عبرت عالمة النفس الأمريكية من أصول
لبنانية، الدكتورة
كارول جهشان، عن سعادتها الغامرة بذكريات الإجازة التي حظيت بها في
إسرائيل لعدة أشهر.
وقالت كارول جهشان إن صورة الأبيض والأسود لإسرائيل تحطمت في رأسي. ازداد فهمي. أنا سعيدة حقا بزيارتي. فخورة بأصدقائي الإسرائيليين وممنونة لزملائي لكرمهم ومواهبهم. لن اعتقد أبدا أن الاحتلال جيد لأحدد، بحسب موقع "تايمز أوف إسرائيل".
وأضافت جهشان، كامرأة لبنانية ترعرعت في مدينة بيروت، وانتقلت للعيش في الولايات المتحدة بعمر 22 ربيعا، أعتقد أنه من العدل القول إن قضاء إجازة مدتها ثلاثة أشهر في إسرائيل في نهاية عام 2015، كان خيارا غير عادي. أضف إلى ذلك أن والدي قد ولد في مدينة حيفا عام 1948 وغادر مع عائلته إلى لبنان في ذلك الوقت، جعل خياري للعيش والعمل في تل أبيب أكثر إثارة. لأكون صادقة، كانت لي بعض التحفظات والمخاوف حول هذا القرار، ولكن مع نهاية الأشهر الثلاثة من التعاون والعمل في جامعة بار إيلان في رمات غان، لم يكن هناك أي شك في أن هذه الزيارة كانت تجربة إيجابية للغاية وعلمتني الكثير على مستويات عدة. إنها تجربة أتمنى لو كانت أكثر شيوعا بين زملائي اللبنانيين لإضفائها الطابع الإنساني والفهم إلى وجهة نظري حول المجتمع الإسرائيلي، وخاصة الإسرائيليين ذاتهم، الذين كبرت مع معرفتهم فقط من خلال عدسة التقارير الإخبارية والأحاديث التي كانت دائما غير مواتية. أود مشاركتكم قصتي.
وأكدت بالقول: "دائما ما أنجذب إلى التجارب متعددة الثقافات، سواء إن كان ذلك خلال نشأتي في بيروت أو من خلال العيش في ولاية كاليفورنيا. مع ذلك، كامرأة عربية فخورة، لم يكن شيء فعلته في السابع متعدد الثقافة بشكل كبير كطلب الحصول على إجازة تعليمية للعمل مع زميل إسرائيلي لمدة فصل دراسي في جامعة بار إيلان في رمات غان. لقد تصارعت مع عائلتي حول اتخاذي هذا القرار. عندما فعلت، قوبلت بالمقاومة أولا والتشجيع المتردد بعدها، والعديد من الأسئلة".
وصايا وتساؤلات
وخلال حديثها عن ذكرياتها أشارت إلى أنها دائما ما كانت تسأل "لماذا، من بين جميع الأماكن، تريدين زيارة إسرائيل؟".
وسمعت تعليقات تقول: "لن يسمحوا لك بدخول البلاد، أو إذا فعلت فسوف تكون تجربة صعبة للغاية، تجربة مهينة".
ونوهت إلى أنه قيل لها إنه إذا علم الناس بزيارتي إلى إسرائيل، قد لا يسمحون لي بالعودة إلى لبنان قط.
وسمعت جهشان كثيرا من التعليقات التي تقول لها: "كوني حذرة". و"لا تشاركي صورا من رحلتك عبر وسائل الإعلام الاجتماعية".
“لا تتحدثي عن السياسة مع أي شخص!” (في إسرائيل؟ الآن وبعد أن كنت هناك، أعتقد أن هذه مضحكة بشكل خاص!)، على حد وصف الكاتبة.
قيل لي ألا أدع أصدقائي وأسرتي الموسعة أن يعلموا بذهابي هناك، والحديث لـ "دهشان".
وتابعت أنه "كان هناك الكثير من الوصايا".
وقالت دهشان: "قبل وصولي، تساءلت بنفسي عما إذا كان من الحكمة إعلام الناس في إسرائيل كوني لبنانية. في النهاية، كان هذا البلد الذي غزا لبنان في أكثر من مناسبة، وهي حقيقة تركت انطباعا كبيرا علي وعلى جيلي في نشأتنا. أنا متشوقة لرؤية إسرائيل بنفسي ولزيارة الأراضي الفلسطينية التي سمعت عنها الكثير. في النهاية، تفوق فضولي على شكوكي وسافرت إلى إسرائيل مع قلب وتفكير مليئين بكلاهما".
وأوضحت، "لأنني أعمل في إعداد تابع للحكومة في لوس أنجلوس، سافرت مع جواز سفر دبلوماسي. أفترض أن هذا ساعدني عندما هبطت الطائرة في مطار بن غوريون، وسمح لي بالدخول بعد مقابلة وجيزة ويجب أن أقول، لطيفة، تألفت من بضعة أسئلة قصيرة وانتهت مع التمني لي بإقامة جيدة. شكلت سهولة هذه العملية المفاجأة الأولى من رحلتي. وجاءت دهشتي الثانية عندما قادني سائق سيارة أجرة في شوارع رامات غان، حيث مكثت في البداية. نظرت من النافذة ورأيت شبها واضحا مع شوارع حدث، البلدة اللبنانية حيث ترعرعت. كان يمكن أن أكون في لبنان بقدر ما أستطيع أن أقول من مظهر المكان. لست متأكدة من كيفية تصوري لشكل إسرائيل. حديثة جدا وقوية. أفترض، ولكن الحقيقة أن إحدى ضواحي تل أبيب شابهت لبنان بشكل كبير".
وأكدت أنه "لم يكن هذا ما توقعته على الإطلاق".
بداية الرحلة
وتابعت القول: بالنسبة للأسبوعين الأول والثاني، أبقيت تجربتي لنفسي. كان ذلك إلى حد كبير بسبب قلقي. القلق الذي قال لي “إن تفاعلت مع الناس، فسيعرفون أني لبنانية وقد يكون هناك تمييز ضدي أو ربما أسوأ”. سألت الناس عن توجيهات ونصائح عملية ولكن ليس أكثر من ذلك. وقالت جهشان: "بشرتي وشعري داكنان. جميع من خاطبني فعل ذلك في العبرية. عندما أجبت بـ”اني لو مفينا عفريت” (لا أفهم العبرية)، كان رد فعلهم متفاجأئا دائما. وقال لي بعض الإسرائيليين، ضاحكين، أنت تبدين إسرائيلية أكثر من الإسرائيليين. بشكل محتم، جاء السؤال “من أين أنت؟”. واتضح أنه لم يكن هناك أي حاجة للقلق. قلت للناس إنني من لبنان وقوبلت بابتسامات. قلت للناس إن والدي ولد في حيفا عام 1948، العام ذاته عندما غادر فيه مع أسرته إلى لبنان حيث عاش معظم حياته. أيضا حينها قوبلت مع المزيد من الابتسامات والفضول الودي. تم الترحيب بي في “وطني”. دعيت إلى مجموعة متنوعة من بيوت الأشخاص لعشاء السبت. لم يكن هذا الاستقبال الذي توقعته إطلاقا.
وتابعت سرد حديث
الذكريات، بالقول: بدا زملائي سعداء بالعمل معي، ليس فقط كزملاء في البحث، ولكن أيضا كأشخاص ذوي اهتمام حقيقي لمعرفة المزيد عن الثقافة اللبنانية والحياة في لبنان. حصلت إحدى اللقاءات المؤثرة من رجل إسرائيلي خدم في الجيش في لبنان. دون الحديث عن السياسة، دون الحديث عن الصح أو الخطأ، لقد اعتذر لي شخصيا عن الضرر الذي تسببت به الغارات للشعب اللبناني. أعرب رجل إسرائيلي آخر عن قلقه وتعاطفه مع عرب 48 (الذين كان والدي واحدا من أصغرهم)، وفهمت هنا أن هذا الرجل ببساطة شديدة لم يملك سوء نية تجاه الشعب العربي، أو اتجاهي، بأي شكل يمكن اكتشافه.
وقالت: أردت البكاء عندما سمعت هؤلاء الرجال. فكرة أن وجود مثل هذه الأفكار في إسرائيل، وخاصة من جنود سابقين، كان شيئا لم أشعر به أبدا من قبل. العنصر البشري من مقابلاتي مع الإسرائيليين باعتباري امرأة عربية، كسر الخطاب الذي سمعته منذ سنوات، وأثر بي كثيرا. لم يكن لدي أي سبب للخوف من القول من أين أنا. من بين العديد من المشاعر المعقدة التي انتابتني في إسرائيل، شعور لا يمكنني إنكاره، أدهشني وكان مهما لي، كان الشعور “بالترحيب” التام.
وأكدت جهشان أنها كامرأة تعيش في تل أبيب، شعرت بالأمن والاحترام، لم يتم التحديق بي أو مضايقتي أبدا. (أتمنى أن أقول الشيء نفسه عن تجاربي في بيروت.) وعلى الرغم من حقيقة كون الحكومة اليمينية تؤيد ضمنا المعاملة المشينة تجاه العرب في الأراضي المحتلة، هناك تناقض صارخ في طريقة معاملة مجموعات أخرى مثل مثليي الجنس، والأثيوبيين، والمرأة التي يمكنها أن تزدهر في إسرائيل مقارنة مع كيفية التعامل معهم في أماكن أخرى في المنطقة. أدركت بمساعدة الذين يعيشون هنا، أنهم منفتحين فكريا بشكل ملحوظ، وبطرق عديدة لا تختلف كثيرا عن أصدقائي في أمريكا.
ونوهت جهشان في حديث ذكرياتها في إسرائيل إلى أن الطيف السياسي الإسرائيلي واسع جدا، مع المتعصبين على اليمين والحالمين على اليسار والباقين بينهم. هناك شرخ كبير بين الإسرائيليين حول قضية احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة. وفوجئت لإدراكي أن هناك الكثير من الإسرائيليين الذين يعارضون بشدة استمرار الاحتلال، والذين يتمتعون بعلاقات جيدة وصداقات حقيقية مع العرب الفلسطينيين والإسرائيليين. ولكن موقف الحكومة القوي لصالح الاحتلال، ووفقا لتجربتي في لبنان، يلعب بشكل مباشر في أيدي النشطاء الذين يجذبون المعتدلين إلى كراهيتهم فيما يتعلق بإسرائيل مضيفين إلى عبء الأجيال القادمة. ليس فقط أني أعتقد أن الاتفاق بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة واجب أخلاقي، أعتقد أيضا أن إنهاء الاحتلال سيقطع عمليا شوطا طويلا في تقويض الهجمات السياسية على إسرائيل، التي يجذب إليها العرب المعتدلين. سوف تستمر معاداة السامية وكراهية إسرائيل. لست ساذجة للاعتقاد بأن الهجمات المدفوعة من قبل هذا سوف تتوقف. ولكني أعتقد أنها يمكن أن تتقلص مع مرور الوقت، وإن كانت ستكون هناك عملية سلام ناجحة، رغم نقصها، سيكون من الصعب إحلالها في حين ما يزال الكثير من الفلسطينيين يائسين حول مستقبلهم ومستقبل أبنائهم.
الانطباع النهائي عن الزيارة
وقالت جهشان في خلاصتها التي قدمتها لحديث الذكريات التي عبرت عن فخرها الشديد بها، بالقول: إن صورة الأبيض والأسود لإسرائيل تحطمت في رأسي. ازداد فهمي. أنا سعيدة حقا بزيارتي. فخورة بأصدقائي الإسرائيليين وممنونة لزملائي لكرمهم ومواهبهم. لن أعتقد أبدا أن الاحتلال جيد لأحد، ولا حتى على المدى الطويل، لأن المستوطنين مصرون على البناء هناك. ولكني أرى أن هناك لياقة هائلة في المجتمع الإسرائيلي، هناك أناس أحبهم حقا وبعمق، الذين تربطني بهم اهتمامات وأفكار مشتركة. ناس يرغبون في العيش بسلام والقيام بفنونهم، بالعلوم، بوظائفهم، وتربية أبنائهم ورؤيتهم سعداء. أشخاص يمكنني الارتباط بهم بصدق.
وأشارت إلى أنه قد يراها بعض العرب كخائنة. معلقة بالقول: "وفي الواقع، لقد سبق ودعيت بالمثل. ولكن ولائي هو للصدق ولناس يعيشون أفضل حياة بوسعهم عيشها، بدلا من كونهم على جانب واحد أو آخر من المعركة. أنا ممتنة لتجربتي وأصبحت شخصا أكثر معرفة نتيجة لذلك".
وختمت حديثها بالقول: "أنا فخورة جدا لاتخاذي هذه الخطوة الجريئة ثقافيا وعبور الجسر وخوض التجربة الإسرائيلية. لقد تأثرت بعمق عندما أدركت كم من الأيادي الإسرائيلية مدت لدعمي في أثناء وجودي هناك. ارتباطي بالمنطقة وحبي لعائلتي هناك تتألق إشراقا أكثر من أي وقت مضى. ولكن الآن، عندما أفكر في السلام، أيضا أحلم بكل صدق من أجل السلام".