استغربت مصادر ديبلوماسية في "المجموعة الدولية لدعم استقرار لبنان" دعوات تطلقها قوى سياسية فاعلة لإجراء انتخابات نيابية، بحيث إن المجلس الجديد يتولى انتخاب رئيس للبلاد، غير مدركة خطورة ما يمكن أن ينشأ من فراغ إذا بقي المتنافسان القويان ( العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية) على موقفيهما، وأن ليس هناك ما يضمن أن يتمكن البرلمان الجديد من إتمام عملية انتخاب رئيس للجمهورية، وإذا لم يحصل ذلك فلن تكون هناك حكومة لأن رئيس الجمهورية هو الذي يستمزج آراء النواب كتلا وأفرادا، وفي ضوء النتيجة يكلف رئيسا للحكومة.
واعتبرت أن هذا الموقف لا يساعد على إنجاز الاستحقاق الرئاسي الملح في أسرع وقت ممكن، وذلك بعد فراغ في سدة الرئاسة تجاوزت مدته السنتين، وترك آثارا سلبية سواء في التشريع حيث شُلت أعمال المجلس وسوء إنتاج مجلس الوزراء، نظرا إلى ممارسة كل وزير حقه في التعاطي مع أية قضية، في ضوء حصته كرئيس للجمهورية، مما عطّل الكثير من القضايا الحيوية المطلوب البت فيها.
ودعت المصادر القوى السياسية المؤثرة في عملية انتخاب رئيس للجمهورية إلى التخلي عن المنافسة، التي لم تؤد إلا إلى مزيد من التعطيل والكف عن تطيير النصاب كسبيل متبع لإبقاء الفراغ الرئاسي. ورفضت ربط إجراء الانتخاب بعودة العلاقات السعودية - الإيرانية إلى طبيعتها؛ لأن الخلافات بين الرياض وطهران عميقة وعلى ملفات عدة، ولا يمكن انتظار المزيد من الوقت لتذليلها، الذي قد يمتد أشهرا وسنوات. ولفتت أيضا، استنادا إلى معلومات ديبلوماسية متوافرة لديها، إلى أن إيران أبلغت مسؤولين دوليين ولبنانيين، أن هذا الاستحقاق هو لبناني وبالتالي فهي لا تتدخل فيه.
واستدركت :"هذا على الأقل ما زودت به أكثر من مبعوث فرنسي أوفده الرئيس فرنسوا هولاند إلى طهران، في محاولة لتتدخل مع مؤيديها من القوى السياسية".
وتوقفت عند معلومات لدى رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط، مفادها أن الروس منزعجون من تصرفات الإيرانيين في ملف انتخاب رئيس للبنان. وأفادت أن أحد سفراء "المجموعة" المقيم في بيروت، كلّف الاستفسار عن هذه المعلومة بما هو متوافر لإجراء الاتصالات اللازمة.
واستغربت كيف أن القوى السياسية التي بامتناعها عن الذهاب إلى مجلس النواب لتأمين النصاب، تبقي الجمهورية من دون رأس حتى إشعار آخر، ودون إدراك ما خسره لبنان من جراء ذلك على صعد كثيرة.
ونقل سفراء في "المجموعة" استياء وزراء خارجية دولهم لعدم تعاطي الفاعليات اللبنانية المعرقلة بجدية، مع دعوات الدول الكبرى ذات العضوية الدائمة لإنجاز هذا الاستحقاق، وكذلك نداءات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون، ومجلس الأمن وفاعليات سياسية وحزبية. ولاحظت أن السلبية التي تتعاطى بها الجهات التي لا توفر النصاب، لا تدرك مخاطر موقفها ولا يمكن الجزم بما إذا كانت تقوم بذلك عن قصد أو غير قصد.
وأعربت عن أسفها لعدم صدور أي موقف توضيحي للقوى السياسية والحزبية والنواب الذين ينتمون إليها، بعد اتهامهم بعرقلة انتخاب رئيس للجمهورية حتى الآن، وإخفاقهم بهذا الواجب بعد مرور أكثر من سنتين على انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان.
وأقرت بأن إتمام عملية انتخاب رئيس للبلاد لم يعد أمرا سهلا، ولا يمكن لأحدا أن يحدد موعدا لإجرائها بسبب تداخل العوامل الداخلية والإقليمية والدولية، التي منعت وصول رئيس جديد إلى القصر الجمهوري لإعادة الدينامية إلى تصويب الخلل الوطني المهتز بفعل عدم انتخاب رئيس للبلاد.
وختمت أن المخرج يبدأ إما بتنازل مرشح لآخر، وإما بانسحاب المرشحين الحاليين لإتمام هذا الواجب بسرعة، وأي بطء إضافي يعرّض البلاد للكثير من الانعكاسات السلبية، من تهديد اللجوء السوري إلى لبنان، وتحذير مجلس الأمن من "التهديد المباشر لأمنه" ومن "انتهاكات التنظيمات الإرهابية لحدوده".