نشرت مجلة "سلايت" الفرنسية، تقريرا حول الصراع الدائر في الولايات المتحدة، بين شركة "آبل" المصنعة لهواتف الآيفون، وبين السلطات الأمريكية، حول كسر تشفير هاتف أحد منفذي
هجوم سان برناردينو، مؤكدة أن هذا الصراع ينطوي على أبعاد سياسية وتجارية؛ تتجاوز الولايات المتحدة إلى دول أخرى عديدة.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه "في الصراع الثنائي الذي يدور بين شركة آبل والحكومة الأمريكية، لا تعدو المبادئ المتعلقة بحماية خصوصية المستخدمين كونها مجرد ذريعة تعتمدها هذه الشركة، للتسويق لنفسها، والظهور كعلامة تجارية تحترم عملاءها، وتستميت في الدفاع عن حقوقهم"، مشيرة إلى أن هذه الشركة "كانت محظوظة في هذا الصراع، حيث إن مصالحها التقت مع المنظمات والنشطاء المدافعين عن الحقوق الفردية والحريات في الولايات المتحدة".
وأضافت أن الخلاف حول كسر تشفير هواتف الآيفون؛ ينطوي على تبعات خطيرة بالنسبة للشركة، تمتد خاصة إلى السوق
الصينية التي تعد من أهم أسواق "آبل"، التي تعاني فيها منذ فترة بسبب الانكماش الاقتصادي الذي أثر على مبيعات هواتف الآيفون في الصين.
وأوضحت أن "الصين اليوم تعد ثاني أكبر سوق لآبل بعد الولايات المتحدة، فقد أنفق المستخدمون الصينيون 59 مليار دولار على منتجات شركة آبل في العام الماضي، أما هاتف الآيفون الذي يعد أبرز منتوجات الشركة؛ فقد أصبح علامة دالة على المكانة الاجتماعية لصاحبه، ووسيلة من وسائل حماية خصوصية الأفراد بالنسبة للصينيين، بالنظر لمدى صعوبة كسر تشفيره أو قرصنته، في عالم تتزايد فيه ظاهرة القرصنة والجرائم الإلكترونية بشكل مخيف".
وأشارت المجلة إلى أنه في هذا السياق، الذي أصبحت فيه حماية المعلومات والحياة الشخصية للمستخدمين؛ تمثل جزءا لا يتجزأ من الدعاية والتسويق لمنتجات الهواتف الذكية، وخاصة على المستوى العالمي؛ فإن "آبل" تعرف أنها إذا "تعاونت" مع الحكومة الأمريكية؛ فإنه سينتهي بها الأمر إلى "التعاون" مع الجميع، وخصوصا أن هذا الخلاف يتزامن مع إطلاق شركة "آبل" في الصين خدمتها للدفع الإلكتروني، التي تسمى "آبل باي".
وذكرت المجلة أن عددا من المراقبين والخبراء في مجال المعلومات؛ يؤكدون أن انقياد "آبل" للهزيمة في صراعها مع مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكي، قد يؤدي إلى انتكاسات كبيرة متعلقة بالحريات والحقوق الفردية في دول أخرى. ونقلت في هذا السياق عن نيكولا سويفر، الباحث في معهد الحاسوب الدولي في جامعة بيركلي بكاليفورنيا، قوله إن "ما تتعرض له آبل؛ قد يضعف بشكل كبير حق الفرد في حماية حياته الشخصية في دول أخرى في العالم، وإذا كانت الحكومة تعتبر أن هذه ليست سابقة خطيرة قد تستغلها الصين وروسيا؛ فإنها تكون بذلك قد ارتكبت خطأ جسيما".
ونقلت المجلة أيضا تصريحا للسيناتور الديمقراطي عن ولاية أوريغون، رون وايلن، المتابع لمسائل التكنولوجيا والحياة الشخصية، قوله في التعليق على هذا الخلاف، إن "هذا الطلب الذي تقدم به الـ
أف بي آي قد يكون له مفعول كرة الثلج في كامل أنحاء العالم، فلماذا تسمح حكومتنا لنفسها بإعطاء ذريعة لأنظمة دكتاتورية على غرار
روسيا والصين، باتخاذ هذه السابقة كمنطلق لإجبار الشركات الأمريكية على تصميم باب خلفي سري في الأجهزة الإلكترونية، يسمح للحكومة بالولوج إلى معلومات مواطنيها".
وأضاف وايلن: "يجب على الشركات أن تلتزم بالقانون وبمطالب القضاء، في إطار ما هو معقول وما تستطيع القيام به، ولكنها غير ملزمة بالإضرار بسمعة منتوجاتها بشكل متعمد كما في هذه الحالة؛ لأنه على المدى الطويل سيكون المتضرر الأكبر هو حق الأمريكيين في حماية حياتهم الخاصة".
وفي الختام؛ قالت المجلة إن موقف "آبل" لا يخلو من "بعض النفاق والانتهازية"، حيث إنه بالتزامن مع خلافها مع السلطات الأمريكية؛ كشفت الصحافة الصينية أنه في كانون الثاني/ يناير 2015، كانت شركة "التفاحة المقضومة" قد قبلت بالتعاون مع السلطات الصينية، من أجل القيام بعمليات أمنية تتضمن اختراق أجهزة بعض المستخدمين، على حد قولها.