نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا للكاتبين رالف أتكينز وجون ريد، حول الفوز المتوقع لزعيم حزب الحرية اليميني المتطرف نوربرت هوفر، في الانتخابات الرئاسية النمساوية، التي ستجرى يوم الأحد، مشيرين إلى أن ذلك سيزعج المؤسسة السياسية في
أوروبا، وأن المأزق لن يكون أقل حدة بالنسبة لإسرائيل.
ويشير التقرير إلى أن هوفر قال إن زيارة
إسرائيل ستكون أولوية له، إن أصبح رئيسا، لافتا إلى أنه أظهر نفسه صديقا لإسرائيل، ومدافعا عن الثقافة والمصالح النمساوية ضد الهجرة الإسلامية المكثفة، على خلفية أزمة اللاجئين في أوروبا.
ويقول الكاتبان إن إسرائيل كانت ترفض أي اتصال مع حزب الحرية، الذي أنشأه نازيون سابقون في خمسينيات القرن الماضي، والذي كان زعيمه السابق يورج هايدر يثني على سياسات هتلر في مجال التوظيف، ويعد تبييضا لتاريخ
النمسا النازي.
ويضيف الكاتبان أن الدولة اليهودية سحبت سفيرها من النمسا، عندما انضم هايدر إلى الائتلاف الحاكم عام 2000، كما فعلت عام 1986، بعد انتخاب كورت فالدهايم النازي رئيسا، مستدركين بأن انتخاب هوفر سيضطر حكومة إسرائيل لدراسة ما إذا كان الحزب تخلى عن ماضيه، وحتى إمكانية أن يكون حليفا.
وتذكر الصحيفة أن الإسرائيليين ذهلوا عندما قام رئيس الحزب هينز كريسيتيان ستراتشي، بزيارة خاصة إلى مركز "ياد فاشيم" لإحياء ذاكرة المحرقة في القدس، مشيرة إلى أن الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين وضع زيارة ستراتشي في سياق الاتهامات لحزب العمال المعارض في بريطانيا بمعاداة
السامية، فقال: "إن الزعماء السياسيين أو الوطنيين، الذين يؤيدون معاداة السامية والعنصرية، أو المفاهيم النازية الجديدة، غير مرحب بهم هنا في إسرائيل"، حيث يعد ريفلين داعية التسامح في وقت تظهر فيه السياسة الإسرائيلية والمجتمع نزعة لا ليبرالية قوية.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن هناك حالة صعود للسياسيين القوميين اليمينيين في أوروبا، بما في ذلك فرنسا وألمانيا، مشيرا إلى أن هوفر فاز في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 24 نيسان/ أبريل في النمسا، حيث حصل على أكثر من 35% من الأصوات، وأعطى تقدمه غير المتوقع زخما لحملته قبل جولة يوم الأحد، وقلل من فرص منافسه من حزب الخضر ألكساندرفان دير بيلين من القيام بحملة ناجحة ضد حزب الحرية.
ويبين الكاتبان أن حملة هوفر تميزت بإعرابه عن دعمه لإسرائيل، يوازن لعبه على المخاوف الناتجة عن موجة اللاجئين الفارين من الحروب من بلدان، مثل سوريا، والذين مروا من النمسا، حيث قال هوفر لصحيفة "داي بريسي": "يجب التأكد من وأد أي توجهات لا سامية تخلقها الهجرة لأوروبا في مهدها".
وتعلق الصحيفة بأن البعض يرى هذا حيلة متعمدة، حيث تقول المتخصصة في الهويات الأوروبية وشعبية اليمين، الأستاذة في جامعة "لانكاستر" روث ووداك: "يقولون من جهة، إننا سنذهب إلى إسرائيل ونحب اليهود، ومن جهة أخرى يلتزمون بقومية الجذور الجرمانية، فهم يخاطبون أكثر من جمهور، ويبحثون عن آخر كبش فداء يخدم أهدافهم السياسية".
ويستدرك التقرير بأن الرأي السائد في فيينا هو أن علاقات حزب الحرية الماضية بالنازية فقدت أهميتها، حيث يقول أستاذ التاريخ في جامعة فيينا لوثر هوبليت: "إنه مثل الـ(ستالينية)، بغض النظر عن مدى كراهيتك للشيوعية، فإنها ليست مشكلة شرق أوروبا في الوقت الحاضر".
وينوه الكاتبان إلى أنه بدلا من ذلك، فإنه ينظر إلى حزب الحرية على أنه كسب التأييد لبرنامجه الشعبي، الذي يعالج الاهتمامات العريضة، بما في ذلك ضعف الاقتصاد والهجرة، حيث يقول سياسي يميني- وسط: "صحيح أن هناك قميصا بنيا (النازية) في ماضي الحزب، لكن ليس هذا هو السبب الذي يدفع الناس للتصويت لحزب الحرية اليوم".
وتجد الصحيفة أنه إذا فاز الحزب يوم الأحد، فإن الحوار المعقد في إسرائيل سيزداد، حيث إن هناك انقساما بين المسؤولين، فهناك من يعتقد بأنه تجب مقاطعة الحزب، وآخرون يرون أن بإمكانهم إيجاد أرضية مشتركة معه، خاصة أن إسرائيل نفسها تواجه الانتقاد في أوروبا؛ لاحتلالها المفتوح للأراضي الفلسطينية.
وبحسب التقرير، فإن زيارة ستارتشي لإسرائيل كانت بدعوة من حزب الليكود اليميني، مشيرا إلى أنه بينما كان هناك، حضر مؤتمرا نظمه المستوطنون في وادي الأردن؛ بهدف مقاومة تعليمات الاتحاد الأوروبي، بخصوص تصنيف منتجات المستوطنات غير الشرعية.
ويفيد الكاتبان بأن ستارتشي تحدث خلال زيارته عن "الغرب اليهودي المسيحي"، وقال: "إن فشلت إسرائيل فشلت أوروبا، وإن فشلت أوروبا فشلت إسرائيل"، في محاولة لإعادة كتابة سجل الحزب تجاه إسرائيل، ووعد المستوطنين بأن حزبه سيقاوم أي جهود للاتحاد الأوروبي لتمييز منتوجات المستوطنات.
وتذكر الصحيفة أن مضيفي ستارتشي قالوا إن حزب الحرية تخلص من لوثة الفاشية، حيث قال مايكل كلينر، الذي رتب الزيارة، إن "ستارتشي مؤيد لإسرائيل، ويدعم حقها بالدفاع عن نفسها، ويشجب جرائم النازية، ويقول إن
الهولوكوست كانت أعظم جريمة في التاريخ".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالقول إنه "في إشارة للاتهامات الموجهة لحزب العمال بمعاداة السامية، قال رئيس مجلس وادي الأردن الإقليمي، الذي يمثل المستوطنين، ديفيد إلهيني: "من هو أكثر صهيونية؟ شخص في حزب العمال أم ستارتشي؟ فهو يدعم إسرائيل، ويعارض المقاطعة للبضائع، ولم أسمع كلاما مثل هذا من أي شخص في بريطانيا".