سجلت الليرة التركية مستويات قياسية من التراجع مقابل
الدولار الأمريكي، وبلغت التراجعات حدتها بعدما وصل سعر صرف الدولار في الوقت الحالي إلى نحو 3.11 ليرة تركية.
ووفقا للأرقام والبيانات التي رصدتها "
عربي 21"، فقد قفز سعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية بنسبة 119% خلال 10 سنوات، حيث ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة من نحو 1.42 ليرة في عام 2006 ليسجل نحو 3.11 ليرة في الوقت الحالي، بخسائر إجمالية تقدر بنحو 119% بنسبة تراجع سنوي تقدر بنحو 11.9%.
وفي تموز/ يوليو الماضي، سجلت الليرة التركية أدنى مستوياتها في أكثر من ثماني سنوات بعد إعلان انقلاب الجيش التركي على السلطة المنتخبة، حيث فقدت الليرة التركية ما نسبته 4.6% لتسجل عقب ساعات من إعلان الانقلاب نحو 3.0157 مقابل الدولار في أكبر عمليات بيع منذ عام 2008.
وفي بداية عام 2013، كان معدل صرف الدولار يساوي نحو 1.75 ليرة تركية، ومنذ ذلك العام، وبالتحديد منذ اضطرابات حديقة جيزي، ومعدل صرف الليرة التركية في تراجع.
وفي بداية عام 2014 ارتفع معدل صرف الدولار إلى 2.27 ليرة لكل دولار، ثم قفز سعر صرف الدولار بعد ذلك ليسجل نحو 2.557 ليرة، أي إن الليرة التركية تراجعت على مدار العامين الماضيين بنحو 45 في المائة، وهو تدهور كبير في غضون هذه الفترة الزمنية القصيرة، خاصة مع ارتفاع حجم الديون الخارجية المسجلة على تركيا، التي بلغت نحو 400 مليار دولار بما يمثل نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بحلول منتصف العام 2014.
وفي عام 2014 انخفض معدل نمو الاقتصاد التركي ما بين 2.5 و3%، وأظهرت قطاعات الصناعة والتجارة تراجعا واضحا هذا العام. من ناحية أخرى، فقد تراجع الإنتاج الصناعي في كانون الثاني/ يناير، بنسبة 2%. وتراجعت الصادرات في شهري كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير، في الوقت الذي تراجعت فيه الإنتاجية بما لا يتماشى مع معدلات النمو في الأجور.
هذا التراجع في النشاط الاقتصادي اليوم، تلقى تبعاته على السياسة النقدية للبنك المركزي الذي يتبنى سياسة نقدية متشددة.
لكن مؤخرا أظهرت البيانات الرسمية أن الاقتصاد التركي سجل نموا في الربع الثاني من العام الجاري بلغت نسبته نحو 3.1%، وهو أدنى من توقعات الحكومة التركية التي كانت تراهن على تحقيق معدل نمو يبلغ نحو 4.5% خلال العام الجاري.
وخفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لتركيا إلى سلبية من مستقرة في آب/ أغسطس الماضي، في حين أعلنت وكالة موديز في تموز/ يوليو الماضي، أنها تضع تصنيفها لتركيا قيد المراجعة لاحتمال خفضه إلى مستوى مرتفع المخاطر.
واختلفت الآراء حول المسببات الحقيقية لتراجع الليرة، فالبعض يرى أن صعود الدولار أدى إلى ارتفاع مخاطر الاستثمار في العملات الناشئة، التي ارتفع الدولار في مقابلها جميعا تقريبا. والليرة التركية ليست استثناء من الحالة التي تواجهها العملات الناشئة التي تشهد تراجعات حادة مقابل الدولار الأمريكي الذي يصعد بقوة، فالريال البرازيلي والراند الجنوب أفريقي والبيزو المكسيكي والجنيه المصري عملات تتراجع أيضا، وتشهد
خسائر حادة خلال العامين الماضيين مقابل الدولار.
ومنذ فترة والرئيس التركي يضغط على البنك المركزي لخفض معدلات الفائدة للسماح بنمو الاستثمارات الخاصة، في حين يرهن البنك المركزي التركي هذا الخفض بتطورات معدل التضخم. وقد هاجم أردوغان مدير مصرف تركيا المركزي قائلا: "إنه يدعي أن مهامه الأساسية هي التضخم وثبات الأسعار، وهو ما يعني أن البنك المركزي لا يفهم واجباته الأساسية". وقد حاول رئيس البنك المركزي الاستقالة، ولكن استقالته رفضت.
واستجاب البنك المركزي لضغوط الحكومة وبدأ سلسلة من خفض معدلات الفائدة، وكانت البداية في كانون الثاني/ يناير من العام الماضي، وقام بخفض معدل الفائدة الأساسي على القروض لمدة أسبوع بـ 50 نقطة من 8.25 في المائة إلى 7.75 في المائة.
ثم عاد الرئيس التركي ليجدد مطالبه للبنك المركزي بخفض معدلات الفائدة مرة أخرى، ليعلن البنك المركزي في آب/ أغسطس الماضي، خفض أسعار الفائدة للشهر السادس على التوالي رغم ارتفاع مستويات التضخم ومخاطر التعرض لاحتمال خفض التصنيف الائتماني.
وخفض المركزي التركي معدل فائدة الإقراض لليلة الواحدة من 8.75% إلى 8.5%، أي إن حجم التخفيض بلغ 25 نقطة أساس. وأبقى البنك على سعر إعادة الشراء "ريبو" لأجل أسبوع، وهو سعر الفائدة الرئيس، دون تغيير عند 7.5%.
وتسببت الخسائر الحادة التي تلاحق الليرة التركية مقابل الدولار في ارتفاع أسعار السلع والخدمات، ما أدى إلى زيادة نسب ومعدلات التضخم ومن ثم ارتفاع معدلات الفقر.
لكن في المقابل تسببت في انتعاش حركة السياحة، بعد ارتفاع قيمة عملاتهم مقابل الليرة التركية.