نشرت صحيفة "فرنكفورتر روندشاو" الألمانية، تقريرا تحدثت فيه عن تفاقم ظاهرة ترويج الأخبار الزائفة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحويلها إلى سلاح يستعمل في الحملات الانتخابية، وهو ما دفع بمارك زوكربرغ، مالك ومؤسس شركة "
فيسبوك" إلى الإعلان عن إجراءات جديدة، لمجابهة ظاهرة انتشار الشائعات بين المستخدمين بسرعة وسهولة على الموقع.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن
مارك زوكربرغ اعترف لأول مرة بأن انتشار الشائعات في "فيسبوك" يمثل مشكلا، خاصة بعدما قام شاب أمريكي بتجربة بين من خلالها كيفية انتشار الأخبار الزائفة على الموقع.
وذكرت الصحيفة أنه منذ بداية السباق الانتخابي في الولايات المتحدة، فقد احتد النقاش حول دور الأخبار الزائفة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي في توجيه آراء الناخبين، وخاصة دور موقع "فيسبوك" الذي يعد الأكثر انتشارا.
ولطالما أصر مؤسس الموقع مارك زوكربرغ، مرارا وتكرارا، على نفي وجود ظاهرة متمثلة في انتشار الأخبار الزائفة، واعتبر أن هذا الأمر لا يمثل مشكلا، بل رد على الانتقادات بالقول إنه "لمن الجنون أن نعتقد بأن هنالك أخبارا كاذبة تنتشر بين مستخدمي فيسبوك وتؤثر على نتائج الانتخابات".
إلا أن عاصفة الانتقادات اشتدت أكثر، وهو ما دفع بالرئيس الأمريكي باراك أوباما، إلى أن يدلي بدلوه في هذا الموضوع، حيث إنه أعلن خلال مؤتمر صحفي على هامش زيارته هذا الأسبوع لألمانيا أنه "إذا لم يكن بإمكاننا أن نعرف ما هو الصواب من الخطأ، ولم نكن قادرين على التفريق بين الحقيقة والدعاية، فإن هذا يمثل مشكلا حقيقيا".
وأشارت الصحيفة إلى أن زوكربرغ، اقتنع في النهاية بأن هنالك مشكلا حقيقيا، يستوجب اتخاذ إجراءات فورية لأنه لن يختفي بمجرد تجاهله. وأعلن زوكربرغ عبر موقعه مساء يوم الجمعة، أنه مهتم بتفاصيل هذه الظاهرة وأنه يقر بكونها مشكلا معقدا على المستوى التقني والفلسفي. وفي هذا السياق، قال زوكربرغ إنه "علينا أن نعالج الأمر مع الحذر من إمكانية إقصاء الآراء الصادقة أو المساس بالأخبار الصحيحة".
وذكرت الصحيفة أن هنالك عدة مشاريع يجري العمل عليها الآن لمعالجة هذا المشكل، من بينها فكرة تطوير "فيسبوك"، ليكون قادرا على التعرف على المعلومات الكاذبة، وتسهيل مهمة المستخدمين الذين يبلغون عن هذه الأكاذيب. بالإضافة إلى ذلك، فإن إدارة الموقع تريد الاستعانة بخبراء في مجال الصحافة والتحقيقات القضائية لتطوير مقاربة ناجعة. وقد كتب زوكربرغ حول هذا الموضوع؛ "أريدكم أن تعلموا أننا كنا ولا زلنا نولي أهمية كبرى لهذه المسألة ونفهم مدى أهميتها لدى الناس، ولذلك نحن ملتزمون بالقيام بما هو صحيح".
وأشارت الصحيفة إلى أن تجربة عرضتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية بينت سهولة انتشار الأخبار الزائفة على الموقع، حيث تم عرض نموذج لرسالة زائفة هي عبارة عن تغريدة نشرها شخص لديه أربعون متابعا فقط. وقد تمت مشاركة التغريدة أكثر من 350 ألف مرة في موقع "فيسبوك" خلال وقت قياسي، حيث يتمثل محتواها في صور تظهر مجموعة من الحافلات، مع مزاعم بأنها تم تخصيصها لنقل متظاهرين معارضين لترامب.
وعلى الرغم من أنه لا يوجد أي دليل على صحة الصورة ولم يتم ذكر الخبر في أي وسيلة إعلامية أخرى، إلا أن الجميع تناقل هذه التغريدة دون التثبت حتى من مصدر هذه الحافلات أو مكانها الحقيقي.
وقد تبين لاحقا أن هذه الحافلات كانت مخصصة لنقل مشاركين في مؤتمر في الولايات المتحدة، إلا أن هذا التفسير الرسمي والمؤكد لم يتم تناقله بين مستخدمي "فيسبوك"، على عكس الخبر الكاذب الذي تناقلوه بكثافة غريبة، حتى إن دونالد ترامب نفسه نشر تلك التغريدة لاحقا وكتب عليها "متظاهرون مأجورون، يحرضهم الإعلام ضدي".
وفي الختام، بينت الصحيفة أن المستخدم الذي نشر الخبر لأول مرة عاد لاحقا ليؤكد أنه مجرد شائعة، وحاول تفسير سبب قيامه بهذه التجربة، إلا أن كل تغريداته لم تجد أي صدى، إذ إن الخبر كان قد انتشر كالنار في الهشيم والناس كانوا مهتمين بالإثارة والجدل أكثر من الحقيقة.