يظل
هجوم يوم الثلاثاء على مطار أتاتورك في اسطنبول رمزيا، حيث إن من خطط له ونفذه يعرف أنه يضرب قلب الصناعة السياحية وصورة
تركيا في العالم، فإن مطار أتاتورك يعد الأكثر نشاطا في العالم، واستخدمه في العام الماضي 61 مليون شخص.
ويرى الباحث في الشؤون التركية في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى سونير تشاغباتاي أن هذا الهجوم يعد تصعيدا من
تنظيم الدولة تجاه تركيا، حيث قال في تصريحات نقلتها عنه صحيفة "واشنطن بوست": "هذا هجوم رمزي ضد قلب تركيا".
وتواجه البلاد، التي كانت واحة من الاستقرار، تهديدا من جبهتين، من تنظيم الدولة ومن حزب العمال الكردستاني، الذي استأنف عملياته ضد الدولة التركية بعد انهيار محادثات السلام، حيث إن هذه هي العملية الخامسة التي تشهدها تركيا منذ بداية العام الحالي، لكنها الأكثر دموية، حيث قتل فيها 36 شخصا، وجرح العشرات.
وتعلق صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير عن الحادث، قائلة إن تركيا كانت من أوائل الدول التي طالبت برحيل بشار الأسد، بعد انزلاق سوريا في دوامة الحرب الأهلية عام 2011، واستقبلت ملايين اللاجئين، ودعمت القوى المعارضة لنظام الأسد، وسمحت بنقل السلاح والإمدادات لها عبر حدودها.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن حلفاء تركيا، وبينهم الولايات المتحدة، انتقدوا سياسة الأبواب المفتوحة التي انتهجتها أنقرة، وسمحت بتدفق آلاف المقاتلين الأجانب إلى صفوف تنظيم الدولة.
وتفيد الصحيفة بأن تركيا، وهي عضو في الناتو، ظلت على تضاد مع حلفائها الغربيين فيما يتعلق بالتعامل مع مشكلات المنطقة، لافتة إلى أن أمريكا وحلفاءها يعتقدون أن سياسة تركيا ربما أسهمت بصعود تنظيم الدولة، وشعروا أنها حليف متردد في الحملة الدولية للقضاء عليه.
وينوه التقرير إلى أنه في المقابل، عبرت تركيا عن غضبها من تقديم الولايات المتحدة الدعم للأكراد السوريين، الذين تربطهم علاقة بالإرهابيين الأكراد في تركيا، ونسبت عدة هجمات إرهابية، منها الهجوم في أنقرة العام الماضي، الذي قتل فيه أكثر من مئة شخص، لجماعات كردية.
وبحسب الصحيفة، فإن هجوم اسطنبول يشبه الهجوم الذي نفذه تنظيم الدولة على مطار بروكسل قبل أشهر، مشيرة إلى أن الهجوم الأخير يضع تحديات أمام المسؤولين الأمنيين، الذين يحاولون تقليل ضحايا هذه الهجمات.
ويذكر التقرير أنه في هجوم مطار بروكسل، نجح المنفذان بالدخول إلى قاعة المسافرين وتفجير نفسيهما، فيما أدى الهجوم على مطار اسطنبول إلى قتل عدد من المسافرين الذين كانوا ينتظرون للدخول إلى قاعة المسافرين، حيث قتل المهاجمون عددا منهم، رغم أنهم لم يدخلوا القاعة، لافتا إلى أن المراقبين، الذين يتابعون دعاية تنظيم الدولة، لاحظوا أنه وضع الدولة التركية في مرمى هدفه.
وتنقل الصحيفة عن المحلل مايكل سميث الثاني، الذي يتابع دعاية التنظيم ويحللها، قوله إن هناك نشاطا ملحوظا في تصريحات التنظيم المتعلقة بتركيا، خاصة عندما أعلنت أنقرة العام الماضي عن اتفاق مع الولايات المتحدة، يسمح لها باستخدام قاعدة إنجرليك الجوية.
ويضيف سميث: "جاءت المزاعم الرسمية بمسؤولية تنظيم الدولة عن تنفيذ معظم الهجمات على تركيا، رغم عدم وجود بيانات منه، ومع ذلك، لوحظت منذ العام الماضي زيادة نوعية في التركيز على سياسات حكومة أردوغان داخل دعاية تنظيم الدولة، ما رفع التوقعات عن قرب توسيع حملاته في تركيا".
ويشير التقرير إلى أن بعض التكهنات ربطت الهجوم على مطار اسطنبول بتطبيع العلاقات الذي أعلن بين تركيا وإسرائيل، بعد سنوات من البرود، حيث توترت العلاقات بين البلدين منذ عام 2010، بعد هجوم قوات كوماندو إسرائيلية على قافلة سفن تركية كانت تحمل المساعدات الإنسانية لقطاع غزة المحاصر.
وتورد الصحيفة أن المعلق التركي البارز مصطفى أيكول كتب تغريدة على "تويتر"، قال فيها: "حقيقة أن الهجوم جاء مباشرة بعد الصفقة التركية الإسرائيلية ليس عرضيا، حيث إن تنظيم الدولة كان سريعا في الرد".
ويستدرك التقرير بأن "معلقين آخرين يرون أن هجمات كهذه تحتاج وقتا ليتم التحضير لها، ولبناء القدرات اللوجيستية، ولهذا فإنه لا رابط بينها وبين الصفقة مع إسرائيل، حيث ربط نقاد للحكومة التركية بين الهجوم وموقف الحكومة من الأزمة السورية".
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول النائب السابق والمدير الحالي للمركز الاتصالات الاستراتيجية صوات كينكلي أوغلو: "للأسف، فإننا نشاهد الأعراض الجانبية للسياسة الكارثية في سوريا، التي جلبت الإرهاب إلى قلب اسطنبول وأنقرة"، وأضاف أن الهدف "على ما يبدو هو خلق جو من الفوضى، وضرب الاقتصاد والسياحة".