نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا لمحررة الشؤون السياسية هيثر ستيوارت، تقول فيه إن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي نأت بالمملكة المتحدة عن تعليقات وزير الخارجية الأمريكي جون
كيري بخصوص
إسرائيل، فيما يبدو أنه محاولة منها لبناء الجسور مع إدارة دونالد ترامب القادمة.
ويشير المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن كيري ألقى خطابا هذا الأسبوع، انتقد فيه حكومة بنيامين
نتنياهو، التي وصفها بأنها "أكثر حكومة ائتلاف يمينية في تاريخ إسرائيل"، وحذر من التوسع السريع للمستوطنات في الأراضي المحتلة، ما يعني أن "الوضع الراهن يقود نحو دولة واحدة واحتلال دائم".
وتنقل الكاتبة عن المتحدث باسم رئيسة الوزراء، قوله إن ماي شعرت بأنه من غير المناسب القيام بهجوم قوي على ما يتعلق بتركيبة حكومة، أو التركيز فقط على موضوع المستوطنات الإسرائيلية، وأضاف: "لا نعتقد بأنه من المناسب الهجوم على تركيبة حكومة لحليف منتخبة ديمقراطيا.. وتعتقد الحكومة بأنه يمكن نجاح المفاوضات فقط إن تمت بين الطرفين (المعنيين) بدعم من المجتمع الدولي".
وتلفت الصحيفة إلى أن المملكة المتحدة دعمت قرار الأمم المتحدة، الذي تم اتخاذه الأسبوع الماضي، بخصوص توسيع المستوطنات الإسرائيلي، مستدركة بأن المتحدث باسم ماي قال إنها كانت قلقة بخصوص اللغة التي استخدمها كيري، وأضاف: "لا نزال نعتقد بأن بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني، ولذلك صوتنا مع قرارمجلس الأمن رقم 2334 الأسبوع الماضي.. لكننا أيضا واضحون بأن المستوطنات ليست هي العقبة الوحيدة في هذا الصراع، وبالذات أن من حق شعب إسرائيل العيش دون الخوف من الإرهاب الذي اضطرت لتحمله لفترة طويلة جدا".
وتستدرك ستيوارت بأن وزارة الخارجية الأمريكية ردت الليلة الماضية بشيء من الفظاظة على تصريح ماي، وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية: "فاجأنا بيان مكتب رئاسة الوزارء البريطانية، خاصة أن تعليقات وزير الخارجية كيري -غطت كل ما يهدد حل الدولتين، بما في ذلك الإرهاب والعنف والتحريض والمستوطنات- وكلها متماشية مع سياسات المملكة المتحدة لفترة طويلة، ومع تصويتها في الأمم المتحدة الأسبوع الماضي".
وأضاف البيان: "نشكر التصريحات المؤيدة من أنحاء العالم، ردا عى خطاب كيري، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا وكندا والأردن ومصر وتركيا والسعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة وغيرها".
وتفيد الصحيفة بأن الرئيس الأمريكي باراك
أوباما، الذي سيسلم المنصب لترامب في شهر كانون الثاني/ يناير، قام في أيامه الأخيرة بخطوات لتأمين إرثه بخصوص السياسة الخارجية، بما في ذلك دعم القرار، الذي يأمل البيت الأبيض بأن يوفر الأرضية القانونية لقيام الحكومات المستقبلية بأي إجراءات، مشيرة إلى أن التوصل إلى حل للصراع العربي الإسرائيلي كان هدفا مركزيا لكيري، لكنه لم يحدث سوى تقدم قليل.
ويورد المقال أن ترامب، الذي كانت له تصريحات موالية لإسرائيل خلال حملته الانتخابية، هاجم قرار مجلس الأمن، وقال إن "هذه الخسارة الكبيرة لإسرائيل في الأمم التحدة ستجعل التفاوض على السلام أكثر صعوبة، وهذا سيئ جدا"، وردت إسرائيل بشراسة على تعليقات كيري، حيث وصفها نتنياهو بأنها "منحرفة".
وتنوه الكاتبة إلى أن ماي حريصة على إقامة علاقات جيدة مع ترامب، حتى أن السفير البريطاني السير كيم داروخ، قال إنه يأمل أن تكون هذه العلاقة تشبه تلك التي كانت بين مارغرت ثاتشر ونظيرها رونالد ريغان.
وتكشف الصحيفة عن أن المملكة المتحدة أدت دورا مهما في الوساطات السرية للتوصل إلى قرار مجلس الأمن، الذي يشجب تجاوز إسرائيل للقانون الدولي ببناء المستوطنات في الأراضي المحتلة، لافتة إلى أن هذا الدور، الذي أبرزته المصادر الدبلوماسية الإسرائيلية، ترك المملكة المتحدة على خط تصادم، ليس مع إسرائيل فقط، بل مع الرئيس المنتخب ترامب، الذي يعارض القرار بشدة، وهو الأول ضد إسرائيل منذ سبع سنوات.
وبحسب المقال، فإن المملكة المتحدة لم تخف دعمها للقرار، حيث صوتت معه، وقام الوزراء والدبلوماسيون البريطانيون بالدفاع عن صياغته، مشيرا إلى أنه من الطبيعي أن تؤدي
بريطانيا دورا مهما في الوساطة في شأن يتعلق بالشرق الأوسط.
وتذكر ستيوارت أن إسرائيل تدعي أن النشاط الدبلوماسي البريطاني في نيويورك، حيث تم الاتصال بكل من فرنسا وأمريكا، تم خلف ظهرها، وقال السفير الإسرائيلي في أمريكا رون ديرمر في الإعلام الأمريكي: "إن هذا ليس نصا وضعه الفلسطينيون أو المصريون، لكن وضعته قوة غربية"، وليس من الواضح إن كان يقصد بريطانيا أو أمريكا.
وتشير الصحيفة إلى أنه يعتقد أن المملكة المتحدة أدت دورا في الوساطة بين الفلسطينيين والأمريكيين؛ للتأكد من أن نص القرار الذي طرحته نيوزلندا، وليس مصر، يرضي الطرفين، وقالت المملكة المتحدة ودول الخليج إنه يجب المضي قدما في مشروع القرار، حتى بعد أن قررت مصر سحب دعمها له.
ويبين المقال أن روسيا شكلت عقبة أخيرة أمام القرار، عندما اقترح سفيرها لدى الأمم المتحدة تأجيل التصويت على القرار لما بعد أعياد الميلاد، بعد مكالمة هاتفية من نتنياهو للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن السفراء رفضوا الانتظار، مشيرا إلى أن هناك تقارير تفيد بأن اجتماعا كان قد تم الترتيب له بين تيريزا ماي ونتنياهو في قمة دافوس ألغي بسبب الدعم البريطاني لقرار مجلس الأمن.
وتخلص الكاتبة إلى القول إن هناك انقساما في حزب المحافظين حول الموضوع، ففي الوقت الذي يرى فيه أصدقاء إسرائيل في القرار دعما للجهود الفلسطينية لتدويل القضية، وأنه سيشجع دعاة المقاطعة على فعل المزيد، بالإضافة إلى تداعيات القرار فيما يتعلق بالقدس، "الحائط الغربي (البراق)، الذي يعد أكثر المواقع اليهودية قدسية"، يرى أعضاء مجلس الشرق الأوسط في حزب المحافظين أن المستوطنات التي تبنيها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك المستوطنات في القدس الشرقية، غير قانونية.