نشرت مجلة "موند أفريك" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن اختيار الإدارة الأمريكية الجديدة دعم رئيس جهاز
المخابرات الجزائرية السابق، محمد مدين، المعروف باسم
الجنرال توفيق، الذي ما زال تأثيره واضحا على أجهزة الأمن والمخابرات الجزائرية رغم ابتعاده عن الميدان.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن منزل الجنرال توفيق في منطقة حي الصنوبر الساحلية؛ تحول إلى مركز يستغله رئيس المخابرات السابق في عقد لقاءات سرية مع مسؤولين كبار في الجزائر.
وأكدت المجلة أنه منذ شهر أيلول/ سبتمبر 2016، فقد تحسنت علاقات توفيق بالحاشية المقربة من الرئيس الجزائري عبد العزيز
بوتفليقة، خاصة بعدما أزاح نهائيا من طريقه الأمين العام السابق لجبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، ليدخل بذلك الجنرال توفيق مرحلة مصالحة مع أقطاب قصر المرادية الرئاسي.
ومن جهة أخرى، أشارت المجلة إلى أن الشركاء الأمريكيين للجزائر؛ رحبوا بهذه المصالحة، وبالعودة القوية للجنرال توفيق للساحة الجزائرية، ما يؤكد أن إدارة البيت الأبيض الجديدة تنظر بعين الرضا إلى عودته.
وأكدت المجلة أن الإدارة الجديدة في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، التي أصبحت تحت قيادة الجمهوري مايك بومبيو، تعمل على قدم وساق من أجل ربط علاقات متينة مع جهاز المخابرات الجزائري الجديد.
وتجدر الإشارة إلى أنه مع نهاية شهر كانون الثاني/ يناير سنة 2016، عاشت الجزائر على وقع حل دائرة الاستعلام والأمن (المخابرات)، ليحل محلها جهاز استخباراتي جديد تحت مسمى دائرة الشؤون الأمنية. ومن جهتهم، استغل الأمريكيون هذا التغيير لإجراء محادثات ثنائية مع الجنرال توفيق الذي أبعد عن الجهاز.
ونقلت المجلة على لسان ضابط في جهاز دائرة الشؤون الأمنية، لم يتم الإفصاح عن اسمه، قوله إن "الجنرال توفيق يبقى شريكا محل ثقة بالنسبة للأمريكيين، فهو صاحب خبرة طويلة في المخابرات وشريك هام للولايات المتحدة".
وأضاف الضابط أنه "بالنسبة للأمريكيين، تمثل خلايا الجنرال توفيق الاستخباراتية جهازا مرعبا وفعالا داخل وخارج الجزائر، خاصة على الحدود مع ليبيا". وتقدر وكالة المخابرات الأمريكية جهود هذه الخلايا الجزائرية في كل من ليبيا ومالي وسوريا.
ونقلت المجلة عن الضابط ذاته؛ أنه "قبل رحيل توفيق عن دائرة الاستعلام والأمن، استطاع أن يجمع حوله حوالي 1200 عميل استخباراتي، حيث كان لخطابه الوداعي وقع في نفوس العملاء الاستخباراتيين الجزائريين، خاصة خلال تأكيده على الحفاظ على مصادر المعلومات، والعمل على حماية المخابرات من أي اختراق خارجي".
وتساءلت المجلة عما إذا كانت عودة الجمهوريين في الولايات المتحدة ستخدم مصلحة الجنرال توفيق في الجزائر. وفي الإجابة عن هذا السؤال، قال ضابط في الشرطة القضائية الجزائرية؛ قائلا: "طبعا، هذا أمر مؤكد. فالأمريكيون ما زالوا يتذكرون جيدا زيارة الجنرال توفيق لبلادهم سنة 2001".
وأشار ضابط الشرطة إلى سبب الزيارة تلك، حيث "قدم الجنرال تقريرا مفصلا لمسؤولين أمريكيين حول إمكانية تعرض الولايات المتحدة لهجوم إرهابي داخل أراضيها. ففي تلك الفترة، نجح عملاؤنا الاستخباراتيون في اختراق أجهزة الأمن في كل من أفغانستان والسودان، التي حصلوا منها على هذه المعلومات".
وأضاف: "للأسف، لم يول الأمريكيون تقريرنا الأهمية الكافية؛ قبل أن يتعرضوا لهجمات 11 أيلول/ سبتمبر".
وتحدثت المجلة عن أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، التي شكلت منعرجا تاريخيا في تمتين العلاقات بين كل من الجنرال توفيق وشركائه الأمريكيين والغربيين. وقد تأكد ذلك عندما زار الجنرال الولايات المتحدة للمرة الثانية على التوالي، تحديدا بعد مرور أشهر قليلة على 11 أيلول/ سبتمبر. وخلال هذه الزيارة، التقى الجنرال في واشنطن مسؤولين في وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه).
وذكرت المجلة أن التقاعد لم يثن الجنرال توفيق عن مواصلة عمله، حيث لا يزال يضطلع، بصفة سرية، بدور المستشار الأمني لدى الرئاسة الجزائرية. وقالت إن بوتفليقة يعلم جيدا أن تواجد توفيق داخل أروقة الساحة السياسية الجزائرية؛ يبعث برسالة طمأنة للعالم الغربي مفادها بأنه "لا خوف على الاستقرار الأمني والإقليمي".