تعتبر انتخابات جامعتي
بير زيت والنجاح الفلسطينيتين مقياسا جيدا لشعبية الفصائل
الفلسطينية، وعادة تنتظر وسائل الإعلام انتخابات مجلسي الطلبة فيهما لتتحسس المزاج الشعبي الفلسطيني تجاه الفصائل والتنظيمات الفلسطينية.
ركزت وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة على جامعة بير زيت لأن إدارتها تؤمن بالديمقراطية وتصر على إجراء
الانتخابات، أما جامعة النجاح فلم تجر انتخابات في السنوات الأخيرة ربما خوفا من خسارة قائمة السلطة الفلسطينية أمام الحركات الإسلامية.
ووصل انتهاك المبادئ الديمقراطية في جامعة النجاح الوطنية إلى قيام رئيس
الجامعة بتنحية رئيس نقابة العاملين وتعيين آخر بدلا منه مع صمت العاملين في الجامعة.
جرت انتخابات مجلس طلبة جامعة بير زيت بتاريخ 27/4/2016، وفازت حركة
حماس بـ 25 مقعدا من 51.
أما قائمة السلطة الفلسطينية فحصلت على 21 مقعدا، وتحالف اليسار الفلسطيني حصل على 5. ساد حركة فتح تفاؤل كبير في أنها ستفوز هذه السنة بفارق كبير عن حركة حماس فكانت المفاجأة في أن حركة حماس قد فازت، وعززت مكانتها التي تم تدعيمها بفوزها في انتخابات العام الماضي.
فوز حركة حماس لا يشكل مفاجأة للمتابعين للأوضاع الفللسطينية وذلك للأسباب التالية:
1- أفراد حركة حماس ملاحقون من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية، وهم يعانون من تواصل الملاحقات والإجراءات التعسفية بما فيها الاعتقال والتعرض للتعذيب الجسدي. وهم ملاحقون أيضا من قبل أجهزة الأمن الصهيونية وما يترتب على ذلك من آلام وأحزان. وحتى أن الملاحقة تصيب المرشحين للانتخابات، وأحيانا الفائزين. أجهزة الأمن الصهيونية والفلسطينية لا تكف أذاها عن أبناء الحركة، الأمر الذي يرفع من مستوى التعاطف الشعبي مع الحركة. جمهور الناس يرون الظلم بأم أعينهم فتتولد لديهم تساؤلات كثيرة حول دور السلطة في تعزيز الأمن الصهيوني.
2- الناس يقدرون تضحيات حماس الكبيرة التي قدمتها خلال حروب الصهاينة على غزة. لقد أثبتت حماس للقاصي والداني أنها تعمل باستمرا وتواصل الليل بالنهار من أجل تطوير قدراتها العسكرية في مواجهة الصهاينة. وخلال حروب ثلاث أثبتت حماس أنها أعدت واستعدت وحالت دون نجاح الحملات العسكرية الصهيونية على قطاع غزة. صمود حماس في غزة أكسبها الاحترام والتقدير الشعبي الفلسطيني، وعزز من حضورها في الوجدان الوطني الفلسطيني.
3- السلطة الفلسطينية ممقوتة شعبيا، والناس يرون فسادها وتعاونها الوثيق مع الصهاينة، ويرون نشاطات الأجهزة الأمنية الفلسطينية في دعم الأمن الصهيوني. نسبة عالية من الناس تتهم السلطة الفلسطينية بالخيانة العظمى.
4- لم تترك السلطة الفلسطينية فرصة للإساءة لذاتها إلا انتهزتها وذلك من زاوية الفساد الإداري والمالي. والسلطة الفلسطينية تثقل على الناس في الضرائب والرسوم على المعاملات الإدارية، وتحشرهم في ضائقة مالية كبيرة. ومشكلة حركة فتح أنها فشلت عبر السنوات في فصل نفسها عن السلطة وتجنب الأذى الذي تسببه السلطة لسمعتها بين الناس. وحقيقة حركة فتح لا تستطيع أن تفصل نفسها لأنها هي المتحكمة بأوصال الحياة الفلسطينية في الضفة الغربية بصورة عامة، والغالبية الساحقة من الوظائف الحكومية محجوزة لعناصر حركة فتح.
5- الشعب الفلسطيني ما زال يدعم المقاومة ولا يرى سبيلا لاستعادة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني إلا بالمقاومة الفلسطينية المسلحة. نهج المفاوضات فقد مبرراته ولم يعد مقنعا إلا لفئة متقلصة في الشارع الفلسطيني، بينما نهج المقاومة يبقى الأكثر عقلانية بالنسبة لأغلب الناس على الرغم مما يتطلبه من تضحيات. فضلا عن أن المقاومة الفلسطينية غير متهمة بدرجة عالية من الفساد كما السلطة الفلسطينية واستطاعت أن تكسب ثقة أعداد متزايدة من الجمهور الفلسطيني.
بالرغم من خسارة قائمة السلطة الفلسطينية أمام قائمة حماس، إلا أن أعداد الأصوات التي حصلت عليها السلطة الفلسطينية ليست قليلة. في ظل أوضاع السلطة المتدهورة والاتهامات الخطيرة التي توجه ضدها، ما زالت نسبة عالية من الناس تقف معها وتؤيدها وتدعمها، وربما يشير ذلك إلى خلل في مستوى الوعي الفلسطيني بالمرحلة السائدة الآن وبمدى الخراب والدمار الذي لحق بالنسيجين الاجتماعي والأخلاقي للمجتمع عموما.
وعلى كل حال، الانتخابات الجامعية لا تشكل معيارا علميا للحكم على شعبية هذا الحزب أو ذاك، لكنها تشكل مؤشرا. وعادة تحصل حماس على نسبة تصويت جماهيري أعلى من نسبتها بين طلاب الجامعات. طلاب الجامعات يمثلون شريحة اجتماعية محدودة بينما تمثل الانتخابات العامة كل الشرائح.