نشرت صحيفة "صندي تايمز" تقريرا للكاتبة لويز كالاغان، تقول فيه إن قضاة يقومون بمحاكمة المشتبه بهم من عناصر
تنظيم الدولة في بناية قريبة من مصفاة النفط في بلدة القيارة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الصحيفة التقت بالقاضي صباح نور، الذي قال إن المحكمة تستقبل يوميا ما بين خمسة إلى عشرة أشخاص، تحضرهم قوات الشرطة أو المخابرات
العراقية، لافتا إلى أن الإجراءات بطيئة "ولا نعرف عدد المعتقلين، وأين تحتحزهم قوات الأمن".
وتعلق الكاتبة قائلة إن "القوات العراقية، التي تقدمت في محافظة نينوى في الأسابيع الماضية باتجاه مدينة
الموصل، كبرى المدن العراقية وعاصمة تنظيم الدولة في العراق، أدت إلى زيادة العنف، و(يبدو العدل مراوغا)، فبعد تحرير المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم، فإنه يتم فحص ما تبقى من الرجال، والبحث عن أسمائهم في قائمة من الأسماء فيها 38 ألف اسم، وهناك عدد منهم مواطنون بريطانيون ذهبوا للقتال في صفوف التنظيم".
وتنقل الصحيفة عن المسؤولين الأمنيين، قولهم إن ألافا من الأشخاص تم اعتقالهم في الشهر الماضي، حيث احتجزوا في سجون مؤقتة، في بيوت خاصة أو في المساجد، بانتظار صدور الحكم النهائي عليهم، مشيرة إلى أن هناك حالات تنتظر، ولا يمكن الانتهاء منها إلا بعد أشهر.
ويلفت التقرير إلى أن محكمة القيارة لم تستمع إلا لمئة حالة منذ بداية الحملة على الموصل، وهي المحكمة الوحيدة الموكلة بمتابعة قضايا المشتبه بعلاقتهم مع تنظيم الدولة، مشيرا إلى قول أحد المحامين: "ليس هنا كهرباء، ولا نحصل على الماء إلا مرتين أو ثلاث مرات"، ولا يوجد في المحكمة سوى قاضيين يقومان بمتابعة المشتبه بهم، حيث يقرران إما الإفراج عنهم أو تحويلهم إلى المحكمة العليا.
ويقول نور إن معظم الحالات التي نظر فيها كان فيها خطأ في الهوية، مثل محمد أحمد غلاف، وهو شخص غير محظوظ، يشترك في اسمه مع ثلاثة متهمين في تنظيم الدولة، ويقول: "لا أستطيع مغادرة القيارة؛ لأنهم سيعتقلوني على نقطة التفتيش"، وأضاف: "أخشى أن يأخذوني إلى السجن، ولو نقلوني إلى بغداد فلن يحميني أحد"، بحسب الصحيفة.
وتنوه كالاغان إلى أنه في الوقت الذي تمتلئ فيه السجون بالمشتبه بهم، فإن السكان الغاضبين يقومون بشجب المتعاونين مع تنظيم الدولة، لافتة إلى أن مسؤولين أمنيين يقولون إن الشكاوى الحقيقية اختلطت بالكاذبة، التي يسعى أفرادها لتصفية حسابات قديمة.
وتورد الصحيفة نقلا عن مسؤول أمني، قوله: "بعض الأشخاص يتهم جيرانه، وآخرون يتهمون صاحب البقالة، ويقولون إنه متعاطف مع تنظيم الدولة؛ لأنه باع أفراد التنظيم ماء، وهذا ليس صحيحا ولا نعتمد عليه"، وأضاف: "لو صدقنا الاتهامات كلها لاضطررنا لبناء سجن كبير".
وبحسب التقرير، فإن أعدادا كبيرة من المدنيين جلسوا الأسبوع الماضي تحت أشعة الشمس ينتظرون دورهم أمام المحكمة، لتقديم شهادات ضد المتعاونين، ويقول المحامي أيمن عبدالله أميان: "نعرف من أخبر تنظيم الدولة أن شقيقي كان شرطيا".
وتبين الكاتبة أنه عندما كان أميان يتحدث، فإنه أخرج ورقة فيها حكم بالإعدام أصدره تنظيم الدولة على شقيقه -وهو أب لسبعة أفراد- بتهمة الردة عن الإسلام، مشيرة إلى أن جريمته الحقيقية كانت أنه موظف في حكومة بغداد، وقال أميان إن من بلغوا عن شقيقه كانوا من المنطقة، وأضاف: "أريد
الانتقام، وأريدهم أن يموتوا".
وتذكر الصحيفة أن هناك من لا يثق بالحكومة والعدالة التي تمارسها، ولهذا فهم جاهزون لتحقيق العدل بأيديهم، حيث يقول عمر طيب: "الحكومة موجودة هنا لفترة، وعندما تغادر فإن الأشخاص سيعودون إلى الاحتكام إلى النهج القبائلي"، لافتة إلى أن ابن عمر كان من بين الذين قتلهم تنظيم الدولة، وكان ابنه احمد يبلغ من العمر 18 عاما، حيث سجن مع والده لأشهر، وناشد تنظيم الدولة قتله وترك والده، ويصف تلك التجربة قائلا: "لقد عذبونا أمام بعضنا، ومن ثم أذابوا جسده، ولم يبق ولا جزء منه"، ويضيف: "سنعثر عليهم وسيموتون".
وتختم "صندي تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أنه بموجب قوانين القبيلة فإنه لا يتم الانتقام لدم أحمد إلا بعد قتل من ارتكبوا الجريمة، وحتى يتم هذا فإن والده سيظل يعيش في العار، ويقول: "بعض الحراس كانوا عراقيين، وسنعثر على من قتلوا أبناءنا".