة، وقد خسر التنظيم ما يقارب 14% من الأرض التي كان يسيطر عليها في سوريا في 2015، وتم دحره من مركز الرمادي على بعد حوالي 75 ميلا من العاصمة العراقية بغداد هذا الأسبوع.
ويفيد التقرير بأنه في الوقت ذاته، أثبت التنظيم أنه قادر على التحمل، وأبقى سيطرته على مساحات واسعة من العراق وسوريا، بالرغم من عدة هزائم في عدة معارك، وخسارة تصديره للنفط. وكما يقول تقرير النفط العراقي، فإن سيطرة التنظيم على الأراضي تنبع من ضعف الحكومة العراقية ونفور السنة العراقيين من الحكومة في بغداد. مستدركا بأن خسارة تنظيم الدولة للدخل النفطي لا تحل المشكلة الرئيسة، التي تسمح للتنظيم بالسيطرة على مساحات كبيرة من البلد.
ويذهب روزين إلى أنه مع هذا، فإن التراجع في الصادرات يعني ضعفا في مقدرة التنظيم على تقديم الخدمات الاجتماعية للناس الذين يعيشون في مناطقه، ما يقلل من زعم التنظيم بأن كيانه دولة، وفي الغالب فإنه لن يستطيع إعادة تلك الأيام التي كان يربح فيها مليون دولار في اليوم في منتصف عام 2014.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالقول إن انتهاء تصدير التنظيم للنفط يدل على أن الحملة التي قادتها أمريكا ضد التنظيم بدأت تؤتي ثمارها، وحققت على الأقل هدفا استراتيجيا، وإن كان التنظيم لا يزال يسيطر على مناطق واسعة، وقادرا على القيام بهجمات في أنحاء العالم.