خلافا لما كان متوقعا، فقد توصلت الدول المصدرة للنفط مساء الأربعاء في الجزائر، إلى "اتفاق تاريخي" لتخفيض إنتاج
النفط من أجل دعم الأسعار التي تراجعت منذ فترة طويلة بسبب العرض المفرط في الأسواق.
وفي ختام اجتماع استمر حوالي ست ساعات ومشاورات استغرقت أسابيع، أعلنت منظمة الدول المصدرة للنفط (
أوبك) مساء الأربعاء أنها قررت خفض إنتاجها إلى ما بين 32.5 و33 مليون برميل يوميا، بينما كان الإنتاج يبلغ 33.47 مليون برميل في آب/ أغسطس الماضي، بحسب وكالة الطاقة الدولية.
وهو أكبر خفض في الإنتاج منذ الخفض الذي أقر بعد انخفاض الأسعار خلال أزمة 2008.
وقال وزير الطاقة القطري محمد بن صالح السادة الذي يرأس الاجتماع، في مؤتمر صحافي، إن "الاجتماع كان طويلا جدا لكنه تاريخي".
وأضاف أنه مع أن السوق تصدر "إشارات إيجابية" وخصوصا التراجع في المخزونات والطلب الثابت، فإن "علينا تسريع إعادة التوازن إلى السوق".
ومع إعلان الاتفاق، فقد سجلت أسعار النفط في أسواق آسيا ارتفاعا بلغت نسبته في بعض الأحيان 6 بالمائة وتواصل تقدمها وإن كان بوتيرة أضعف.
فعند الساعة الواحدة بتوقيت غرينيتش، بلغ سعر برميل النفط الخفيف (لايت سويت كرود) تسليم تشرين الثاني/ نوفمبر 47.29 دولار بعد ارتفاعه 23 سنتا. أما برميل البرنت، الخام المرجعي الأوروبي تسليم تشرين الثاني/ نوفمبر، فقد ربح 22 سنتا إلى 48.91 دولار.
وستناقش طرق تطبيق الاتفاق خلال قمة المنظمة في فيينا في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.
وستشكل خصوصا لجنة عليا لتحديد مستويات الإنتاج التي يمكن أن تطبق على كل بلد. وهذه اللجنة ستبدأ حوارا مع الدول الكبرى غير الأعضاء في "أوبك"، ولا سيما روسيا ثاني بلد منتج للنفط في العالم، من أجل المشاركة في جهود إعادة توازن الأسواق.
وكانت موسكو عبرت عن تأييدها لتجميد إنتاجها عند مستواه القياسي الذي سجل في أيلول/ سبتمبر.
من جانبه، عبر وزير الطاقة الجزائري نور الدين بوطرفة، عن ارتياحه للاتفاق. وقال إن "أوبك اتخذت اليوم قرارا تاريخيا". وأضاف أن قرار "أوبك يسمح للمنظمة باستعادة وظيفة المراقبة للسوق النفطية وهي الوظيفة التي فقدتها منذ مدة طويلة".
وأضاف أن "هذا القرار اتخذ بالإجماع ومن دون تحفظ"، موضحا أن الاجتماع غير الرسمي تحول إلى جلسة استثنائية للمنظمة لإتاحة إمكانية اتخاذ قرار.
وكان هذا الكارتل الذي يضم 14 بلدا، تخلى عن دوره كمنظم للأسواق في مواجهة الطفرة في إنتاج المحروقات الصخرية الأمريكية، ليتبنى استراتيجية دفاع عن حصصه في السوق. وقد سمح ذلك بإنتاج غزير على حساب الأسعار.
ويعادل الإنتاج الذي حددته "أوبك" إلى حد ما حجم الإنتاج في آذار/ مارس الماضي (32.47 مليون برميل)، بحسب أرقام وكالة الطاقة الدولية.
إلا أن حجم الخفض يبقى اقل من حجم الارتفاع في إنتاج "أوبك" على مدى عام، إذ إن الكارتل ضخ 930 ألف برميل إضافي على مدى عام في آب/ أغسطس الماضي.
وكانت الأسواق تتوقع ألا يسفر الاجتماع عن أي اتفاق.
ومع ذلك، فإن المحللين يرون أن اتفاقا كهذا لا يغير أساسيات السوق في شيء.
وقال المحللون في مجموعة "بي أم أو كابيتال ماركيتس" إن حصص الإنتاج التي حددتها "أوبك" لم تحترم من قبل أعضاء الكارتل حتى الآن.
تنازل سعودي
وكان المحللون لا يرجحون التوصل إلى اتفاق لأن
السعودية وإيران القوتين المتنافستين في الشرق الأوسط، شككتا في إمكانية التوصل إلى أرضية تفاهم. وكانت الخلافات بينهما أطاحت بمحاولة سابقة لتجميد الإنتاج في نيسان/ إبريل في الدوحة.
لكن الوزير القطري أكد أن الاجتماع جرى في أجواء "إيجابية للغاية عكست الترابط المتين لأوبك".
من جهته، قال وزير النفط
الإيراني بيجان نمدار زنقنة إنه "سعيد جدا".
وكان الوزير الإيراني صرح بأن إيران "ليست مستعدة" لتجميد إنتاجها في مستوياته الحالية، مؤكدا أن الهدف هو أن يبلغ الإنتاج أربعة ملايين برميل يوميا، أي أكثر بقليل من حجم الإنتاج الحالي الذي يتراوح بين 3.6 و3.8 مليون برميل يوميا.
وكانت السعودية كبرى دول "أوبك"، تشترط في البداية للقيام بأي خفض في إنتاجها، خطوة مماثلة من الدول الأخرى.
لكن الرياض التي تأثرت اقتصاديا بتراجع أسعار النفط مثل البلدان الأخرى، تبنت موقفا أكثر ليونة.
وكان وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، صرح مساء الثلاثاء، بأن المملكة يمكن أن توافق على أن يسمح لإيران ومعها ليبيا ونيجيريا "بالإنتاج بمستويات قصوى لها معنى".
وهذان البلدان اللذان أضعفتهما نزاعات داخلية، يضخان أقل من طاقتهما ولا يريدان التخلي عن صادرات تدر القطع الأجنبي.