كشف تحقيق في صحيفة "إندبندنت" عن الماضي الفاشي لزعيم
حزب الاستقلال السابق
نايجل فاراج، الذي تعاطف في أثناء الدراسة مع الشعارات النازية، وهتف شعار "
الجبهة الوطنية" المتطرفة "احرقوهم بالغاز".
وكشف صديق مدرسة له احتفظ بالصمت طوال الفترة الماضية؛ حفظا للود والصداقة بينهما، كيف كانت المدرسة تتعامل مع تصريحات فاراج وهتافاته بأنها نوع من "الشقاوة"، مع أنها اليوم تدين أي مسلم يظهر منه تصريح بالتطرف.
وكتب محرر التحقيقات في الصحيفة تيد جيوري، قائلا: "كان نايجل فاراج فخورا في ذروة صعود اليمين المتطرف، أن الحرفين الأولين من اسمه يشبهان شعار (ناشونال فرونت/ أن أف)، وذلك بحسب صديق مدرسة، الذي يريد، بعد صمت طويل، من الرأي العام أن يتعرف أكثر على الرجل"، وزعم أن فاراج الشاب غنى نشيد النازيين "احرقوهم بالغاز، احرقوهم بالغاز"، وهو شعار النازيين الجدد ضد اليهود.
ويشير التحقيق، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الصديق السابق درس في كلية دالتش جنوب لندن مع زعيم الحزب السابق، وذلك في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وقال إنه ظل صامتا حول ذكريات المدرسة وفاء للصداقة، لكنه راقب ولسنوات صعود فاراج السياسي، وشعر بالفخر أنهما درسا في الكلية ذاتها، بل إنه هتف مرة بهتاف فاراج الذي هاجم فيه البرلمان الأوروبي "جيد لنايجل".
وتستدرك الصحيفة بأنه بالرغم من ذلك، إلا أن الصديق السابق شعر خلال الأشهر السبعة الماضية بأثر خطاب فاراج على الوضع في
بريطانيا، وحالة الانقسام التي تعيشها، وقال إنه عندما شاهد فاراج يقف إلى جانب ملصق لمعسكر الخروج من الاتحاد الأوروبي، ويصور تدفق اللاجئين من الشرق الأوسط نحو أوروبا وعليه عبارة "نقطة الانهيار"، شعر بأن عليه الحديث.
ويبين الكاتب أن الصديق تذكر نايجل الشاب، الذي كان يستفز الطلاب والمدرسين بدعمه
الفاشية البريطانية، بقيادة أوزولد موزلي في الثلاثينيات من القرن الماضي، مشيرا إلى أن الصديق السابق كان يخطط للكشف عن اسمه، إلا أنه عندما شاهد مقتل النائبة جو كوكس في حزيران/ يونيو، فإنه يزعم الآن أنه شعر بالخوف من تداعيات الكشف، وكتب عوضا عن ذلك رسالة مفتوحة نشرتها الصحيفة، ووجهها لفاراج.
ويقول الصديق إنه لا يعتقد بإيمان صديقه السابق بالفاشية اليوم، إلا أنه تساءل عن الطريقة التي تطورت فيها أفكاره من الشباب إلى الكهولة، وقال إن مدير المدرسة السابق ديفيد إيميس كان مخطئا عندما تجاوز "شقاواته"، وأن هناك دروسا تستخلص حول كيفية معالجة المدارس اليوم لمشكلة التطرف.
وأضاف أنه عندما يعبر تلميذ مسلم عن موقف متطرف يتم تحويله مباشرة لبرنامج مراقبة، وعبر عن أمله بأن يتم التعامل بالطريقة ذاتها مع المتطرفين غير المسلمين، ويقول: "نأمل بقيام المدارس باتخاذ إجراءات ضد التعليقات التي تلفظت بها في مدرستك".
ويقول إنهما كان صديقين متلازمين في المدرسة، ويضيف: "أتذكر تلك الطريقة التي كنت تفتن بها المدرسة؛ المدرسين الكبار والتلاميذ، فقد أثار مشروعك لمادة اللغة الإنجليزية عن الصيد إعجاب التلاميذ، أما مشروعي فقد كان بالتأكيد مملا، كنت ولا تزال خطيبا بارعا".
ويتذكر الصديق مع ذلك جانبا مظلما لفاراج، حيث يقول: "لكنني أتذكر جانبا آخر، وأشياء مظلمة عنك، وفي بعض المرات، وعندما أنظر للوراء كنت أبعدها، وأعتبرها جزءا من شقاوات الشباب، تماما كما كان يفعل مديرنا ديفيد إيميس".
ويضيف: "لم أختر الكتابة في الماضي، لكنني اخترت الآن، وأتساءل اليوم عما إذا كانت هناك صلة بينك، عندما كنت في سن الـ16 عاما، والآن وأنت في سن الـ 52 عاما، وهناك أشياء تخبرني بأنك لم تتغير رغم مرور السنين".
وتعلق الصحيفة بأن هذه ليست المرة الأولى التي يتهم فيها فاراج بحمل أفكار فاشية، ففي عام 2013 ظهرت رسالة كتبتها المدرسة السابقة في كلية دالتش تشول ديكن، أرسلتها إلى مدير المدرسة إيميس، الذي توفي بداية هذا العام.
ويلفت التحقيق إلى أن ديكن كتبت الرسالة في حزيران/ يونيو 1981، وقبل شهرين من أحداث الشغب في منطقة بريكستون في لندن، ودعت فيها المدير لكي يعيد النظر في قراره تعيين نايجل عريفا لصفه، وقالت إن زملاءها أخبروها أنه قام بالتعبير عن "أفكار
عنصرية وفاشية"، وأنه شارك في مسيرة في قرية في ساسكس، وغنى أغاني "شباب هتلر"، وعند مواجهته بالتهم، قال فاراج: "لا أعرف أي أغنية لشباب هتلر باللغة الإنجليزية أو اللغة الألمانية، وأي إشارة إلى صلتي باليمين المتطرف غير صحيحة بالمطلق"، واعترف بأنه قال أشياء سخيفة، مستدركا بأن "هذا يعتمد على الطريقة التي تفسر فيها الأمور"، وقال آخرون من تلاميذ المدرسة في تصريحات للقناة الرابعة، إن مواقف فاراج هي تعبير عن أفكار تاتشر.
وينقل جيوري عن رجل آخر عرف فاراج، قوله، إن الأخير أصبح هدفا لأساتذة من التيار اليساري؛ لأنه كان يحرجهم في النقاشات بين التلاميذ والأساتذة، مستدركا بأنه مع ذلك، فإن رسالة الصديق السابق تشير إلى أن هناك حقيقة في هذه القصص كلها، حيث يقول: "أتذكر كيف غنيت: احرقوهم بالغاز، احرقوهم بالغاز"، ويضيف: "لا يمكنني نسيان الكلمات، ولا أستطيع دفع نفسي لكتابة بقية الكلمات؛ لأنها كريهة، وأكثر مما كان يعرفه أساتذة دالتش".
وتنوه الصحيفة إلى أن الصديق تذكر شغب بريكستون، قائلا: "في نيسان/ أبريل 1981 حدث شغب في بريكستون في الطرف الآخر من المدرسة، وأدت صور الناس المحتجين، ومعظمهم من الأقليات العرقية، إلى جعل التمييز سهلا، الأمر الذي دعمه الكثيرون في حينه".
ويفيد التحقيق بأن الجبهة الوطنية المتطرفة كانت في ذروة شهرتها، لافتا إلى أنه في الفترة التي كان فيها نايجل طالبا، فإنه دفع رسوم الاشتراك فيها، حوالي 14 ألف شخص، وكانوا يتظاهرون، ويواجهون الشرطة، وأقاموا منظمات شقيقة لهم في نيوزلندا وأستراليا وكندا وجنوب إفريقيا.
ويورد الكاتب نقلا عن الصديق السابق قوله، إن قراره الحديث اليوم ليس مدفوعا بالغضب، أو بنتائج الاستفتاء على الاتحاد الأوروبي، فإنه وإن صوت لصالح البقاء، إلا أنه كان "داعما مترددا"، وتعاطف مع بعض أفكار نايجل فاراج المتعلقة بالهجرة، لكنه يستدرك قائلا: "رغم كوني معجبا بك، إلا أنني أجد نفسي مدفوعا للتفكير، خاصة بعد كل ظهور تلفزيوني لك، بأنه يجب علينا أن نحذر من الأنبياء الكاذبين، والجدير بالذكر أن الصورة التي تظهر المهاجرين اليائسين، التي لم تلتقط في إنجلترا، كشفت لي أن نايجل فاراج لم يتغير كثيرا".
وتختم "إندبندنت" تحقيقها بالإشارة إلى أن الصديق اتهم زعيم الحزب السابق باستخدام الناس باعتبارهم عملة "من أجل خدمة هدفك، وتقديم بريطانيا وكأنها في حالة انهيار بسبب المهاجرين الأوروبيين، مع أن هؤلاء كانوا من خارج أوروبا، فالصورة التي تتحدث عن فقدان السيطرة، وعجز الساسة الذين لا يهتمون بنا، هي صورة عن خطاب الحربين العالميتين"، وأضاف: "كما قلت، فإن هناك حاجة لمعالجة موضوع الهجرة، لكنك استخدمت الصورة وبشكل مخجل".