نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلها في نيويورك سبنسر إكرمان، تتحدث فيه عن العلاقة بين الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد
ترامب والوكالات الاستخبارية الأمريكية، عقب أزمة
التسريب الأخيرة.
ويقول إكرمان إن "الهدنة بين الرئيس الأمريكي المنتخب والوكالات الاستخباراتية في بلاده قد انهارت، وتحول الوضع من نبرة محسوبة من الطرفين إلى حالة من الهستيريا، التي بدت في المؤتمر الصحافي للرئيس المقبل في نيويورك، حيث تهدد تعليقاته بتدمير علاقة الثقة مع مجتمع الاستخبارات، خاصة بعدما قارنها بالنازية في ألمانيا".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن ترامب اتهم هذه المؤسسات بالوقوف وراء تسريب "الملف القذر"؛ بغرض تدمير رئاسته في مهدها، وقال ترامب في مؤتمره الصحافي: "من يعلم، ربما كانت المؤسسات الأمنية" مسؤولة عن الوثيقة، ووصف في تغريدة قبل المؤتمر الصحافي الاستخبارات بأنها مثل ألمانيا النازية، قائلا: "كان عليها ألا تسمح بنشر الأخبار الكاذبة للرأي العام كطلقة أخيرة ضدي".
وتكشف الصحيفة عن أن مسؤولي المخابرات المخضرمين عبروا عن صدمتهم حول عودة الهجوم، الذي وصفه أحدهم بأنه "مفتوح، ولا عقلاني، وعدوان هستيري"، ويأتي عشية التأكيد على مرشح ترامب لتولي منصب وكالة الاستخبارات "
سي آي إيه" مايك بومبيو، فيما اقترح أحد المسؤولين السابقين استقالة موظفي الوكالة ممن لديهم وازع من ضمير.
ويؤكد الكاتب أن "الاستخبارات لم تقم بإعداد التقرير، ولا بتسريب معلوماته، التي لم يتم التحقق منها، والمعلومات التي يحتوي عليها يعرفها الجميع، وتم تداولها بين المؤسسات الإعلامية ولأشهر أثناء الحملات الانتخابية، ورفضت معظم هذه الصحف، بما فيها (الغارديان) نشرها حتى يتم التأكد من صحتها، وقال مسؤول الأمن القومي جيمس كلابر، بأنه أخبر ترامب بعدم ضلوع المخابرات بالتسريبات في بيان صدر عنه، وقال فيه: (أكدت أن هذه الوثيقة ليست نتاج المجتمع الأمني، ولا أعتقد أن التسريب جاء من داخله)".
ويلفت التقرير إلى عدم قيام أي مؤسسة إعلامية بنشر تفاصيل عن الوثيقة قبل قيام شبكة "سي أن أن" بنشر ملامح منها ليلة الثلاثاء، التي حصل عليها مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف بي آي" عليها من السيناتور الجمهوري عن ولاية أريزونا جون ماكين، وتم إخبار الرئيس باراك أوباما والرئيس المنتخب عن محتوياتها، مشيرا إلى أن ترامب نفى الاتهامات فيها.
وتورد الصحيفة أن النائب الديمقراطي عن أوريغان، وعضو لجنة الأمن في الكونغرس، وأحد أهم ناقدي عمليات التجسس رون هايدن، اعتبر أن نقد ترامب المتواصل وعداءه للأجهزة الأمنية "أمر خطير جدا"، وقال إن "الرئيس مسؤول عن القرارات الحيوية المتعلقة بالأمن القومي، بما في ذلك قرارات الذهاب إلى الحرب أم لا، التي تعتمد على جمع واسع للمعلومات، وتحليل منطقي يقوم به المجتمع الاستخباراتي، ويعد سيناريو يرفض فيه الرئيس تحليل المخابرات، أو على الأسوأ يقوم باتهامها، خطيرا جدا".
ويذكر إكرمان أن المحامية السابقة لدى "سي آي إيه" ولجنة الاستخبارات في الكونغرس فيكي دوفال، لا ترى أي فرصة للتقارب بين المخابرات والرئيس المنتخب، وتقول إنه "بعد الهجوم، والتقليل من العمل الشاق الذي تقوم به المخابرات، وقبول نتائجه على مضض، يقوم ترامب الآن برمي أسوأ لقب عليها، بمقارنتها بالنازية في ألمانيا، دون دليل، وعشية توليه السلطة"، وتضيف دوفال: "نواجه الآن خطر دخول مرحلة يمارس فيها الرئيس هجوما عدوانيا هستيريا غير منطقي ضد مجتمع استخباراتي مكون من 17 جهازا مفوضة بالحفاظ على أمننا".
ويعلق الكاتب قائلا إن "الهجمة الغاضبة لترامب تتناقض مع النبرة المعتدلة التي تحدث بها يوم الجمعة بعد لقائه مع كلابر ومدير (أف بي آي) جيمس كومي، ومدير وكالة الأمن الوطني مايك روجرز، ومدير (سي آي إيه) جون برينان، لمناقشة دور
روسيا في الانتخابات الرئاسية عام 2016، وكان ترامب قد تعامل مع المعلومات حول الدور الروسي بأنها عملية (تصيد)، وأشار إلى تقييم (سي آي إيه) الخاطئ عام 2002 حول ترسانة الدمار الشامل، التي زعمت إدارة جورج دبليو بوش أن العراق يملكها، وحذر كل من كلابر وروجرز من هبوط في معنويات العاملين في مجال الاستخبارات قبل تولي ترامب المنصب، وتحدث الرئيس المنتخب بعد لقائه مع المسؤولين، وعبر عن احترامه الكبير للعمل الذي يقوم به الرجال والنساء في المجتمع الأمني، واعترف ترامب لأول مرة في مؤتمره الصحافي بأن روسيا تقف وراء القرصنة على اللجنة القومية للحزب الديمقراطي".
وينقل التقرير عن مسؤول متقاعد، لم يذكر اسمه، قوله إن المجتمع الاستخباراتي يعيش مزاج "انتظر وشاهد"، خاصة أن خيارات ترامب لكل من "سي آي إيه" ومدير الأمن القومي بومبيو ودان كوتس تبدو منطقية، مضيفا أن تصريحات ترامب لم تساعد، لكن لا يوجد ما يشي أن هناك حملة استقالات جماعية، ويقول: "لا أحد يخطط للاستقالة أو القفز من الطابق السابع من بناية".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن الضابط المتقاعد من "سي آي إيه" غلين كارل، يرى أن الاستقالة هي الرد المنطقي على ترامب، حيث تواجه الوكالات الأمنية "أزمة وجودية"، نشأت بسبب منظور قريب لخدمة "رجل لا يرى في الحقيقة أمرا مهما".