نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن انتقاد رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا
ماي، لتصريحات وزير خارجيتها، بوريس
جونسون، حول المملكة العربية
السعودية بعد مشاركتها في قمة مجلس التعاون الخليجي.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن الجدل الذي أثارته تصريحات بوريس جونسون الأخيرة حول المملكة السعودية، تطرح تساؤلات حقيقية حول مدى قدرته على أداء مهامه في وزارة الخارجية البريطانية، بعد أن اتهم جونسون المملكة السعودية بتحريك الدمى "في حرب بالوكالة" في كامل منطقة الشرق الأوسط.
وذكرت الصحيفة أن تصريحات بوريس جونسون الأخيرة وضعت رئيسة الوزراء البريطانية أمام خيارين؛ تجاهل وزير الخارجية في حكومتها أو إلحاق ضرر بالمصالح الإستراتيجية لبريطانيا في الخليج. ويبدو أن تيريزا ماي اختارت في النهاية تغليب المصالح الإستراتيجية لبريطانيا، والتنكر لتصريحات بوريس جونسون.
وأشارت الصحيفة إلى أن التصريحات الأخيرة التي انتقد فيها جونسون المملكة السعودية قد تضر بموقفه داخل الحكومة البريطانية، وقد يكون وزير الخارجية البريطاني في حاجة لتقديم اعتذار للمملكة، قبل بداية جولته بين دول الخليج العربي.
وأضافت الصحيفة أن تصريحات جونسون في مؤتمر روما جاءت ردا على تصريح الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بأن الانقسام السني الشيعي يستخدم بطريقة خاطئة لخدمة السياسات والأهداف القومية. ويبدو أن تصريحات جونسون حول موقفه من المملكة السعودية قامت على مقارنة سياسات القادة الحاليين للمنطقة بالجهود التي يبذلها قادة قبرص اليونانية والتركية، لإنهاء الجمود حول الوضع في الجزيرة، بعد أيام قليلة من زيارته لها.
ويدرك وزراء الخارجية والدبلوماسيون في
بريطانيا مدى حساسية السعودية ودول الخليج عموما تجاه النقد. ومع ذلك فإن بوريس جونسون وضع نفسه في ورطة أكثر من مرة منذ توليه مهام منصبه، بسبب انتقاده علنا لحلفاء بريطانيا، بعد أن اتهم قادة الدول في الشرق الأوسط باستغلال الخلافات الدينية من أجل تحقيق أهدافهم السياسية، وهو ما يمثل على حدّ تعبيره "أكبر مشكلات المنطقة".
وأشارت الصحيفة إلى أن بوريس جونسون قد يكون على حقّ في تصريحاته حول المملكة السعودية، ودورها في الاضطرابات التي تجتاح المنطقة، لكن تبني مثل هذه المواقف بشكل رسمي في وزارة الخارجية البريطانية، يمثل مخاطرة بالأعراف والمصالح الاستراتيجية البريطانية في منطقة الخليج العربي، ولذلك يمكن اعتبار تصريحات جونسون الأخيرة مجرد خطأ بروتوكولي وسياسي آخر.
وقالت الصحيفة إن تصريحات جونسون أثارت اهتمام المنظمات الإنسانية والحقوقية، التي حاولت استيعابها من أجل فهم موقف وزير الخارجية البريطاني من الصراع الإيراني السعودي في المنطقة، واتهامه لكلا الطرفين بإشعال حروب وصراعات، من خلال استغلال الفراغات في منطقة الشرق الأوسط، لكن لا زالت هناك تساؤلات عديدة تحوم حول الدعم البريطاني للمملكة السعودية خلال حربها في اليمن.
وأضافت أن طبيعة الدعم الذي تقدمه بريطانيا للمملكة السعودية في حربها في اليمن لا يقتصر على الدعم العسكري، فقد وضعت بريطانيا خبراتها ومستشاريها على ذمة القادة السعوديين في الحرب اليمنية، من خلال تحديد الأضرار المحتملة للحرب ومساعدة القادة السعوديين على تحقيق أهدافهم العسكرية.
وذكرت الصحيفة أن سياسات المملكة السعودية لم تثر جدلا كبيرا في بريطانيا بقدر ما أثارته في الولايات المتحدة خلال الأشهر الماضية، لكن كانت هناك انتقادات متكررة لهذه السياسات من نواب في البرلمان البريطاني، ومن بينها تصريحات توبياس إلوود التي دعا فيها المملكة السعودية إلى وقف غاراتها الجوية في اليمن، في الوقت الذي تتواصل فيه جهود المنظمات الحقوقية من أجل ملاحقة المتورطين في هذه الحرب.
وأضافت الصحيفة أن تصريحات جونسون جاءت في وقت سيئ، بسبب حساسية العلاقة بين المملكة السعودية وبريطانيا خلال هذه الفترة، بعد أيام قليلة من زيارة تيريزا ماي لدول الخليج العربي، وقبل أيام من زيارة بوريس جونسون في نهاية هذا الأسبوع.
وذكرت الصحيفة أن بريطانيا، على عكس الولايات المتحدة، ليس لديها خيار آخر سوى المحافظة على العلاقات الاستراتيجية مع المملكة السعودية، نظرا إلى أن منطقة الخليج العربي عموما، والمملكة السعودية خصوصا، تضم أكثر من 1500 جندي بريطاني، وسبع سفن حربية.
وأشارت الصحيفة إلى أن القادة السعوديين سيطرت عليهم المخاوف بسبب الانعكاسات السلبية المحتملة للاتفاق الإيراني على المنطقة، بطريقة يمكن أن تضر بالمصالح الاستراتيجية للمملكة السعودية، لكن يبدو مع وصول ترامب للسلطة أن هذا السيناريو أصبح أمرا مستبعدا.
وفي الختام قالت الصحيفة إن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها بوريس جونسون حول المملكة السعودية، تثير تساؤلات حقيقية حول مدى قدرة وزير الخارجية الذي وصل للسلطة بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، على تغليب المصالح الاستراتيجية لبريطانيا على مواقفه الشخصية.