تتصدر قضية غلاء الأسعار لعديد السلع الأساسية والخدمات العامة، حديث الشارع
المصري في الوقت الحالي، والتي تضغط أكثر على جيوبهم، وتستنزف من مدخراتهم المالية.
وصعدت أسعار عديد السلع في السوق المحلية المصرية، في أعقاب إعلان البنك المركزي في الثالث من الشهر الجاري، تعويم سعر صرف
الجنيه، ليصبح سعره وفق آليات العرض والطلب في السوق.
وتتقلب أسعار عديد السلع بشكل يومي، حتى أصبح المواطن يشتري السلعة صباحا بثمن، ويدفع مقابلها سعرا مختلفا في مساء اليوم ذاته، وفق المشاهدات الحية في الشارع المصري.
ومع صعود أسعار المحروقات المرتبطة بأسعار صرف الدولار، ارتفعت أسعار السلع التي يعد الوقود مدخلا رئيسيا في الإنتاج، أو أية مواد خام مستوردة، تدخل في إنتاج السلع.
وتراجعت مدخرات المصريين بأكثر من النصف اعتبارا من تاريخ تعويم الجنيه، بسبب أسعار السلع المستوردة في غالبيتها من السوق الخارجية، فيما تتم عمليات الاستيراد بالدولار الأمريكي، بقيمة بلغت 80 مليار دولار في 2015.
ودفع غلاء الأسعار، "عاطف يعقوب" رئيس جهاز حماية المستهلك في مصر، إلى الإعلان في وقت سابق من الشهر الجاري عن إطلاق مبادرة "يوم من غير شراء" للمستهلكين أول كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
وأضاف يعقوب في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن المبادرة تعد رسالة قوية للتجار لعدم المبالغة في رفع الأسعار، مشيرا إلى أن المستهلكين عانوا خلال الفترة الماضية من جشع بعض التجار الذين بالغوا في رفع الأسعار.
وبينما أبدى مصريون استعدادهم للمشاركة في المبادرة، والتوقف عن الشراء في الموعد المحدد، يرى آخرون أن المقاطعة لمدة يوم غير كافية لمواجهة ما أسموه "جشع التجار"، وطالبوا بتمديد الفترة إلى أسبوعين.
وأبدى أستاذ
الاقتصاد المصري "صلاح الدين فهمي" في جامعة الأزهر، تأييده لمبادرة مقاطعة شراء السلع مطلع الشهر المقبل.
وتوقع أن تلقى المبادرة "استجابة واسعة من جانب شرائح متنوعة داخل المجتمع المصري، خاصة أن الكل يشكو من صعود الأسعار".
واعتبر أن وجود "مشاركة واسعة في المبادرة والالتزام بمقاطعة الشراء ليوم أو يومين وربما أسبوع، سيكون بمثابة ضغط على التجار في عدم المغالاة برفع الأسعار والمتاجرة بقوت الشعب بحجة ارتفاع الدولار".
وعقب تعويم الجنيه، توقع بنك استثمار "بلتون" في مصر أن يرتفع معدل التضخم في النصف الأول من العام 2017 بالقرب من 25% - 30% على الأرجح.
وسجل معدل التضخم السنوي في مصر خلال أيلول/ سبتمبر الماضي 14.6%، وهو ما يشكل تراجعا نسبيا قياسا إلى الشهر السابق عليه، الذي سجل فيه معدل التضخم 16.4%.
وثاني أيام
التعويم، قال رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل في مؤتمر صحفي، إن الفترة المقبلة ستشهد زيادة في أسعار بعض السلع بعد ارتفاع أسعار المواد البترولية، مؤكدا أن "الإصلاح الاقتصادي له تكلفة".
وقال أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين في الغرفة التجارية بالقاهرة، إن قرار تعويم الجنيه المصري رفع أسعار السلع المستوردة بنسبة 100%، ما انعكس سلبا على أسعار السلع المحلية وارتفعت أسعارها بنسب تقترب من 100%.
ودعا شيحة السلطات المصرية إلى مواجهة "المحتكرين وتشديد العقوبات بحقهم وليس مطالبة المستهلكين بالتوقف عن الشراء".
وذكر معهد كارنيجي الأمريكي في تقرير حديث، أن الإصلاحات الاقتصادية وموافقة صندوق النقد الدولي على منح مصر القرض بقيمة 12 مليار دولار، ساهمت في تجديد ثقة المستثمرين، لكن إجراء مزيد من الإصلاحات البنيوية قد يؤدي إلى خلل في الاستقرار الاجتماعي.
ووافق صندوق النقد الدولي في 11 من الشهر الجاري على منح القرض، وصرف الشريحة الأولى بقيمة 2.75 مليار دولار.
ورجّح "كارنيجي" أن تواجه الحكومة المصرية استياء شعبيا وغضبا عارما، بسبب ارتفاع الأسعار والنقص في السلع، الأمر الذي قد يؤدي إلى اندلاع حركة احتجاجية جديدة.
ولفت معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط، إلى أنه من غير المرجح أن يؤدي قرض صندوق النقد إلى معالجة المشاكل الاقتصادية في مصر بشكل أكثر استدامة.
وأضاف في تقرير حديث أن قرارات مصر للحصول على قرض الصندوق، من المفترض أن تساهم في تأمين استقرار الاحتياطيات النقدية وتفادي النقص في المواد الأولية، إلا أنها تزيد من معاناة السكان على المدى القصير، بعدما تراجعت ثروتهم إلى النصف بسبب انخفاض قيمة الجنيه.