مقالات مختارة

مؤيدون من أهل الشر!

فهمي هويدي
1300x600
1300x600
من المفارقات ذات الدلالة في مصر أننا كنا –ومازلنا- ندافع عن حق المعارضين في الوجود، لكننا أصبحنا الآن مضطرين إلى أن يكون للمؤيدين الحق ذاته! على الأقل، فذلك ما تدل عليه ممارسات رئيس البرلمان، الذي لا يتردد في قمع المؤيدين، لمجرد أنهم عبروا عن وجهة نظر، سواء مخالفة لرأيه هو، أو أن بينهم من وقع في المحظور وانتقد شيئا من ممارسات الحكومة. حتى إننا حين نلاحظ هدوء الأعصاب الذي يتعامل به المهندس شريف إسماعيل رئيس الحكومة مع المخالفين والانفعال اللذين يستسلم لهما الدكتور علي عبد العال في مجلس النواب، يخيل للمرء أن الأول هو رئيس البرلمان والثاني هو رئيس الحكومة.

مساء الأحد الماضي 28/8، حدثت واقعتان في مجلس النواب. في الأولى اشتبك اثنان من النواب في عراك تبادلا فيه بعض الألفاظ الجارحة (تستطيع أن تتعرف على مستوى تلك الألفاظ إذا علمت أن أحدهما هو النائب مرتضى منصور). أما في الواقعة الثانية، فقد عبر فيها أعضاء ائتلاف 25/30 عن اعتراضهم على تمرير قانون الضريبة المضافة، فانسحبوا من الجلسة، وعقدوا مؤتمرا صحفيا أعلنوا فيه موقفهم. 

رد فعل رئيس المجلس الدكتور علي عبد العال كان كالتالي: ربت على كتف الاثنين في الواقعة الأولى ودعاهما إلى الالتزام بحدود «الأدب» في تجاذبهما، أما الثانية فقد تعامل معها بأنها من قبيل «قلة الأدب» في السياسة. وقال إن الذين انسحبوا من الجلسة أرادوا هدم البرلمان، وأعطى انطباعا بأن جهدهم هذا يسهم في هدم الدولة. وإذ توعدهم بالعقاب وبالإحالة إلى لجنة القيم لتأديبهم، فإنه قال منفعلا إنه لن يسمح باستمرار تلك الجهود الهدامة، وإنه سيدعو في نهاية الفصل التشريعي إلى جلسة سرية للبرلمان، ليعرض على الأعضاء كمّا من المعلومات الخطيرة للغاية، التي لم يشر إلى مضمونها، ولكن سياق الكلام أعطى انطباعا بأنها تتعلق بالسلوك التآمري لأعضاء الائتلاف سابق الذكر، ولم نفهم لماذا يؤجل ذلك إلى نهاية دورة الانعقاد، طالما أنها معلومات خطيرة للغاية، يفترض أنها ما لا يحتمل الانتظار.

لم تكن هذه الواقعة الوحيدة التي انفعل فيها الدكتور عبد العال غيرة على الحكومة، ولوح فيها باتهام ناقديها بالنيل من هيبة الدولة والعمل على إسقاطها. فقد حدث ذلك مرات عدة كان أبرزها ما جرى أثناء مناقشة مجلس النواب فرض زيادة جديدة لمعاشات الضباط في شهر يوليو الماضي، ذلك أن النائب محمد عصمت السادات طلب الكلمة، واستفسر عن وضع الضباط المتقاعدين الذين أصبحوا يحصلون على أجور عالية، وهل تشملهم الزيادة أم لا. إلا أن الدكتور عبد العال قاطعه غاضبا، ولم يسمح له بمواصلة الحديث، واتهمه بالإساءة إلى القوات المسلحة وإنكار دورها، الأمر الذي صفقت له القاعة، حتى نهض أحد الأعضاء وأكمل رسالة رئيس الجلسة حين اتهم السادات وأمثاله بأنهم «طابور خامس».

إذا لاحظت أن مجلس النواب كله من مؤيدي النظام، وأنه بلا معارضة تقريبا، وأي ملاحظات تقال في الجلسات خارجة من عباءة النظام وغيرة مؤيديه، فلك أن تتصور المأزق الذي صرنا إليه. صحيح أن ائتلاف 25/30 الذي أعلن ولاءه للحدثين التاريخيين يضم عددا متواضعا نسبيا (أقل من 40 عضوا)، إلا أنه بدأ بثلاثة أو أربعة أعضاء، ثم جذب آخرين بمضي الوقت. ولذلك دلالته أيضا، لأن مضاعفة حجمه تشي باتساع نطاق «التمرد» داخل المؤيدين، ولأن هؤلاء يتعذر اتهامهم بالأخونة أو الإرهاب فلم يكن هناك من حل لقمعهم سوى باستخدام اتهامات من قبيل هدم الدولة، وإهانة الجيش والشرطة، والانتماء إلى الطابور الخامس. إذ إن المهم من وجهة نظر رئيس البرلمان ألّا يكون هناك نقد أو تحفظ من أي نوع على ما يصدر عن الحكومة، وإذا كان ذلك ليس جديدا، إلا أن الجديد بات يتمثل في توسيع الدائرة أن القمع بات يشمل المؤيدين، فضلا عن المعارضين، وذلك تحليل إذا صح فإنه يثير السؤال التالي: هل ينضم المؤيدون إلى أهل الشر أيضا، وإذا ما حدث ذلك وأدرج هؤلاء على القوائم السوداء مع المعارضين، فمن يبقى مع النظام إذن؟

الشروق المصرية

1
التعليقات (1)
محمد الدمرداش
الأربعاء، 31-08-2016 03:41 م
الملائكة و البشر من وجهة نظر الدكتاتورية ........................ أن نهج الدكتاتور القمع و الاستعباد بأدوات القهر تبدأ بالشيطنة ثم الاعتقال أو الأخفاء القصرى ثم التعذيب ثم ألصاق التهم ثم المحاكمة و أصدار أحكام عقابية فجة غير منطقية بالمرة و عادة النظام الدكتاتوري يلبس عباءة " ما أريكم إلا ما أرى و لا أهديكم إلا سبيل الرشاد " و يطلب من الجميع أن يكونوا قطيع يسير في الطابور و يتحلون بأخلاق الملائكة في التسبيح بحمده و إذا ما سمعوا منه قولاً أو فعلاً أن يقولوا آمين أما إذا ظن أحدهم أو جمع منهم أن الدكتاتور و هم بشر بين الصواب و الخطأ و أن تداول الرأي واجب و التشاور نهج الوصول إلى الأصلح و الأنفع ترى بعينين رأسك و تسمع بأذنيك الحبل على الجرار في منهج الدكتاتور . و في مصر المحروسة يوجد برطمان تفصيل تم لصقه في البرلمان و اختير بعناية فائقة لموالاة نظام دكتاتوري و لكن بعض منْ فيه يسترد بعض وعيه و أستطاع أن يستشرف مستقبل قريب فحق عليه أن يشيطن و يلصق به التهم و سيسير الأمر على هذا المنوال حتى تجف البرك و تظهر قراميط قاعها و تذهب الدكتاتورية إلى غير رجعة فانتظروا معي و أن غداً لنظيره لقريب .

خبر عاجل