أكد مسؤول العلاقات الخارجية والسياسية في "جيش
إدلب الحر"، المقدم فارس البيوش، أن نظام الأسد لم يكن راغبا بتوقيع اتفاق
وقف إطلاق النار في عموم المناطق السورية، وأنه سعى جاهدا، مع المليشيات المساندة له، إلى إنهاء ذلك الاتفاق، من خلال خروقات في بعض المناطق، وخاصة وادي بردى بريف دمشق الغربي.
وحذّر البيوش، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، من أن الاتفاق سيكون لاغيا "في حال استمرت الخروقات من قبل قوات النظام ومرتزقته الأجنبية، وفي حال لم يكن هناك أية عقوبات من قبل روسيا؛ الضامن للنظام"، مؤكدا في الوقت ذاته أن "الجيش السوري الحر مستعد للرد على تلك الخروقات عسكريا".
ويضم "جيش إدلب الحر" ثلاثة فصائل، وهي الفرقة الشمالية، والفرقة 13، ولواء صقور الجبل، ويبلغ إجمالي عدد مقاتليها قرابة ستة آلاف مقاتل.
وينشط الجيش في عموم مناطق ريف إدلب، في الشمال السوري، وهو من أكبر الفصائل التي وقعت على اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم الإعلان عنه في 29 كانون الأول/ ديسمبر الماضي بضمانة تركيا وروسيا، والذي يقضي بوقف شامل لإطلاق النار في
سوريا تمهيدا لإيجاد حل سياسي في سوريا.
وأوضح البيوش أن الوضع الحالي في عموم سوريا، "غير جيد أبدا، نتيجة إجرام نظام بشار الأسد، وإدخاله مليشيات طائفية، ودول إقليمية، وأخرى عظمى، لاستخدامها في قمع ثورة الشعب السوري".
وفيما يتعلق بتطورات الأوضاع في محافظة إدلب، وما يجري من عمليات تهجير يسعى إليها النظام لإفراغ المدن من أهلها وثوارها، عبر ترحيلهم إلى إدلب، قال البيوش: "إدلب الآن من أهم المناطق التي تعد خارج سيطرة أعداء الثورة، وهم كثر، وعملية التغيير الديموغرافي الأخيرة، هي مخطط إيراني بحت، والنظام هو المنفذ لها، والآلية لذلك هي سياسة التجويع للمدنيين، للضغط على الجيش السوري الحر".
وكان النظام السوري، وبعد سيطرته على شرق حلب، بدأ الترويج للحديث عن معركة إدلب، مع ترويج معلومات عن حشد قواته ومليشياته على أطراف المحافظة.
وفي هذا الصدد، قال القيادي في "جيش إدلب الحر": "تهديدات النظام لم تتوقف منذ بداية الثورة، وهي لا تعدو حربا إعلامية ونفسية، لمن هو بالأساس لا يُؤْمِن بهذه الثورة بأنها حق".
وأضاف: "نحن كجيش إدلب الحر؛ لدينا خطط عسكرية سنعلن عنها في حينها، ومحافظة إدلب كانت عصية على النظام في بداية الثورة، عندما كان (النظام) في قمة قوته، وكذلك كانت عصية على تنظيم داعش أيضا رغم قوته، وستبقى عصية على الطغاة والغلاة"، على حد وصفه.
وفي رد على الأنباء التي تتحدث عن اندماجات بين الفصائل يتم التحضير لها، والعراقيل التي تعترضها، أوضح البيوش لـ"عربي" أنه "بما أن هناك عدة فصائل في الساحة السورية، ستبقى خطوات الاندماج قائمة حتى نصل إلى الجسم الواحد، عسكريا وسياسيا، وهذا هو هدفنا"، مضيفا: "العراقيل التي تقف في وجه هذه الاندماجات، ما هي إلا مصالح شخصية لا تتعدى ذلك أبدا، وهذا رأيي أنا؛ لأن من ينظر الى المصلحة العامة لا شيء يقف في طريق الاندماج".
وتشهد مدينة إدلب وريفها واقعاً أمنياً متدهورا، في ظل عمليات اغتيال تطال شخصيات قيادية في الفصائل العسكرية العاملة في المنطقة، دون معرفة الجهات التي تقف وراء تلك العمليات.
ويؤكد البيوش أن المنطقة تعاني من "حالة فلتان أمني"، موضحاً أن ذلك "نتيجة حتمية للتشتت الموجودة، وعدم الترابط والتنسيق بين القوى الموجودة في المنطقة"، في حين أن "من يدفع الثمن بالدرجة الاولى هم الفصائل أنفسهم، فهم الهدف الاول لهذه الاغتيالات، وبالدرجة الثانية هم المدنيون الذين يدفعون ثمن لا علاقة لهم به".
وتابع قائلاً: "أحمّل الفصائل مسؤولية هذا الفلتان، وأعتقد أن من يقف وراءه بالدرجة الأولى، هو النظام المجرم وحليفته داعش، وبالدرجة الثانية هم أعداء الثورة الذين يعيشون في مناطقها"، بحسب تعبيره.
من جانب آخر، لا تزال
مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار في عموم سوريا، بضمانة من تركيا وروسيا ،تتصدر واجهة الأحداث الميدانية.
وقال البيوش لـ"عربي21"" "بالنسبة لاتفاق أنقرة لوقف إطلاق النار، فقد قدمت روسيا بداية أربعة شروط لوقف إطلاق النار، تم رفضها جميعا من قبل الفصائل، وتم تقديم سبعة شروط من قبل الفصائل للتوقيع على وقف إطلاق النار، والتوجه للحل السياسي، وبعد أسبوع أعلنت موسكو موافقتها على جميع الشروط، وتركيا هي الضامن للفصائل، وروسيا هي الضامن للنظام وحلفائه".
وحول صحة ما تردد عن اختلاف نسخة الاتفاق التي وقعتها الفصائل عن تلك الخاصة بالنظام السوري، قال البيوش: "بالنسبة للاتفاق الذي وقعنا عليه، فإنه يختلف عن وثيقة النظام، وهذا الأمر لا يعنينا، فنحن ملتزمون بما وقعنا عليه نحن، ولم نطلع على وثيقة النظام إلا بعد تسريبها من مجلس الأمن، وأصدرنا بيان بهذا الخصوص"، كما قال.
وأضاف: "النظام من اللحظة الاولى، أظهر أنه لا يرغب بهذه الاتفاقية، ويحاول أن ينهيها من خلال خروقات في بعض المناطق، وخاصة وادي بردى، بالتعاون مع إيران وحزب الله، اللذين يحاولان أيضا إفشال الاتفاق، باعتبارهما غير موجودين ضمن المفاوضين، وكانوا خارج هذا الإطار. ونحن قمنا بتجميد الاتفاق، إذا لم يلتزم النظام وجاهزون للرد عسكرياً".
وأكد أنه في حال استمرار الخروقات، وعدم وجود عقوبات من قبل الضامن الروسي، سيكون "الاتفاق بحكم المنتهي، ولدينا خيارات كثيرة تجاه ذلك، والجيش السوري الحر لديه من الإمكانيات ما تفوق إمكانيات النظام، إذا استثنينا قوات روسيا المتحالفة معه"، وفق قوله.
وحول أسباب غياب أي تحرك جدّي من الأطراف الضامنة لوقف إطلاق النار، خاصةً بعد الخروقات المتكررة من قبل قوات النظام والمليشيات المتحالفة معه، وخصوصا في وادي بردى، أوضح القيادي في جيش إدلب الحر، أن "الاتفاق ما زال في بدايته، والدول الضامنة طلبت بعض الوقت للتعامل مع هذه الخروقات، ونحن ننتظر خلال هذين اليومين القادمين تنفيذ تعهدات روسيا".
وتطرق البيوش لمسألة السياسي ومؤتمر الأستانة الذي تعهدت الفصائل والنظام السوري السوري بحضوه، وقال: "في حال ثبات وقف إطلاق النار، فسوف تكون هناك مفاوضات بناء على قرار مجلس الأمن 2254، وجنيف 1، والقرار 2336، وهذا يتطلب بعض الوقت، واما إذا استمرت الخروقات وفشل اتفاق وقف إطلاق النار، فلن يكون هناك مؤتمر أستانة"، وفق تأكيده.