أظهرت بيانات رسمية حديثة، أن الودائع لدى
البنوك التجارية
السعودية ارتفعت في تشرين الثاني/ نوفمبر إلى أعلى مستوى لها هذا العام، في علامة على أن شح
السيولة الناجم عن هبوط أسعار النفط ينحسر مع قيام الحكومة بتسييل أصول أجنبية لسداد فواتيرها.
وأظهرت بيانات من
البنك المركزي أن الودائع لدى البنوك ارتفعت إلى 1.624 تريليون ريال تساوي نحو 433 مليار دولار، من 1.610 تريليون ريال في تشرين الأول/ أكتوبر، مسجلة زيادة على أساس شهري هي الرابعة على التوالي.
وهبطت الودائع في وقت سابق من العام مع انخفاض الأموال التي تودعها الحكومة -التي تقلصت إيراداتها بفعل تراجع أسعار النفط- لدى البنوك المحلية. وفي الوقت نفسه قامت الحكومة بتغطية جزء من عجز ضخم في الميزانية من خلال إصدار سندات إلى البنوك.
ودفع ذلك أسعار الفائدة في سوق المال للصعود بشكل كبير مهددة النمو الاقتصادي وأرباح الشركات. وارتفعت الفائدة لثلاثة أشهر في التعاملات بين البنوك إلى 2.39 بالمئة في تشرين الأول/ أكتوبر، وهو أعلى مستوياتها في عدة أعوام.
ورغم ذلك، فقد تحسنت السيولة منذ أواخر تشرين الأول/ أكتوبر حينما جمعت الحكومة 17.5 مليار دولار من أول إصدار لسندات دولية، وهو ما أتاح لها مجالا لتجميد إصدارات السندات المحلية في الوقت الحاضر.
وواصلت الحكومة أيضا السحب من احتياطياتها المالية في الخارج وجلبت الأموال إلى المملكة. وقال البنك المركزي إن صافي أصوله الأجنبية هبط 5.3 مليار دولار على أساس شهري إلى 530.5 مليار دولار الشهر الماضي، وهو أدنى مستوى منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2011.
وتقلصت الأصول من الأوراق المالية الأجنبية بنحو 4.7 مليار دولار إلى 370.4 مليار دولار، لكن ودائع البنك المركزي السعودي لدى البنوك خارج المملكة ارتفعت قليلا بمقدار 1.4 مليار دولار إلى 103.1 مليار دولار.
ودفعت بعض تلك الأموال التي أودعت لدى البنوك المحلية سعر الفائدة لثلاثة أشهر بين البنوك، للتراجع إلى 2.04 بالمئة في الأسابيع الماضية.
وانحسرت أيضا الضغوط المالية على الشركات السعودية، بفضل قرار الحكومة دفع عشرات المليارات من الدولارات من ديونها المستحقة للقطاع الخاص.
وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، الأسبوع الماضي، إن الرياض دفعت 100 مليار ريال للقطاع الخاص على مدى الشهرين السابقين وتتوقع دفع 30 مليار ريال إضافية في مطالبات ستتلقاها قريبا.
وتبدو تلك المدفوعات مسؤولة جزئيا على الأقل عن تباطؤ حاد في نمو الإقراض المصرفي على أساس سنوي للقطاع الخاص إلى 4.4 بالمئة في تشرين الثاني/ نوفمبر، وهو أدنى مستوى منذ الشهر نفسه من عام 2010.
وقال مصرفيون إنه حينما كانت الحكومة لا تدفع مستحقات الشركات، فإن تلك الشركات اضطرت للسحب من تسهيلات ائتمانية مع البنوك للحصول على تمويل تشغيلي، وهو ما أدى إلى تضخيم أرقام نمو الائتمان. والآن عادت أموال الحكومة لتتدفق مجددا، ما يجعل الشركات تشعر بضغوط أقل لاستخدام القروض البنكية.
ومن المنتظر أن تظل السيولة في وضع جيد نسيبا لبضعة أشهر أخرى على الأقل. وقال الجدعان إن الحكومة تتوقع استئناف المبيعات الشهرية للسندات المحلية في الربع الأول من ،2017 لكن مصرفيين يتوقعون أيضا إصدارا جديدا لسندات دولية في أوائل العام القادم، وهو ما سيحد من الأموال التي يجب على الرياض أن تجمعها من السوق المحلية.
وتتوقع خطة ميزانية الدولة لعام 2017 التي أعلنت الأسبوع الماضي أن ينخفض العجز إلى 198 مليار ريال العام القادم، من 297 مليار ريال في ،2016 وهو ما قد يخفض إجمالي متطلبات اقتراض الحكومة بشكل كبير.