نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا حول نشاط
الشباب المصري على مواقع
التواصل الاجتماعي، لمواجهة نظام عبد الفتاح السيسي وأذرعه، وخاصة ذراعه القضائي، تحدثت فيه عن إطلاق حملة على "فيسبوك" للمطالبة بإبعاد أحد القضاة الذي مثل آلة الموت التي استعملها السيسي للتخلص من معارضيه.
وتحدثت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، عن مجموعة من الشباب قاموا بإطلاق حملة ضد القاضي ناجي شحاتة، حيث اجتمعوا في شقة قرب ميدان التحرير، ومع منتصف الليل أطلقوا حملة "أوقفوا شحاتة"، وهي حملة على "فيسبوك" و"تويتر" دامت 24 ساعة، ضد شحاتة، القاضي المعروف بأحكامه القاسية والانتقامية. وكانت هذه المجموعة أثناء إعدادها للحملة تتوجس خيفة من انقضاض الأجهزة الأمنية عليهم، حتى إنهم طلبوا من الصحيفة تغيير أسمائهم الحقيقية خوفا من أعوان السيسي.
وقالت لوموند إن هذه المجموعة الشبابية تعمل بكل جد وحماس من أجل إنجاح الحملة، حيث قام كل شخص بأداء الدور الذي يتقنه، إذ قال حاتم: "أنا سأقوم بطبع الملصقات، وأحمد سيقوم بتوزيعها، وكل شخص سيقوم بالدور الموكول إليه".
كما قام بعض النشطاء في جمعيات المجتمع المدني؛ بصياغة بيان إعلامي حول الموضوع، فيما قام هشام، رسام الكاريكاتير، برسم بعض الصور الساخرة التي أغرقت "فيسبوك" و"تويتر" خلال بضع ساعات. وقد قال هذا الرسام: "بالنسبة لنا، ناجي شحاتة هو وجه عبد الفتاح السيسي في قلب النظام القضائي".
وذكرت الصحيفة أن شحاتة تم تعيينه رئيسا لمحكمة خاصة للنظر في قضايا الإرهاب في كانون الأول/ ديسمبر 2013، بعد أشهر قليلة من الانقلاب العسكري الذي نفذه السيسي على الرئيس المنتخب محمد مرسي.
وحكم شحاتة، منذ توليه هذا المنصب، على العديد من المشاركين في الثورة المصرية والأحداث التي تلت سقوط مبارك، وهو معروف بإصدار أحكام الإعدام الجماعية، ما أكسبه سمعة سيئة عالمية، ونال تسمية جديدة هي "قاضي الإعدامات".
وأشارت الصحيفة إلى بعض الأمثلة عن هذه الأحكام "المسيسة" التي يصدرها شحاتة، حيث إنه حكم على 183 شخصا بالإعدام بتهمة مهاجمة قسم شرطة كرداسة جنوب القاهرة، وهي أحداث وقعت في آب/ أغسطس 2013 في إطار الاحتجاجات على الانقلاب العسكري، وقتل فيها 16 شرطيا فيما حرق المبنى وتعرض للتدمير. ومن أبرز الأدلة على عدم احترام القضاء لحقوق هؤلاء المتهمين وإجراءات التقاضي، هو أن الحكم صدر بشكل جماعي، وبعد أيام قليلة من صدوره تبين أن اثنين من المحكوم عليهم توفيا في ظروف غامضة.
كما لفتت لوموند إلى محاكمة أخرى أيضا كان بطلها القاضي شحاتة، تمثلت في محاكمة 230 شخصا بتهمة الاعتداء على الشرطة في ثورة يناير 2011، من بينهم الناشط الشهير أحمد دومة، كما كان أيضا من بين المتهمين 39 قاصرا كانت أعمارهم تحت 16 سنة أثناء وقوع تلك الأحداث، وقد حكم عليهم أيضا بعشر سنوات سجنا.
وظهر ناجي شحاتة مرة أخرى في محاكمة ثلاثة صحفيين من قناة الجزيرة، عندما حكم عليهم بالسجن لفترات تتراوح بين سبع وعشر سنوات بتهمة التخابر مع منظمة إرهابية، في تموز/ يوليو 2014. كما حكم في القضية نفسها على عشرة أعضاء آخرين في الفريق الصحفي لقناة الجزيرة بالسجن عشر سنوات.
وذكرت الصحيفة أن ناجي شحاتة الذي يظهر دائما مرتديا نظارته السوداء ويدخن التبغ، لا يخفي أبدا توجهاته السياسية المساندة للانقلاب، حيث صرح علنا بدعمه للسيسي واعتبر أن ثورة 25 يناير 2011 تعد هزيمة بالنسبة له.
واعتبرت الصحيفة أنه من الصعب تحديد مدى تأثير مثل هذه الحملات الشبابية على نوايا نظام السيسي، ولكن الواضح أنها تلقى دعما كبيرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث إن بعض الصفحات تزايد عدد معجبيها بالآلاف خلال ساعات قليلة من إطلاق الحملة، رغم أن حاتم وبقية زملائه الذين أطلقوا الحملة كانوا يطمحون لتشجيع الناس على الخروج للشارع، ولكن في الوقت الحاضر يبدو أن الأمور ستقتصر على العمل السري وفي الفضاء الافتراضي.
وخلصت الصحيفة إلى أنه بعد خمس سنوات من الثورة التي أسقطت نظام حسني مبارك، يلعب نظام السيسي ورقة التخويف والترهيب لفرض سيطرته، من خلال الإيقافات العشوائية والعنف الممنهج واليومي ضد المواطنين.
ونقلت في هذا السياق عن المدونة شاهيناز عبد السلام؛ قولها إن "الخوف أصبح يسيطر على وسط المدينة، والناس لا يجرؤون على القيام بشيء، ولذلك فإن الشباب المصري يجد في مواقع التواصل الاجتماعي متنفسا له للتعبير عن آرائه والاحتجاج ضد النظام".