نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمارتن تشولوف، قال فيه إن الوقت الحالي من أصعب الأوقات لمن أراد أن يخبر عن
تنظيم الدولة، أو يوثق انتهاكاته، لافتا إلى عدم وجود مؤشرات تدل على أن التنظيم على وشك الانهيار.
ويصف الكاتب في بداية تقريره نبرة صوت الشخص الجديد الذي يستخدمه التنظيم في أشرطته الدعائية، فيقول إنها أقل حدة من نبرة سابقه، وبنيته الجسدية ليست كسابقه، ولكن التهديد والوعيد لم يختلفا.
ويشير التقرير إلى أن هذا أول ظهور للجهادي الذي يتحدث باللهجة البريطانية في
شريط دعائي لتنظيم الدولة، الذي يبدو أنه يهدف منه إلى إظهار التنظيم على سابق قوته، وأنه لم يتغير شيء في برنامجه، بعد شهرين من توديعه للوجه السابق محمد إموازي.
وتورد الصحيفة أنه حدث الكثير منذ ذلك الوقت؛ الهجمات المنسقة في باريس، وثلاثة تفجيرات كبيرة في جنوب تركيا، وهجمات أحبطت في ميونخ وبروكسل، وطائرة روسية مدنية أسقطت في سيناء، وقلق كبير من مدريد إلى إسطنبول.
ويستدرك تشولوف بأن الفيديو الأخير كان موجها لبريطانيا بشكل مباشر، وكانت الرسالة فيه بكل بساطة بأن قرار رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بقصف أهداف تابعة لتنظيم الدولة في سوريا، جعل من استهداف
بريطانيا أكثر احتمالا، وأنه بعد مقتل الوجه الإعلامي البريطاني لتنظيم الدولة حل محله شخص بريطاني آخر.
ويلفت التقرير إلى أنه غالبا ما ستتمكن الاستخبارات البريطانية من اكتشاف هوية الشخص الجديد، الذي تم تصويره وهو على ما يبدو يعدم أسيرا يلبس الزي البرتقالي، حيث قامت المخابرات بعد 18 شهرا من الظهور الأول لإموازي كونه (
الجهادي جون)، بإعداد قوائم كاملة بأسماء المواطنين الذين سافروا إلى العراق وسوريا.
وتذكر الصحيفة أن حجم تنظيم الدولة أصبح معروفا أكثر من الفترة التي وقعت فيها الإعدامات الرهيبة، التي تم تسجيلها وبثها في أفلام عالية الوضوح، مرعبة بذلك الملايين ولافتة انتباه العالم للتنظيم.
ويقول الكاتب إنه تمت تصفية العديد من المشاركين البريطانيين في التنظيم بمزيج من الغارات من طائرات دون طيار، مثل تلك التي قتلت رياض خان ورحول أمين في آب/ أغسطس، أو ضربات أمريكية، مثل تلك التي قتلت جنيد حسين بعد ذلك بشهر، أو العديد من الغارات الجوية في غرب العراق وشرق سوريا.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأنه تم اعتقال أحد أصدقاء إموازي في إسطنبول بعد مقتله بأيام، وأدت غارة بطائرة أمريكية دون طيار في بدايات كانون الأول/ ديسمبر، إلى مقتل سيف الحق سجان، وهو بنغالي متعلم في بريطانيا، وشكل العمود الفقري لوحدة اختراق الشبكات في التنظيم.
وتجد الصحيفة أنه مع هذا، فإن الفكرة الرئيسة في فيديو تنظيم الدولة الجديد، والرسالة التي يريد التنظيم إيصالها، هي أن الانتصارات على بعض الأهداف لن تشكل انتصارا في الحرب.
ويرى تشولوف أن التنظيم محق بهذا، فقد ألحقت به خسائر فادحة على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، وليس فقط على مستوى الأفراد، ولكن أيضا على مستوى الأراضي، من بلدة سنجار شمال العراق إلى الرمادي في وسط العراق، وخسر أيضا مساحات على الحدود التركية، وفقد السيطرة على الطريق الواصلة بين الرقة والموصل.
وينوه التقرير إلى أن عددا كبيرا من السنة في أجزاء من العراق وسوريا تحت سيطرة التنظيم، ويحاول التنظيم أن يقول لهم وللسنة على المستوى العالمي بأنه يقاتل الظلم والعدوان لأجل قضيتهم، التي فشل في أن ينصرهم فيها النظام السياسي الإقليمي والقوى العالمية.
وبحسب الصحيفة، فإنه بالإضافة إلى ذلك، فقد أراد التنظيم الادعاء بأنه يعيد أمجاد الإسلام الضائعة في مواجهة إيران، التي يرتفع شأنها. مشيرة إلى أن العديد من الناس يجدون جاذبية في هذه الرسالة، خاصة في ظل غياب عملية سياسية ذات مصداقية يمكنها البدء بإعادة أكثر من 12 سنة من النفوذ الضائع في المنطقة.
ويقول الكاتب إن إنجاز التنظيم خلال ثلاث سنوات يبقى صادما، حتى وإن كان يعرج عسكريا، وتبقى تحت سيطرته مساحات واسعة، وقد نزح ما يقارب من نصف سكان سوريا، وانضم حوالي مليون سوري وعراقي إلى طريق الهجرة إلى أوروبا. ويريد التنظيم أن يستغل الطرق الجديدة إلى أماكن كان يصعب عليه الوصول إليها، وتبجح التنظيم بأنه أخفى مجموعات منتمية له بين مئات آلاف اللاجئين الفارين إلى دول الاتحاد الأوروبي.
ويشير التقرير إلى أنه لم يسبق للتنظيم أن كان بهذا التصميم لشن هجمات ضد أوروبا، وذلك جزئيا؛ للانتقام من الغارات التي تشنها 14 دولة، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا، ولأن قيادة التنظيم تريد الانتقال إلى مرحلة جديدة في تطور التنظيم: تصدير الفوضى لأعدائه القريبين خاصة. وقد رشح التنظيم روما وباريس ولندن لتكون أهدافا محتملة.
وتذهب الصحيفة إلى أنه كانت هناك رسالة أخيرة ومعهودة في الشريط الأخير، وهي أن أعداء التنظيم سيعانون من مصير بشع. وكان الخمسة الذين أعدموا متهمين بتوفير معلومات لمجموعات غير مسماة في تركيا، وساعدت بعض تلك المعلومات على قتل أبي مسلم التركماني في شهر تموز/ يوليو.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالقول إنه بالرغم من الاهتمام بالتنظيم ومراقبته، إلا أنه قام بتعزيز إمكانياته في مجال مكافحة الجاسوسية، وتوظيف فريق عمل كبير في معلومات الحاسوب، بالإضافة إلى خلايا الاغتيال في جنوب تركيا، التي قامت منذ تشرين الثاني/ نوفمبر بقتل اثنين من الصحافيين المواطنين الذين نشروا التقارير عن الحياة في الرقة.