نشر موقع "ناشونال إنترست" تقريرا للمحلل الأمني أوديد بيركويتز، حذر فيه من إمكانية تعرض
تونس لهجوم من
تنظيم الدولة، مشيرا إلى أنها ستكون الهدف المقبل له.
ويقول الكاتب: "أصبح من عادة تونس أن تحتل عناوين الصحف بعد أي هجوم كبير يتعرض له البلد، وتختفي في العتمة لعدد من الأشهر بين كل هجوم وآخر، ليتفاجأ الجميع مرة أخرى بهجوم جديد، حيث كان هذا هو الحال بعد هجوم آذار/ مارس 2015 على متحف باردو في تونس، ومن ثم هجوم سوسة في حزيران/ يونيو 2015، والهجوم الانتحاري في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وتبعه صمت جاء بعده الهجوم الأخير على بلدة
بنقردان في آذار/ مارس 2016، وهو ما لا يدعو إلى الطمأنينة".
ويضيف بيركويتز أن "تنظيم الدولة، نفذ هذه
الهجمات كلها، يعد التهديد الأكبر على تونس، ولديه خطة كبيرة له، وتنبع هذه الاستراتيجية من هدف التنظيم الأكبر بالسيطرة على البلد، ودمجه في محاولاته لإنشاء (الخلافة الدولية)، إلا أن الوقت ليس مناسبا بعد، خاصة أن تونس بلد يعيش استقرارا نسبيا، ولديه جهاز أمني قادر على منع أي هجوم، وعليه فإن التنظيم يقوم بوضع خططه لإظهار أن تونس بلد غير مستقر أمام الأجانب؛ لأنهم يمثلون المصدر الأكبر للسياحة في البلاد واقتصادها، بالإضافة إلى الشركات الأجنبية والاستثمار الأجنبي وغير ذلك".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن تنظيم الدولة يأمل، عبر تخويف الأجانب، بعرقلة الموارد المالية لتونس، وتدمير اقتصادها، وزعزعة استقرارها، لافتا إلى أن هذه الاستراتيجية نجحت بشكل جزئي، حيث انخفضت معدلات السياح القادمين إلى نسبة 20% في العام الماضي، وتركت المنتجعات السياحية، التي كانت تعج بالسياح، فارغة ومهجورة، ووجهت ضربة لقطاع حيوي من الصناعات المهمة في البلاد.
ويذكر الموقع أن تونس حاولت اتخاذ إجراءات بعيدة المدى لمنع هجوم جديد، وتحقيق الشعور بالأمان، حيث قامت ببناء جدار أمني على الحدود مع
ليبيا، التي ينظر إلها التونسيون على أنها تهديد أمني؛ بسبب وجود معقل قوي لتنظيم الدولة هناك، والوضع الفوضوي فيها.
ويستدرك الكاتب بأن الإجراءات كانت فاشلة؛ بسبب الفشل في منع هجوم بنقردان، بالإضافة إلى أنها لم تؤد إلى تخفيف نشاطات التهريب الدورية بين البلدين، مشيرا إلى أن حالة الطوارئ، التي أعيد العمل بها بعد العمليات الانتحارية، وحالات منع التجول واعتقالات الآلاف من المشبته بهم، أدت إلى إزعاج السكان.
ويلفت الموقع إلى أن القوات التونسية المسلحة حققت نجاحات عندما هاجمت مواقع الجهاديين، على طول الحدود التونسية الجزائرية، إلا أن وجودهم فيها لا يزال قويا، حيث نجحوا بشن هجمات غير دورية، مثل هجوم 18 آذار/ مارس على ساقية سيدي يوسف، مشيرا إلى أن سلاح الجو التونسي حصل على معلومات أولية عن وجود الجهاديين في بنقردان، وشن غارات وقائية في 2 آذار/ مارس، مستدركا بأنه في الوقت الذي كان فيه تأثير للطيران في التدابير الوقائية، إلا أنه لم يمنع الهجوم الرئيسي الذي جاء بعدها بخمسة أيام.
ويفيد التقرير بأن الدول الغربية أسهمت بدعم القوات التونسية، حيث ساعدت القوات الخاصة البريطانية "أس إي أس" على تدريب القوات التونسية على الحدود، فيما تعهدت الولايات المتحدة بدعم تونس بنظام إلكتروني للمراقبة على طول الحدود مع ليييا، بقيمة 25 مليون دولار، وبعثت طائرات استطلاع لتحلق فوق الأراضي التونسية، ونشرت مستشارين للعمل مع القوات التونسية.
وينوه بيركويتز إلى أن المتشددين في تونس، سواء كانوا من تنظيم الدولة أم من تنظيم القاعدة، خاصة كتائب عقبة بن نافع، يتمتعون بميزة استخدام المناطق المحبذة لهم، ويحظون بدعم من السكان المحليين، حيث يحاولون تطبيق مقولة ماو: "كن مع الناس، واسبح مثل السمكة في البحر"، ولديهم صلات بدرجات مختلفة مع مستويات عدة من الأجهزة الأمنية، تسمح لهم بالحصول على إمدادات، وإعالة أنفسهم، والتهرب من القضاء، والأهم من هذا كله الحصول على المعلومات الأمنية، مشيرا إلى أن وجودهم ومعرفتهم بالمناطق الحدودية يمنحانهم موطئ قدم في قلب تونس، خاصة في العاصمة والمناطق الساحلية، حيث تتكثف السياحة ومنشآتها.
وبحسب الموقع فإنه تم الكشف عن خلية مكونة من 18 متشددا، في 11 أيار/ مايو، كانت لديها شحنة من البنادق و"آر بي جي"، حيث تم العثور عليها في أحد أحياء شمال العاصمة تونس.
ويعلق التقرير بأن "الشعور بالأمن الزائف، الذي يرافق عمليات إحباط الهجمات، يجب أن يؤدي إلى رفع درجات الإنذار وحالة التأهب (الراية الحمراء وليست السوداء)، ورغم الإجراءات التي يتم اتخاذها ونجاحها النسبي، فإنه لا تزال لدى المتشددين الحوافز والقدرات للقيام بعمليات إرهابية في تونس وفي المناطق سهلة الاختراق".
ويفسر الكاتب سبب الحذر الواجب اتخاذه بالقول: "عندما يصبح إحباط عمليات إرهابية قاعدة عادية، بدلا من التصدي للمسائل الجوهرية الدافعة لها، فإن إمكانية نجاح عملية بعيدا عن عين الرقابة واردة، وما هو على المحك عال اليوم، خاصة في ظل خسائر تنظيم الدولة الميدانية في العراق وسوريا وليبيا".
ويختم "ناشونال إنترست" تقريره بالقول: "مع أن الخسائر تحرم تنظيم الدولة من مصادره وقدراته، إلا أنها تدفعه لإظهار أنه لا يزال مهما، ويجب عدم التقليل من شأنه، أو كتابة نعيه، حيث يحاول من خلال هذا الوضع الحرج استقطاب الدعم والجنود والمال من أجل المساعدة، وتاريخيا فإن هذه المعادلة عادة ما تدفع نحو تنفيذ عمليات كبيرة ضد أهداف سهلة الاختراق، بعيدا عن مناطق العمليات (الطبيعية) للتنظيم، بما فيها تونس".