توقع محللون وخبراء اقتصاديون أن تشهد سوق
السندات والصكوك الدولية انتعاشا كبيرا خلال العام الجاري.
وربطوا بين الأزمات الناتجة عن تهاوي أسعار النفط وبين اتجاه الدول العربية والخليجية إلى هذه السوق، في ظل عجز الموازنات الكبير والظروف والتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، خاصة في الصين.
وأشار صندوق النقد الدولي العربي إلى أن إصدارات
الصكوك والسندات شهدت في الدول العربية استقرارا وهدوءا في عام 2015.
وتوقعت مصادر وفقا لصحيفة "الراية"
القطرية، أن يشهد إصدار السندات المحلية والدولية من جانب دولة قطر ارتفاعا خلال العام الجاري، وذلك لتمويل عجز الموازنة وتمويل المشروعات. وتواجه الموازنة العامة للدولة عجزا نتيجة للتراجع في إيرادات النفط والغاز عقب انخفاض الأسعار في الأسواق العالمية.
وكان وزير المالية القطري، علي شريف العمادي، قد أشار عند صدور الموازنة العامة للدولة 2016، إلى أن الدولة ستقوم بتمويل هذا العجز من خلال إصدار أدوات دين في أسواق المال المحلية والعالمية.. مؤكدا أن الدولة تمكّنت من الاحتفاظ باحتياطيات مالية قوية لدى مصرف قطر المركزي واستثمارات كبيرة من خلال جهاز قطر للاستثمار في فترة ارتفاع إيرادات النفط والغاز.
وأضاف أن الدولة تعتزم الحفاظ على هذه الاحتياطيات والاستثمارات.. وأكد أن الموازنة العامة لا تتضمّن أية إيرادات من احتياطيات مصرف قطر المركزي أو استثمارات جهاز قطر للاستثمار، حيث يتم إعادة استثمارها مرة أخرى بهدف تعزيز الاحتياطيات والاستثمارات، الأمر الذي يدعم الوضع المالي للدولة بشكل عام.
وقد ارتفعت قيمة السندات والصكوك الحكومية التي أصدرتها قطر خلال عام 2015 إلى أكثر من 22 مليار ريال، منها 14 مليار ريال سندات و8 مليارات صكوك، ساهمت في دعم وتمويل المشاريع الحكومية في الدولة، إضافة إلى توفير السيولة اللازمة لتمويل هذه المشروعات. وأشارت المصادر إلى أن قطر ستتجه إلى أسواق السندات الدولية خلال العام الجاري.
وبحسب صندق النقد العربي فقد انعكست الأوضاع والتطورات التي شهدتها الاقتصادات العربية، إلى جانب تزايد مخاطر الاستثمارات في الأسواق الناشئة وارتفاع أسعار الفائدة، على أداء السندات الدولية للدول العربية، حيث انخفضت أسعار السندات لأغلب الدول العربية خلال العام. تزامن ذلك، مع ارتفاع تراوح بين الملحوظ والنسبي على هوامش مبادلات مخاطر الائتمان للدول العربية خلال عام 2015.
وشهدت جميع هذه الهوامش ارتفاعات خلال العام، وكانت هناك زيادة في هذه الهوامش خلال الفترة لمصر وتونس والبحرين والسعودية. هذا، وتجاوزت الهوامش 400 نقطة أساس (سندات استحقاق خمس سنوات) لمصر ولبنان وتونس، 477 و413 و410 نقاط على التوالي، تليها البحرين 350 نقطة أساس، بينما وصلت أدناه لسندات قطر بنحو 84 نقطة أساس.
وعرفت أسواق الإصدارات الأولية من الأسهم (IPOs)، هدوءًا خلال عام 2015. فقد بلغ عدد الإصدارات الجديدة، عشرة إصدارات بقيمة إجمالية بلغت 2.07 مليار دولار، بالمقارنة مع 26 إصدارا بقيمة إجمالية وصلت إلى 10.4 مليار دولار خلال العام السابق 2014. ولم يقتصر التراجع في عدد وحجم الإصدارات، بل كذلك على صعيد نسب التغطية للإصدارات، التي وصلت بالمتوسط إلى نحو 5.2 مرة عن عام 2015، مقابل معدل تغطية وصل بالمتوسط إلى 13.8 مرة عن إصدارات العام السابق 2014، ما يعكس كما سبقت الإشارة، تراجع إقبال المستثمرين وشحّ السيولة.
في مقابل تراجع الإصدارات الأولية من الأسهم والسندات، واصلت الإصدارات في أسواق الصكوك للشركات العربية ارتفاعها خلال عام 2015، لتعكس تنامي دور هذه الأدوات كمصدر للتمويل للشركات العربية. فقد بلغ عدد إصدارات صكوك الشركات العربية خلال عام 2015، 22 إصدارا بقيمة إجمالية بلغت 10.6 مليار دولار، مقابل 16 إصدارا بقيمة إجمالية وصلت إلى 10.0 مليار دولار عن العام السابق 2014. وبلغت حصة المصارف من إصدارات عام 2015، 13 إصدارا بقيمة 6.9 مليار دولار.
تجدر الإشارة إلى أن إصدارات الصكوك لا تزال تتركز لدى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث جاءت جميع الإصدارات خلال عام 2015 لشركات من الإمارات والسعودية وقطر. وللافت هذا العام، هو تجاوز قيمة الإصدارات بالعملات المحلية، مثيلتها بالعملات الأجنبية، حيث بلغت قيمة الإصدارات بالعملات المحلية نحو 5.6 مليار دولار (14 إصدارا) مقابل 5.0 مليارات دولار لإصدارات الصكوك بالعملات الأجنبية (8 إصدارات). وكان إصدار صكوك الإجارة لطيران الإمارات المعزز بضمان وكالة ائتمان صادرات أجنبية، الأول من نوعه.
لم يقتصر التراجع في أسواق الإصدارات الأولية، على أسواق الأسهم، حيث شهدت الإصدارات في أسواق السندات للشركات العربية هي الأخرى، تراجعا خلال عام 2015، على الرغم من إقبال عدد كبير من المصارف العربية على اللجوء لهذه الأسواق لتدعيم رؤوس أموالها، استيفاءً لمتطلبات بازل.
وقد بلغ عدد الإصدارات من سندات الشركات خلال عام 2015، نحو 94 إصدارا (منها 82 إصدارا لمصارف ومؤسسات مالية)، بقيمة إجمالية بلغت نحو 14.8 مليار دولار، تنخفض إلى 2.2 مليار دولار فقط باستبعاد إصدارات الشركات المالية والمصرفية. ويمثل ذلك تراجعا بالمقارنة مع عام 2014، حين وصل عدد الإصدارات من سندات الشركات إلى 103 إصدارات (منها 75 إصدارا لمصارف ومؤسسات مالية)، بقيمة إجمالية وصلت إلى 18.9 مليار دولار، تنخفض إلى 8.3 مليار دولار باستبعاد إصدارات سندات المصارف والشركات المالية. وتمثل هيمنة المصارف من جديد على سوق الإصدارات الأولية لسندات الشركات في الدول العربية، ابتعادا عن مسار التنوع التدريجي الذي شهدته الأسواق في السنوات الأخيرة مع دخول العديد من الشركات غير المالية إلى هذه الأسواق. بلغ عدد الإصدارات بالعملات العربية المحلية خلال عام 2015، 67 إصدارا بقيمة إجمالية 2.9 مليار دولار، مقابل 27 إصدارا بعملات أجنبية (الدولار الأمريكي واليورو) بقيمة إجمالية 11.7 مليار دولار.
وفي مقابل تراجع التمويل الذي وفرته أسواق المال للشركات العربية، شهد عام 2015 نموا كبيرا في إصدارات السندات الحكومية، ليعكس كما سبقت الإشارة توجه الحكومات العربية لتمويل في عجوزات الموازنات العامة لديها عبر اللجوء إلى أسواق المال. فقد بلغت قيمة الإصدارات من السندات الحكومية للدول العربية خلال عام 2015 نحو 90.4 مليار دولار، أي بنسبة زيادة كبيرة بلغت 70% بالمقارنة مع الإصدارات في العام السابق 2014، التي بلغت حوالي 53.5 مليار دولار.
وتوزعت الإصدارات بين 13 إصدارا في الأسواق العالمية بقيمة 10.3 مليار دولار و144 إصدارا في الأسواق المحلية بقيمة إجمالية 80.1 مليار دولار. وتوزعت الإصدارات في الأسواق الدولية، بين خمسة إصدارات للحكومة اللبنانية بقيمة 3.3 مليار دولار، وثلاثة إصدارات للحكومة الأردنية بقيمة ملياري دولار، وإصدارين اثنين للحكومة البحرينية بقيمة 1.5 مليار دولار، وإصدار واحد لكل من تونس (مليار دولار) ومصر (مليار وخمسمائة مليون دولار) على التوالي.
إضافة إلى إصدار شبه الحكومي في سلطنة عمان للشركة العمانية لنقل الكهرباء بقيمة مليار دولار.
ويمثل إصدار السلطات المصرية، نجاحا في ظل الظروف التي يشهدها الاقتصاد المصري. كذلك وعلى الرغم من الحجم الكبير نسبياً للسندات الحكومية، إلا أن هناك حاجة للمزيد من الجهود للاستفادة من هذه الإصدارات، استراتيجيا لتعميق أسواق المال، عبر بناء منحنيات عائد مرجعية وتطوير الأسواق الثانوية لها. أما على صعيد الإصدارات من الصكوك الحكومية العربية، فقد كان هناك انخفاض نسبي في عدد الإصدارات وحجمها. وكان اللافت خلال العام الإصدار السيادي الأول لسلطنة عُمان البالغ 200 مليون ريال عماني، بما يمهد الطريق لإصدارات الشركات العُمانية.