دفعت سياسات
التقشف وخفض النفقات الحكومية التي انتهجتها المملكة العربية
السعودية، إلى توقف العديد من المشاريع العقارية، ودخول سوق
العقارات السعودية مرحلة ركود مصحوبة بتضرر القدرة الشرائية للمواطن السعودي، التي تضررت بسياسات التقشف وخاصة فيما يتعلق بقرارات تخفيض الحوافز المالية والمكافآت للعاملين في القطاع العام.
وأظهر تقرير المؤشر العقاري لوزارة العدل السعودية، أن مبيعات العقار في السعودية لسنة 2016 سجلت تراجعا بنسبة 23 بالمئة مقارنة بالعام 2015 لتبلغ 265 مليار ريال كما انخفضت الصفقات السكنية لنفس العام بنسبة تجاوزت 31 بالمئة لتبلغ 156 مليار ريال، في حين كان الهبوط في المبيعات التجارية طفيفا لا يتجاوز 8 بالمئة.
وسجل التقرير الحكومي انخفاضا في عدد الصفقات العقارية بالمنطقة الشرقية خلال العام الماضي 2016، بنسبة 25.5% بانخفاض 12,769 صفقة، كما سجلت قيمة الصفقات انخفاضا بنسبة 25.6% خاسرة 32,792 مليار ريال مقارنة بما سجلته المؤشرات في العام 2015.
وقالت صحيفة "فاينانشال تايمز"، إن المملكة تعتزم إلغاء مشاريع تبلغ قيمتها مليارات الدولارات ضمن إجراءات الحد من الإنفاق بهدف تقليص العجز في الموازنة تدريجيا حتى القضاء عليه بحلول العام 2020، وهو ما اعتبرته الصحيفة ضربة جديدة لشركات الإنشاءات وغيرها من الشركات التي تعرضت لضغوط مالية منذ أن بدأت الرياض إجراءات الحد من الإنفاق.
وقال رئيس مكتب السعودية لشركة الاستشارات العقارية العالمية "جونز لانج لاسال"، جميل حسن غزنوي، "في ظل ضعف قدرة المواطنين على تحمل تكاليف المساكن وضعف قوتهم الشرائية والآن مع انخفاض الرواتب (نتيجة خفض مزايا القطاع العام) نتوقع المزيد من الضغوط على قدرة تحمل تكلفة شراء مساكن بأسعار معقولة"، مضيفا: "الطلب كبير لكن السؤال هو: هل يمتلك هؤلاء الأموال اللازمة للشراء؟".
وتابع: "نتوقع في ظل انخفاض الرواتب أن يبدأ الناس في التحول من الشراء إلى الاستئجار وفي التحول من استئجار فيلا إلى استئجار شقة سكنية لحين توفير الأموال اللازمة لشراء الوحدات التي تقع في حدود إمكانياتهم".
وأكدت دراسة أجرتها شركة "فيثفول غولد" للخدمات الاستشارية، نشرتها الأسبوع الماضي، أن قيمة المشروعات الحكومية المعرضة للإلغاء هذا العام، لا تقل قيمتها عن 13.3 مليار دولار، في ضوء ما تتخذه الحكومة السعودية من إجراءات لمواجهة الضغوط المالية وإعادة ترتيب أولوياتها.
ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لقطاع العقار، بحسب بيان لوزير الإسكان السعودي، ماجد الحقيل، 128 مليار ريال "34,1 مليار دولار"، في حين تبلغ نسبة المساهمة النسبية لقطاع العقار في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة 4,9%، و8,3% من إجمالي الناتج المحلي غير
النفطي.
وتوقع رئيس اللجنة العقارية بغرفة جدة خالد الغامدي استمرار حالة الركود في مبيعات العقار في 2017، بنسبة لا تتجاوز 12 بالمئة مع إمكانية انخفاض أسعار الأراضي بين 10-15 بالمئة، بحسب صحيفة المدينة السعودية-.
وقال الغامدي إن العقار شهد في السنوات الأخيرة انخفاضا تدريجيا في مبيعاته السنوية بنسب متقاربة، متوقعا أن يكون 2018 هو عام التوازن، وألا تتجاوز الانخفاضات نسبة 3-5 بالمئة.
وأكد رجل الأعمال السعودي، عادل الدوسري، أن العديد من المشاريع العقارية توقفت بسبب عدم إقبال الزبائن، لافتا إلى أن حالة الركود العام التي تسيطر على السوق ستدفع بالمطورين العقاريين إلى مراجعة حساباتهم خلال هذه الفترة.
وقال الدوسري في تصريحات صحفية: "حتى المشاريع العقارية الجاهزة للسكن، حالها "يهش فيها الذباب"، وبلغ الأمر ببعض المستثمرين إلى اللجوء لتسويق مساكنهم تحت عنوان مغر "اشتر فيلا واحصل على سيارة مجانا"".