نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا؛ تحدثت فيه عن ارتفاع التضخم وتناقص احتياط العملات الأجنبية وتراجع قيمة الجنيه في
مصر، الأمر الذي اضطر بلاد الفراعنة إلى اللجوء لصندوق النقد الدولي على أمل الخروج من هذه الأزمة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن مصر، في ظل نظام عبد الفتاح السيسي، اعتادت على الإعانات التي تضخها بلدان الخليج؛ إلا أن انهيار أسعار النفط، عرقل تواصل إمدادات البترودولار الخليجي.
وعلى الرغم من الأموال الطائلة التي ضختها بلدان الخليج، والتي تقدر بأكثر من 25 مليار دولار خلال عامين، إلا أن الاقتصاد المصري تسارع في الانهيار على نحو متزايد.
ونقلت الصحيفة أنه في الأسابيع المقبلة، ستتم الموافقة على قرض بقيمة 12 مليار دولار لدعم البرنامج الحكومي للإصلاح الاقتصادي على مدار الأعوام الثلاثة المقبلة، في مقابل تنفيذ برنامج صارم للتقشف. وأمام تراكم
القروض، دعا السيسي المصريين إلى تحمل الجوع حتى يستقر الاقتصاد.
وأوردت الصحيفة أنه منذ الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي، ابتلعت بلاد الفراعنة مساعدات كبيرة من السعوديين والإماراتيين والكويتيين، دون إجراء أية إصلاحات أساسية.
وفي حديث له مع الصحيفة، أكد الاقتصادي المصري عمرو عدلي، الباحث في مركز دراسات كارنيجي، أن "البلاد عالقة في دوامة بسبب انخفاض معدلات النمو وارتفاع التضخم، إلى جانب الاختلالات الكبيرة في الموازنة العامة للدولة".
ويضيف: "النقص في العملات الأجنبية يعرقل انتعاش الاقتصاد، كما تسبب في تزايد مستوى التضخم الاقتصادي الذي ترتب عنه تردي مستويات المعيشة في مصر".
وذكرت الصحيفة أن الأشهر القليلة الماضية كانت قاسية للغاية على وجه الخصوص؛ بسبب تردي أوضاع قطاع السياحة جراء الاضطراب السياسي والإرهاب والكوارث الجوية، هذا فضلا عن ارتفاع أسعار السلع الغذائية والكهرباء. وأمام هذه الأزمة، حاولت السلطات تجنب الانخفاض الحاد في مخزون العملات الأجنبية، والحد من السحوبات النقدية في البنوك، كما حاولت دعم الجنيه المصري بتشجيع الاستثمار في السوق السوداء.
وقالت الصحيفة إن المشاريع الضخمة التي قادها السيسي على امتداد سنة، والمتمثلة أساسا في توسيع قناة السويس أو بناء عاصمة جديدة، لم يكن لها أي تأثير إيجابي على الاقتصاد، ولم تساهم في استقطاب الاستثمار الأجنبي، وقامت فقط بتعزيز البيروقراطية والنزاعات التي تشنها بعض الشركات متعددة الجنسيات.
وما زاد في تأزم الوضع الاقتصادي؛ انسحاب شركات عديدة من الأراضي المصرية أو تعليق عملها، على غرار شركة "يو اف جي"، إحدى شركات الغاز الطبيعي بدمياط، وهي أكبر الاستثمارات الإسبانية في البلاد، حيث كانت توقفت عن العمل منذ أواخر 2012.
وبحسب رئيس بعثة
صندوق النقد الدولي، كريس جارفيس، فإن "قرض الصندوق سيمكّن مصر من زيادة معدل الدخل الفردي، وترشيد الإنفاق لخفض
العجز، والسماح بتخصيص الأموال العامة إلى قطاعات ذات أولوية مثل البنية التحتية والصحة والتعليم والحماية الاجتماعية"، هذا فضلا عن "تعزيز القدرة التنافسية، ودعم الصادرات والسياحة، وجذب الاستثمار الأجنبي والقيام بإصلاحات هيكلية".
وأشارت الصحيفة إلى أن سياسة التقشف التي ستتخذها الحكومة في المستقبل تثير قلق الشارع المصري، وتثير مخاوفه حول تواصل دعم الدولة للطاقة؛ الأمر الذي يمكن أن يقود إلى اندلاع احتجاجات شعبية جديدة.
وكشفت الصحيفة أنه في رسالة موجهة إلى السيسي، نشرت يوم الأحد الماضي، ألقى سياسيون يساريون وزعماء نقابات اللوم على الحكومة، لعدم اعتبارها من التجربة المكسيكية أو اليونانية، التي أثبتت أن توصيات صندوق النقد الدولي لن تؤدي إلا إلى تعميق الأزمة.
ونقلت الصحيفة قول الاقتصادي عدلي؛ أنه "في بداية الأمر، ستؤدي تدابير التقشف وخفض قيمة الجنيه إلى ارتفاع معدلات التضخم، وانحدار مستوى معيشة المصريين. وهذا سبب كافٍ للتشجيع على الاحتجاجات الشعبية".
ويضيف: "لكن من المرجح، أنه لن يكون لهذه الاحتجاجات تأثير كبير، فقد قام المشير السيسي بقمع المعارضة بشكل حاد".