كتب غريغ ميللر تقريرا، نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، عن انخفاض مستوى الطائرات بدون طيار، التي تسيرها وكالة الاستخبارات الأمريكية، لملاحقة المشبته بتورطهم في الإرهاب.
ويقول الكاتب إن السبب هو أن البيت الأبيض بدأ بنقل مهام الطائرات "
الدرون" إلى وزارة الدفاع "
البنتاغون"، ويضيف أن "وتيرة حملة طائرات (
سي آي إيه) قد انخفضت هذا العام، وذلك في إطار حملة جديدة تقوم بها إدارة الرئيس باراك أوباما؛ لتحويل مسؤولية عمليات مكافحة الإرهاب القاتلة إلى البنتاغون".
ويشير التقرير إلى أن الوكالة لم تنفذ سوى سبع غارات بهذا النوع من الطائرات عام 2016، بشكل يجعل وكالة الاستخبارات تخفض مستوى إطلاق الطائرات دون طيار أكثر من أي عام منذ بدء العمليات عام 2007، أي قبل عامين من وصول باراك أوباما إلى البيت الأبيض، الذي اعتمد على الطائرات دون طيار بصفتها ركنا أساسيا لاستراتيجية مكافحة الإرهاب.
وتلفت الصحيفة إلى أن مسؤولين يرون أن تراجع دور الـ"سي آي إيه" مرتبط بعدة عوامل، منها تقلص قيادة تنظيم القاعدة في
باكستان، حيث شنت الوكالة في عام 2010، 118 عملية، مشيرة إلى أنه بالمقارنة مع هذا العام، فإن الوكالة أطلقت صواريخ من طائرات بدون طيار مرتين فقط.
ويستدرك ميللر بأن الانحدار مرتبط بقرارات البيت الأبيض، للحد من دور "سي آي إيه" في
اليمن، ومنعها من تحليق طائرات فوق سوريا، حيث أعطى القيادة في عمليات كهذه للقيادة المشتركة للعمليات الخاصة، لافتا إلى أن المسؤولين الأمريكيين يؤكدون أنه لم يطلب من "سي آي إيه" وقف سربها من الطائرات بدون طيار، وأنها لا تزال تشارك في مهام المراقبة في اليمن وسوريا، حتى لو لم تطلق صواريخ.
ويعلق التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن التغير يمثل نقطة تحول لوكالة تعرضت لنقلات مهمة بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، ومن وكالة لجمع المعلومات إلى قوات مسلحة أو مليشيا، مشيرا إلى أن تراجع دور "سي آي إيه" يأتي في وقت يخطط فيه البيت الأبيض لنشر معلومات عن برنامج الطائرات دون طيار، ولأول مرة، بما في ذلك عدد الغارات الجوية التي أمر بها أوباما، ورقم تقديري بعدد المتشددين والمدنيين الذين قتلوا، حيث من المتوقع أن تصدر الإدارة أوامر لتحديث الأرقام من وقت لآخر.
وتذكر الصحيفة أن البيت الأبيض عبر عن رغبته بنقل المسؤولية من الاستخبارات إلى الجيش؛ من أجل شفافية أكبر، ولإنهاء الغموض حول هذا النوع من الهجمات، التي كانت تشن ولا يتم الاعتراف بها، مع أن الصحف والمجلات غطتها، وقامت المؤسسات الحقوقية بتوثيق عدد الضحايا فيها.
ويورد الكاتب أن أوباما قال في خطاب له في شيكاغو: "لا أريد أن تتحول وكالاتنا الاستخباراتية إلى منظمة مليشيا، فإن هذا ليس عملها، ويجب أن تقوم به وزارة دفاعنا، حتى نكون قادرين على الإعلان عما فعلناه، ولماذا فعلناه، ونقدم تقييمنا"، مشيرا إلى أن البيت الأبيض واجه صعوبات لوجيستية وبيروقراطية لنقل مهمة الدرون، إلا أن الجهود بدأت تحرز تقدما في العام الماضي، بحسب مسؤول.
ويفيد التقرير بأنه في تحول واضح، بدأت وزارة الدفاع بالإعلان عن غاراتها بطائرات بدون طيار ضد أهداف تنظيم القاعدة في اليمن منذ بداية العام الحالي، لافتا إلى أنها خطوة رفض البنتاغون اتخاذها في الماضي؛ نظرا لخوفه من أن يكون اعترافه بعملياته، سيدفعه للصمت عن عمليات أخرى لـ"سي آي إيه".
وبحسب الصحيفة، فإن وزارة الدفاع لم تكتف بالتأكيد في إعلانها يوم 19 أيار/ مايو، عن أنها شنت غارة ضد مواقع لتنظيم القاعدة في اليمن، بل قالت إنها العملية التاسعة هذا العام، ومضى الإعلان للكشف عن سلسلة غارات لم يعلن عنها سابقا في شباط/ فبراير.
ويذكر ميللر أن "سي آي إيه" لم تتخذ خطوات مماثلة للإعلان عن العمليات، إلا أن المسؤولين الأمريكيين قالوا إنها شنت أربع غارات في اليمن هذا العام، وإن هناك "تفضيلا واضحا" في ذلك البلد، وهو الوحيد الذي تستخدم فيه "سي آي إيه" والجيش طائرات بدون طيار كي تقوم قوات العمليات الخاصة بإطلاق النار، منوها إلى أن المتحدث باسم البيت الأبيض نيد بيرس رفض التعليق على "موضوعات استخباراتية محددة"، لكنه أشار إلى تأكيدات أوباما حول الشفافية المتعلقة بعمليات مكافحة الإرهاب، والطريقة التي تنفذ بها، وقال إنه سيتم الاعتماد أكثر على الجيش "لتزويد الرأي العام بالمعلومات حول جهودنا".
ويجد التقرير أن إعادة مراجعة القوانين تعد انتصارا لقوات العمليات الخاصة المشتركة، التي منعتها الحكومة اليمنية قبل عامين من شن غارات، بعد سلسلة من الأخطاء، بما فيها هجوم على متشددين كانوا في طريقهم لحفل زفاف، وقتل فيها مدنيون، وأدى الحادث إلى مبارزة في التحقيقات، قام بها الجيش والمخابرات ومركز مكافحة الإرهاب الوطني، غذت الشكوك لدى الأعضاء الرئيسيين في الكونغرس، وبينهم المسؤولة السابقة للجنة الاستخبارات في الكونغرس دايان فينشتاين، حول قدرة قوات العمليات الخاصة على شن هجمات مثل "سي آي إيه".
وتستدرك الصحيفة بأن المعارضة انتهت، بسبب سلسلة من التطورات، منها عزل مدير مركز مكافحة الإرهاب، الذي ظل يقاوم تدخل البنتاغون في برنامج الدرون، وظل يديره لمدة ثمانية أعوام، مشيرة إلى أن مسؤولا سابقا قال إن منح قوات العمليات الخاصة دورا في برنامج الطائرات دون طيار مرتبط بهذا التطور، حيث وصف مسؤول المركز السابق مايكل داندريا بالعقبة.
ويلفت الكاتب إلى أن كريس وود حل محل داندريا، حيث ينظر إلى وود على أنه رجل مستعد لتقديم تنازلات للجيش، وساعد وجوده الطرفين على تجاوز العقبات التقنية واللوجيستية، وتم الاتفاق على نظام تتخلى فيه الوكالة لطائرات القوات الخاصة قبل لحظات من شن الهجوم.
ويبين التقرير أن العامل الآخر هو انهيار الحكومة اليمنية، التي حظرت مشاركة قوات العمليات الخاصة، بالإضافة إلى الأخطاء التي ارتكبتها "سي آي إيه"، بطريقة جعلتها أقل قدرة على شن الهجمات مثل البنتاغون، وتحديدا قتل رهينة أمريكي وإيطالي بالخطأ في باكستان، حيث لم تكن تعرف الوكالة بوجود مدنيين عندما شنت الغارة.
وتكشف الصحيفة عن أنه من العوامل الأخرى، هناك عامل يتعلق بالعلاقة مع باكستان، حيث كانت المخابرات الأمريكية تشن الهجمات التي ظلت تحظى بسرية سطحية، مع أن الجميع يعرف أنها ليست سرا، لافتة إلى أن "سي آي إيه" بقيت لعقد من الزمان تشن غارات في باكستان؛ من أجل حماية إسلام أباد من الاتفاق السري، الذي سمح للوكالة بمراقبة مناطق القبائل.
وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن الإدارة الأمريكية أنهت هذا الوضع، عندما قتلت قائد حركة طالبان في بلوشستان، وأعلنت الحكومة الأمريكية سريعا عن مسؤوليتها، في محاولة لكشف نفاق باكستان، بأنها تقوم بإيواء قادة حركة طالبان.